الجزائر

بلاد سايبة !



 هل تعرفون الفرق بين الإدارة والتصرف؟
أنا شخصيا لم أكن أفرق بين المصطلحين أو التعبيرين إلا عندما قرأت ''طبائع الاستبداد'' للكواكبي.
الكواكبي يرى أن الإدارة هي العقلانية والقانون، وواضح أنه أخذ ذلك من المعاني التي يعطيها ماكس فيبر للإدارة أو البيروقراطية، ويرى أن التصرف هو العمل وفق هوى، كأن نقول تصرف بهوى أو على هواه.
وطبقا لهذا التمييز الرائع يمكن أن نقول بيسر إننا ما زلنا نعيش التصرف في شؤوننا العامة على هوى من هم في السلطة.
يضعون الدستور ثم يعدلونه المرة تلو المرة بتصرفات تحكمها رغبات سلطوية حينا وذاتية حينا آخر. يتخذون قرارات خوصصة تضيع على الدولة وخزينتها المليارات من الدولارات، ثم يأتي قرار آخر يعترف بأن التصرف كان خاطئا، ولا يحدث أي شيء، لا يحاسب أحد ولا يستقيل مسؤول ولا يحاكم ولا هم يحزنون. إنها ملكية البايلك التي يجوز نهبها.
أما ما يخص التصرفات السلطوية تجاه المواطنين فحدث ولا حرج. كم أعداد الجزائريين من الذين أسكنوا في ''براكات'' بعد زلزال أو بعض فيضانات، ووعدوا بأنهم سيُرحّلُون قبل وصول فصل الشتاء ودام الأمر عشر سنوات، وربما أكثـر، ولم يتم إسكانهم في سكنات لائقة حتى اليوم، وكم من الشباب مسجل في مكاتب تشغيل الشباب وفي انتظار منصب عمل بمقابل لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يوفر بالخصوص الكرامة المادية على الأقل، ومع ذلك فمئات الآلاف وربما الملايين منهم ما زالوا ينتظرون.
وكم من الجزائريين سمع عن إنجاز مليون سكن في السنة الواحدة وكم من الجزائريين المحتاجين للسكن حصل على سكن؟
بالمقابل كم من الميارات نهبت أو ذهبت في أعمال فساد، وكم ضاع من مليارات التهرب الجبائي والتهرب من الرسوم الجمركية لكبار المستوردين الـ15 كما قال رئيس الجمهورية وكبار التجار المحتكرين لقوت الجزائريين، وكم هي المبالغ التي هربت خارج البلاد؟
وكما يقول المثل الشعبي: ''المال السايب يعلم السرقة''. الكثيرون يرون أن البلاد كلها سايبة، فكم ستكون كلفة غياب الحرية والديمقراطية؟ أكيد مصير أجيال.


mostafahemissi@hotmail.co


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)