اعتبر منسق المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني، عبد الرحمان بلعياط، النتائج التي خرج بها اجتماع المكتب مع نواب الحزب في المجلس الشعبي الوطني بمثابة انتصار لخياراته، مؤكدا في الوقت نفسه أنها ردّ على الأطراف التي هاجمته داخل الهيئة التشريعية. وقال بلعياط في حديث خاص مع "الأيام" في أزمة انتخاب الأمين العام إن الظروف لم تجتمع بعد لاستدعاء الدورة الطارئة، ولا يرى وجود مشكلة في استمرار الوضع على ما هو عليه ما دام الخلاف والانقسام لا يزالان سيدا الموقف، ولم يتوان عبد الرحمان بلعياط في تحميل الأمين العام السبق للحزب، عبد العزيز بلخادم، جزء من مسؤولية أزمة "الأفلان" بعد أن قرّر وضع مصيره في ميزان ثقة أعضاء اللجنة المركزية.أغلب القراءات لنتائج اجتماع المكتب السياسي مع نواب الحزب بالمجلس الشعبي الوطني ذهبت إلى التأكيد بأنها كانت انتصارا لشخصكم بعد الإبقاء على آلية التعيين في هياكل المجلس بدل الانتخاب على الرغم من التوجه نحو إحداث تعديل طفيف في القائمة الأوّلية. ما تعليقكم؟
قبل الكلام عن القرارات في حد ذاتها يجب التأكيد على أمر مهمّ وهو أن اليوم انتصرت عينُ الصواب لأن الاجتماع كان ناجحا بكل المقاييس من خلال اعتماد حرية الكلمة والتعبير والرأي في الأزمة التي تعيشها كتلة جبهة التحرير الوطني بعد كل الذي عرفناه من مسألة انتخاب الهياكل أو اعتماد مبدأ التعيين، ولذلك فإن ما تقرّر اليوم (السبت) يثبت أن الحق ظهر؛ الحقّ على حقيقته بدليل أن الكتلة اجتمعت بحضور 126 نائبا منهم 24 حضورا بالوكالة، وقد تناولنا خلال النقاش أكثر من 32 تدخلا دون تحديد الوقت ودون مصادرة موضوع النقاش، وتمّ ذلك بحضور المكتب السياسي بأكمله ما عدا تغيّب الأخ العياشي دعدوعة الذي يتواجد خارج العاصمة وكذا الأخت حبيبة بهلول المتواجدة في مهمة خارج الوطن، إذن فإن كل المكتب السياسي حضر الاجتماع وسمع ما قاله النواب فيما يخص هذه الكتلة والهياكل، والحمد لله كانت النتيجة إيجابية وليس عليها غموض وبالتالي كل الشفافية والحرية.
ما حصل الآن هو أن الكتلة قالت كلمتها بوضوح تجاه ما كان مقررا من تعيينات كما أنها حدّدت مقاييس يتوجب احترامها في القائمة النهائية التي سيقوم المكتب السياسي باختيارها ووضع الثقة فيها، ومن بين هذه المقاييس اعتماد مبدأ التناوب بالرجوع إلى التعيينات التي سبقت في السنة الماضية وأخذها في الحسبان، وبالتالي فإن التناوب سيكون المعيار الأساسي المعمول به في تولي مناصب المسؤولية في هياكل البرلمان حتى العام الأخير من العهدة التشريعية، وهذا تم الاتفاق عليه بوضوح بين المجتمعين.
وإضافة إلى ذلك هناك مقياس آخر يتعلق بعدم الجمع بين الوظائف الدائمة في المجلس الشعبي الوطني وبين المناصب المتاحة لحزب جبهة التحرير الوطني في الهيئات البرلمانية الدولية، زيادة على معيار الكفاءة والمؤهلات، فالمناصب في رؤساء اللجان ونواب رئيس الغرفة السفلى للبرلمان وغيرها تتطلب مهارات وكفاءات لا بدّ أخذها بعين الاعتبار وكل اللجان تحتاج إلى هذه المهارات، إذن كل هذه الجوانب يُضاف إليها المسار الحزبي الأصيل لأن القيم والمثل داخل الحزب تعطي اعتبارا هاما لمسار المناضل مهما الوظيفة التي تسند إليه، كما أخذنا ضمن المقاييس التي طرحتها الكتلة وصادقت عليها دون أي اعتراض بتوزيع هذه المناصب بكل إنصاف على المناطق وحتى المحافظات، والحمد لله أظن أن هذا هو الجواب الأمثل لمن كان يحرّض على المقاطعة، وبعد الاتفاق الحاصل سيعكف المكتب السياسي على مراجعة القائمة التي أعددناها ومن ثم تطبيق كل هذه المقاييس.
بعد تفويض المكتب السياسي بتحيين قائمة التعيينات الأوّلية بدأ الحديث عن إمكانية تعيين رئيس جديد للكتلة البرلمانية يكون من منطقة الشرق مراعاة لمبدأ "التوازن الجهوي" وكذا ترقب إبعاد أسماء أخرى. هل يعني أن القائمة الجديدة جاهزة؟
هذا المسألة موكلة إلى المكتب السياسي الذي أصبح مطالبا الآن بتطبيق هذه المقاييس وإسقاطها على التعيينات المرتقبة، وعليه سيجتمع خلال الأيام القليلة المقبلة وتطرح أمامه كل هذه الملاحظات الموجودة لمراجعة بعض الأسماء. نحن لدينا قائمة قرّرتها أنا شخصيا بعد استشارة الوزراء والإخوة أعضاء المكتب السياسي، وقد أعددنا قائمة لأناس شغلوا مناصب مسؤولية سابقا، حتى الآن إذا كانت القائمة التي وضعناها فيها بعض النواب الذين سبق لهم تولي مناصب المسؤولية في هياكل المجلس الشعبي الوطني فإنها لاشكّ بأن المقاييس التي حدّدناها في اجتماعنا مع نواب الحزب ستطبّق عليهم بكل وضوح وشفافية.
حتى الآن لا يمكن الحديث عن الأسماء التي ستبعد وتلك التي ستعيّن لأننا الآن مطالبون كمكتب سياسي بتطبيق المقاييس التي صادق عليها نواب الكتلة بالأغلبية، وبالتالي من موقعي منسقا للمكتب السياسي ليس لدي تفضيل ولا صلاحيات لفرض هذا النائب أو ذاك، وإنما دوري هو أن أستمع إلى المكتب السياسي وهو يناقش المسألة بحسب المقاييس المحدّدة، صحيح أنني أترأس المكتب السياسي لكن أجدّد التأكيد بأن دوري ومهمتي هو أن أسهر قبل الآخرين على احترامها وتطبيقها بحذافيرها. وبناء على ذلك سيتمّ الحسم في التعيينات قبل 2 سبتمبر تاريخ تحديد القائم، وقبل هذا التاريخ سيكون المكتب السياسي قد ناقش وتداول وضبط القائمة التي سنعلم بها الجميع ويتم تبليغها مباشرة إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني.
لكن هناك مخاوف من إمكانية تصعيد في الموقف ضدكم وضد المكتب السياسي من طرف النواب الذين قاطعوا اجتماع السبت وفي مقدّمتهم الطاهر خاوة ومحمد جميعي اللذان يتهمانكم بالسطو على الحزب وصلاحيات الأمين العام؟
فيما يتعلق بكل هذه التهم الملفقة أعتقد بأنني لست في حاجة للردّ على هؤلاء الذين يطلقون هذه الاتهامات، وأنا غير مستعد لأضيّع وقتي أكثر في الردّ على هذه المهاترات، وما تمخّض من اجتماع اليوم (السبت) من نتائج هو في اعتقادي أحسن ردّ عليهم من طرف كتلة الحزب، هذا يؤكد أكثر من أي وقت مضى بأنني لم أسطُ على الصلاحيات وإنما الحاصل هو أن الشرعية تأكدت اليوم بل وتدعّمت، ومن يقول العكس فإن له مآرب وخلفيات أخرى وهذا أمر لا يضرّني لأنها اتهامات لا أساس لها من الصحة، وأريد التذكير بأن الأشخاص الذين يقولون هذا الكلام ويكيلون لي كل هذه التهم هم أنفسهم من جاؤوني من قبل وطلبوا مني اعتماد التعيينات وأنهم سينفذّون ما سيتقرّر لكنهم اليوم يقولون عكس ذلك، وهذا ليس من فراغ ومنقول عبر الجرائد، وهذه التفاهات لن أردّ عليها أكثر لأنها مجرّ كلام فارغ، فهدفي السير بالحزب إلى الأمام وقوتي هي انسجام المكتب السياسي وفي انسجام الكتلة.
في المقابل هناك اتهامات وجهت لشخصكم بعرقلة استدعاء الدورة الطارئة للجنة المركزية، فرغم مرور سبعة أشهر من سحب الثقة من عبد العزيز بلخادم إلا أن الوضع يُراوح مكانه في جبهة التحرير الوطني. لماذا أنتم غيرُ مستعجلين في تجاوز أزمة القيادة بعد مرور كل هذا الوقت؟
نحن لسنا ذاهبون نحو دخول مدرسي، القول بأننا لسنا مستعجلين باستدعاء الدورة الطارئة للجنة المركزية يعني بأننا متراخون ومتهاونون، وهذا أمر غير صحيح. لو تكون هناك بوادر إيجابية مثلما حصل مع كتلة الحزب بالبرلمان فإنني سأستدعي الدورة ابتداء من اليوم، الحاصل أنه ليست هناك ثقة من طرف للجنة المركزية في المكتب السياسي والمنسق. يجب أن يعلم الجميع بأنني لا أسيّر في ورشة وإنما أنا أسيّر في حزب صاحب السلطة وفي حزب يعتمد عليه رئيس الجمهورية، وحزب تعتمد عليه الحكومة التي تتمتع بالشرعية والمصداقية لأن لديها أغلبية تساندها وتدعمها.
كما وجب التذكير كذلك أن عبد العزيز بلخادم عمل بمجرّد انتخابه على رأس الحزب في المؤتمر التاسع في 2010 على تعيين أعضاء المكتب السياسي، وعندما أعلن عن قائمة الأسماء خرج ضدّه عدد من أعضاء اللجنة المركزية، وقد صبرنا وصبر بلخادم على هؤلاء وبعد عامين توسعت المعارضة بعد إقرار القيادة الترشيحات للانتخابات التشريعية الأخيرة، وبالتالي فإنني من موقع المسؤولية التي أضطلع بها الآن أقول بأنني لست هنا لإرضاء فلان أو علان وإنما أنا هنا لإرضاء الحزب دون غيره.
وزيادة على ذلك وردّا على سؤالكم أؤكد أن جبهة التحرير الوطني تسير بشكل طبيعي، فغياب الأمين العام لا يعني غياب القيادة أو أن الحزب بدون رأس، القيادة موجودة والدليل هو وجود المكتب السياسي الذي يسيّر شؤون الأفلان منذ سبعة أشهر، فهل هناك ملف أو مسألة تأخّرنا عنها في السياسة الخارجية أو السياسة الداخلية أو العمل التشريعي؟ الجواب هو العكس، فقد اتخذنا مواقف سياسية في الكثير من الميادين طيلة هذه الفترة، ولذلك أجدّد التأكيد بأن للحزب رأس وهو اللجنة المركزية والمكتب السياسي.
لكن الصحيح هو أنّ رأس الحزب يبقى في وجود الأمين العام وهذا ما يعني أن حزبكم يوجد في وضع غير طبيعي. أليس كذلك؟
صحيح أننا نحتاج إلى أمين عام بالنظر إلى السلم التراتبي للحزب لكن نحن مجبرون على تسيير الموقف إلى حين توفر الأجواء المناسبة لعقد دورة اللجنة المركزية، وهنا أودّ أن أشير إلى أننا قلنا للأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم بأنه منتخب لمدة خمسة أعوام وعليه الاستمرار في منصبه إلى حين انتهاء ولايته، كما نصحناه بعدم الذهاب لوضع ميزانه في الثقة خلال دورة اللجنة المركزية الأخيرة، وقلنا له ليس لديك الحق في هذه الخطوة، وما حصل أنه داس على القانون وها نحن نحصد النتيجة.
لماذا وضعنا المادة التي تنصّ على أن الأمين العام للحزب منتخب لمدة خمس سنوات؟ لقد وضعناها لكي لا نسقط في مثل هذه المطبات، فعندما لا يكون لدينا أشخاص مسؤولون فإننا في كل أشهر نسقط في مثل هذه المطبّات، فالانضباط الذي كان في عهد الحزب الواحد زال، والتعدّدية هي من أفسد هذا الانضباط في جبهة التحرير الوطني إلى درجة أصبح في الحزب دخلاء يفرضون السلوكات الطائشة في الأفلان سواء في البرلمان أو غيره.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/08/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : زهير آيت سعادة
المصدر : www.elayem.com