الجزائر

بقي مجرد وظيفة ولم يرتق إلى مستوى سلطة تشريعية برلمان الجزائر ''ما يصك ما يحك ما يفك''



 لم يترك عبدالقادر بن صالح فرصة اختتام الدورة الربيعية للبرلمان دون توجيه امتعاضه من أداء الغرفة السفلى، وهو مؤشر كافٍ لوحده للتعبير عن أن المجلس الشعبي الوطني لم يعد يعجب حتى المنتسبين إليه، فما بالك بالجزائريين الذين فضلوا البكاء بعيدا عن أسواره، أمام قصر المرادية أو في ساحة الشهداء أو في ساحة الوئام، لأنهم مقتنعون بأن برلمان زياري ما يصك ما يحك ما يفك . وبين مطالب أحزاب المعارضة بضرورة حله ومطالب بن صالح بتمكين مجلس الأمة من صلاحية تعديل القوانين، بقيت الهيئة التشريعية في الجزائر وظيفة ولم ترتق قط إلى مستوى السلطة التشريعية.

رغم رفضه انتخابات مسبقة
بوتفليقة ينتزع شرف التعديل الدستوري المعمق من البرلمان الحالي

 رمى الرئيس بوتفليقة، إجراء تعديل الدستور إلى برلمان 2012، بدلا من البرلمان الحالي الذي منحه صلاحية التعديل 2008، في قرار يؤشر على أنه رفض إسناد التعديل المعمق لبرلمان عاجز عن بلورة دستور في مستوى طموحات الشعب. يؤكد رفض الرئيس بوتفليقة منح شرف تعديل جذري للدستور للنواب الحاليين، على ثقته بأن البرلمان بتركيبته الحالية، فاقد لأهلية خوض غمار الإصلاح، وفقا للأهداف التي حددها ووعد بها الشعب، شهر أفريل المنصرم، وفضل انتظار برلمان بحلة جديدة موسومة بمصداقية قد تحققها تشريعيات .2012 ويكون القاضي الأول في البلاد، ورغم معرفته المسبقة بشلل البرلمان الحالي، قد تأكد فعلا، بأن إسناده التعديلات المعمقة للدستور، بمثابة انتحار، حذرت منه أطراف سياسية عديدة، بعدما تعالت أصواتها لتطالب، ليس فقط بانتزاع تأشيرة التعديل منه، ولكن بحله نهائيا وانتخاب مجلس حقيقي يكرّس الإرادة الشعبية في جوهرها. وتبين أن الصلاحية التي حازها النواب الحاليون، بتعديل طفيف للدستور العام 2008، أملاها ظرف سياسي دفع النظام إلى التعجيل بفك رباط العهدة الواحدة القابلة للتجديد من خلال فتح العهدات الرئاسية، والترخيص للرئيس بوتفليقة الترشح لثالث مرة. أما خارج هذا الرهان، فلا يحظى برلمان رخّص لاستيراد الشيفون، لاحقا، بتأييد الرئيس.
رغم ذلك، تفادى بوتفليقة مطلب الانتخابات البرلمانية المسبقة، وآثر اكتمال العهدة التي لم يتبق لها سوى أشهر قليلة، حتى لا يعطي الانطباع بأن الجزائر فعلا في أزمة سياسية، وأي أزمة تتطلب انتخابات مسبقة؟ بينما اكتفى بإسناد قوانين الإصلاح إلى هيئة زياري، على الرغم من أهميتها أيضا، ورفض أحزاب وشخصيات أن يتولى البرلمان الحالي بلورتها. لكن الانشغال الذي طرح، أظهر الرئيس أنه ليس مشكل، طالما أنه يدرك أن الشاكلة التي تكون عليها القوانين، تحددها لجنة مختصة، قد تضبطها على مقاس التعديل الدستوري، أما النواب فمهمتهم لا تزيد على المصادقة، ربما، دون مناقشة، لأنه يعلم أن الشعب لا يثق في نواب، لم يحظ الكثير منهم باختياره، بموجب انتخابات ضخمت نتيجة المشاركة فيها.

على النقيض

  بلعياط يشرح رفض الأفالان حل الغرفتين النيابيتين
المطالبون بحل البرلمان يشتركون معه في نقصان الشرعية

 ذكر عبدالرحمن بلعياط، قيادي جبهة التحرير الوطني، بأن الأحزاب الممثلة بالبرلمان التي تطالب بحله بدعوى أنه فاقد الشرعية، تشترك معه في نقصان الشرعية . ولا يجد الأفالان، حسبه، ما يمنع قانونا وسياسيا أن يناقش البرلمان في الفترة التشريعية الحالية، القوانين المدرجة في الوعود بالإصلاح السياسي.
ويشرح بلعياط موقف حزبه في لقاء مع الخبر كالآتي: فيما أعلم لا يوجد نص قانوني يحدد سقفا معينا لنسبة التصويت، حتى يمكن الحكم على برلمان منتخب بفقدان الشرعية. لكن هذا لا يمنع من يرون بأن البرلمان الحالي منقوص شرعية، أن يعبروا عن رأيهم.
والمهم من كل هذا أن 4/5 العهدة انتهت زيادة على وجود 21 حزبا بالمجلس الشعبي الوطني الذي تملك المعارضة صوتا فيه، والإدلاء بالصوت المعارض في المجلس يعطيه شرعية . وأوضح بأن البرلمان الحالي لم يتخلف عن أداء واجبه، فكل مقترحات الحكومة عالجها في وقتها، وأدت الغرفتان وظيفة الرقابة والتحقيق، وكل يوم خميس هناك أسئلة شفوية تطرح على الوزراء ونحن نعلم بأن هناك لجنة تحقيق في أحداث جانفي الماضي. وخلال مناقشة نصوص القوانين ظهر أن النواب ليسوا كلهم موافقين على أداء الحكومة، والخلاصة أنني أريد أن أجد ما ينقض شرعية هذا البرلمان لتبرير حله . ويرى وزير التجهيز سابقا، أن تقليص عهدة البرلمان الحالية لا يمنعها الدستور إذ يمكن أن يطرأ على أوضاع البلاد ما يستدعي التقليص. والتقدير في حالة كهذه يعود إلى الرئيس مع استشارة الأطراف التي ينص عليها الدستور، ولكن ينبغي أن تتوفر مبررات قوية وإلا سنكون أمام مجازفة لأن نتائج الانتخابات التي ستنظم غير مضمونة، بمعنى قد نواجه أغلبية تزيد من التأزم. أما في وضعنا الحالي فلسنا أمام سيناريو يفرض علينا تقليص العهدة.
ويدعو بلعياط إلى ضرورة أن يلعب البرلمان دوره حتى نهاية عهدته، وتفادي أن يترك الانطباع بأنه في عطلة خلال الفترة التي تسبق النهاية الرسمية لعهدته. والنصوص التي سيدرسها ويصادق عليها ضروري أن لا تتعارض مع الدستور الذي هو المرجع، فإذا تغيّر المرجع بعد 2012 ستتغير هذا النصوص. لكن في اعتقادي سوف لن يحيد الدستور المرتقب عن مرجعية دستوري 1989 و1996، ولكن سيأتي حتما ببعض التحسينات .

 ربيعي يؤكد أن البرلمان الحالي ينفذ أوامر السلطة ولا يخدم مصالح الشعب
عدد كبير من النواب هم هدايا وصدقات من السلطة لبعض الأحزاب

يعتقد الأمين العام للحركة فاتح ربيعي، في تصريح لـ الخبر ، أن مطالبة النهضة بحل البرلمان تتأسس على معطيات واقعية تتكرس من خلال المصداقية التي يفتقد إليها المجلس الشعبي الوطني وعجزه المفضوح عن تأدية دوره السياسي والتشريعي وانفلات عقد رقابته على الحكومة ، مشيرا إلى أنه على العكس من ذلك، وعوض أن يكون هو المراقب والمحاسب للحكومة، تحوّل البرلمان إلى أداة طيّعة في يد الجهاز التنفيذي الذي يوظفه لتمرير مشاريع القوانين والنصوص . وأضاف ربيعي أن البرلمان مهمته الأساسية تشريع القوانين بما يخدم الشعب ويعبر عن طموحاته، كونه نابعا من الشعب، لكن البرلمان لم يعد كذلك. ولذلك فمادام فقد مهمته الدستورية ولم يعد قادرا على أدائها، فزواله أحسن من بقائه، على اعتبار أن وجود برلمان بهذا الوضع الهش يمكن أن يشكل خطرا على الدولة ومصالح الشعب، من حيث عدم قراءة القوانين بالشكل المطلوب وعدم مساعدة الحكومة في تقييم الأوضاع والحالات التي تستهدفها هذه القوانين . واعتبر ربيعي أن البرلمان الحالي لا يملك الشرعية التي تتيح له مناقشة مشاريع القوانين الستة المتعلقة بالإصلاحات السياسية والإشراف عليها، وهي قوانين الانتخابات والأحزاب وترقية مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة وحالات التنافي مع العهدة البرلمانية والإعلام والولاية. وأشار إلى أن البرلمان العاجز والفاشل في تأدية دوره التشريعي، لا يمكن أن يكون في مستوى الإشراف على هذه الإصلاحات التي يراد لها أن تصنع المستقبل للجزائر، ولذلك طالبنا بتعويضه ببرلمان قادر على تأدية هذه المهمة .  وبرر ربيعي تمسك السلطة ورفضها الاستجابة لمطالب عدد من الأحزاب، بـ استسلام البرلمان الحالي لأوامر السلطة وتنفيذه لكل المهمات المطلوبة منه. أكثر من ذلك، فإن عددا مهما من أعضاء البرلمان هم هدايا وعطايا الإدارة وصدقات السلطة لأحزاب معينة، بسبب غياب الشفافية وتزوير الانتخابات.

  المعارضة طالبت بحله اليوم قبل الغد والأفالان الوحيد من شكره
برلمان زياري تجاهلته الأغلبية الشعبية ورفضته الأقلية الحزبية

ما زالت لعنة ضعف الشعبية تطارد المجلس الشعبي الوطني، فلا رئيس مجلس الأمة مقتنع به، ولا أحزاب المعارضة معجبة به، وهي التي طالبت بحله اليوم قبل الغد، ولم يعد يحظى بثقة سوى الحزب صاحب الأغلبية الأفالان .
وقف حزب جبهة التحرير الوطني لوحده مدافعا عن الغرفة السفلى للبرلمان، أمام، تقريبا، شبه إجماع لأحزاب المعارضة المطالبة  رئيس الجمهورية بحل هذه الهيئة التشريعية التي تحولت، مثلما بررت المعارضة مطلبها، إلى مجرد صندوق بريد لاستقبال مشاريع الحكومة ليس إلا. لكن غضب المعارضة على البرلمان، يعود في المقام الأول لعدم قدرة هذا الأخير على الحفاظ على حقوق الأقلية من هيمنة الأغلبية.
وحتى الأفالان في دفاعه عن هيئة زياري، لم يتحدث عن مردودها بقدر ما برر رفضه الحل، لكونه لا يريد تضييع الأغلبية التي يتوفر عليها، وهو بالتالي دفاع عن مصلحة حزبية أكثر منها شيئا آخر. بدوره وقف شريكه في التحالف الأرندي ضد مطلب الحل، من باب أنه لم يعد يفصلنا عن تشريعيات 2012 سوى أقل من سنة، وهو بالتالي وقت ليس طويلا يمكن انتظاره ولا داعي لإجراء انتخابات مسبقة، متمنيا ضمنيا أن يحظى المجلس المنتخب المقبل بالمصداقية المطلوبة حتى تتسنى له دراسة ملف التعديل الدستوري القادم، وفي ذلك اعتراف بأن برلمان زياري يعاني من ضعف لازمه منذ ولادته.
ويكون مطلب رئيس الجمهورية بإعداد قانون لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية، أحد الحلول المقترحة للحيلولة دون تكرر تجربة مثل هذا البرلمان الذي يتهم حتى من طرف نوابه بـ الشكارة و شراء الذمم ، ما انعكس سلبا على أداء المجلس الشعبي الوطني الذي فشل كليا في تأطير النقاش الجاري في الشارع واحتوائه ضمن مؤسسات الدولة، وهي غاية كل برلمانات العالم. لقد ظل المجلس الشعبي الوطني على هامش مختلف الأحداث التي عرفتها الجزائر، خصوصا ما تعلق بقضايا المواطنين واحتجاجاتهم الاجتماعية، إلى درجة أنه بالرغم من السلطة التشريعية التي يتمتع بها، فإن الجزائريين كانوا يتوجهون بمطالبهم إلى السلطة التنفيذية، خصوصا الرئاسة، دون الذهاب إلى البرلمان الذي من المفروض أنهم انتخبوه، وفي ذلك أكثر من رسالة على أن الشعب لا يثق في ممثلي الشعب .
 ويعود ذلك لأسباب كثيرة، منها أن البرلمان الحالي مارس الوظيفة التشريعية ولم يمارس قط السلطة التشريعية، بدليل عدم تمرير خلال 5 سنوات، أي مقترح قانون من بنات أفكار نوابه.

مواطنون قالوا عن ممثليهم في البرلمان
لا نعرف عن النواب إلا أجورهم

حكيم حمود ـ موظف
  قبل أن نتحدث إن كنت راضيا عن عمل النواب، أتساءل هل تمكنت من رؤية أحدهم أمامي حتى أبلغ له انشغالاتي ومشاكلي؟ . يجيب نفسه طبعا لا، هذا لم يحدث وبالتالي إن كنت راضيا أو لا فهذا لا يهم .

سليم خالد ـ صاحب مقهى
 قال إنه لم يهضم فكرة أنه يفتح مقهاه في الرابعة صباحا ويظل بها ليوم كامل، ويكاد لا يوفر حاجاته اليومية، بينما يتقاضى النائب 30 مليون سنتيم، من أجل لا شيء . ويتساءل ما الجدوى من برلمان في الجزائر.. يجب حله وعدم استخلافه، لأنه تبذير للأموال فقط والأحق للمواطنين أن يستفيدوا من تلك الأموال في بناء مشاريع .

سعيد. ب ـ طالب جامعي بكلية العلوم السياسية
 من المفروض أن يقدم النواب لشعبهم ما يشفع لهم، لكن ، مثلما قال هؤلاء لا يتحملون كامل المسؤولية، لأن السلطة أرادت أن يكون دورهم رفع الأيدي فقط . ويضيف بأن النواب أصبحوا مستخدمين إداريين عند الحكومة، التي تشرع لهم وهم يصفقوا والعيب فيهم لأنهم قبلوا هذه المهمة القذرة على حساب مصالح من يفترض أنهم انتخبوهم .

شادية ـ موظفة
  أرى بأن نواب الشعب أو نواب الأمة غير جديرين بهذا الاسم تماما ولا أريد أن أعمم، فقد تكون هناك قلة قليلة ممن ينطبق عليهم ذلك. لكن النتيجة أن الدور المنوط بهم في البرلمان غير مضمون من طرفهم تماما، لأنهم لا يراقبون الحكومة في طريقة صرفها لأموال الشعب ولا حتى يطرحون انشغالاته الحقيقية أمام الوزراء، بل كل ما يقومون به هو التزكية والمصادقة، حتى أن رفع أجور العمال والموظفين، ليسوا هم من طالب بها، بل العمال أنفسهم بعد الاحتجاجات .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)