الجزائر

بماذا تساومنا فرنسا؟



فرض الفرنسيون ''تقليدا'' جديدا في علاقاتهم مع الجزائر في السنوات العشر الأخيرة، ففي كل مرة يحلون فيها ضيوفا على الجزائر، لا يغادرونها إلا بعد أن ''يغرسوا الخنجر في الجرح''. ولا يلتزمون حتى بالتحفظ ''الدبلوماسي'' تجاه مستضيفيهم. وصارت هذه الزيارات تحمل كل مرة استفزازا للجزائريين. ومنذ أن وبّخ رئيس الجمهورية ''المجاهد''، الذي نصبه وزيرا للمجاهدين، الذي ''تطاول'' على صلاحيات الرئيس في نظر هذا الأخير، وعلق على تصريح للوزير الفرنسي الأسبق للخارجية، برنار كوشنير، صاحب نظرية ''واجب التدخل العسكري''، زاد الفرنسيون من ''جرأتهم'' تجاه الذاكرة المشتركة، وما اقترفوه طيلة 132 سنة من الوجود العسكري في بلادنا. ولم يعد الفرنسيون يستحون، وهم الذين كانوا يحملون عقدة تجاه الجزائر.
وصار الفرنسيون يمارسون ''نوعا من المساومة على الحكام الجزائريين''. فبعد حادثة الأمم المتحدة، عندما كانت الجزائر ''ضعيفة ومعزولة دوليا، ولا تملك موارد مالية، والإرهاب يضرب فيها في النهار''، حين رفض الرئيس الجزائري الأسبق مصافحة ومقابلة الرئيس الفرنسي السابق، عندما اعتبر أنه تدخل في الشأن الداخلي للبلاد التي كان يرأسها. حينها لم تسقط السماء على الجزائر، ولم ينتصر الإرهاب، وأحس الجزائريون حينها بأنهم جزائريون فعلا.
بعد تلك الحادثة دخلت الجزائر في مرحلة جديدة، ''مرحلة ارفع راسك يا بّا''. لكن في الواقع ماذا حدث؟ يحل فرنسيون ضيوفا عندنا، ويطلقون تصريحات ''مستفزة''. وهي ليست عادة الفرنسيين، المشهورين باللباقة والرقة. والمؤكد أنهم يتعمّدون ذلك، لأنهم يعرفون أنهم يمسكون بين أيديهم، وفي خزائن محفوظاتهم وبنوكهم وكذا سجلات حالتهم المدنية، قوائم من الأفعال، الأرصدة والأسماء، التي لو يكشفونها يعرف الجزائريون الذين يطالبون بالاعتذار، ويعتقدون أنهم مستقلون في بلادهم، لماذا قال وزير الخارجية الفرنسي إنه ''لا يجب اجترار الماضي والتوجه إلى المستقبل''. وماذا يعني بقوله إن ''فرنسا لن تتعهد للجزائريين بالاعتراف بجرائم الاستعمار''.
إن فرنسا الحالية ''تقود حربا في بلدان شقيقة'' ولا تستحي. وتركت ''خرابا في إفريقيا'' ولا تشعر بأزمة ضمير. فهل من المعقول أن تعترف بأنها ''قتلت'' في الجزائر. ومارس عسكريوها ''إبداعات'' في مجال الإبادة الجماعية. أليس سانت آرنو مؤسسا لمنهج ''الإبادة الجماعية'' فقد قتل حتى الدجاج والماعز في حربه على الجزائريين. أليس بيجو ''مؤسسا'' لنظرية ''المحارق'' في مستغانم. ألم يعترف أوساريس أنه حشد من أجل بقاء فرنسا في الجزائر آلاف الجزائريين في ملعب سكيكدة ورشّهم بالرصاص.
من الصعب على الجزائر أن تنتزع اعترافا من فرنسا بما اقترفته من جرائم، لأنها ببساطة تحتفظ بما تستطيع أن تواصل به هيمنتها على ''جزء مهم من الجزائريين'' الذين تعرفهم وتعرف جيدا أين يوجدون، وما يمكنهم أن يوفروه لها، وأحيانا أو غالبا، على حساب بلادهم.


lahcenebr@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)