و كأنها تخضع لأجندة مدروسة صادرة مباشرة من مخبر التجارب في الوقت المناسب من حيث طبيعة و عدد المطالب، قدر لكرتنا المنكوبة أن يحين دورها و تنال قسطها من العيش تحت وطأة "إرهاب" بغطاء عنف الملاعب.. و بدون وعي، البعض يريد زرع بذور الفتنة بين أبناء الوطن الواحد بعدما وحدتهم عديد الضربات بأخطر المخالب و عبثا بقصد أو بدونه، البعض الآخر بمشاعر و حساسية الأبرياء يتلاعب، و عوض محاولة إرساء أواصر التقارب بين من كانوا عرضة ل"إرهاب الملاعب" بقدر كل ما سببه للجميع و بخاصة لقوات الأمن من متاعب !هل كان من الأجدر علينا طرح السؤال التالي : هل العنف يوجد فقط في الملعب ؟ الإجابة بكل تأكيد ستكون ب "لا"..
لأنه و بعيدا عن كل ما يؤدي للغة الخشب، لا يجب أخفاء الحقيقة والتي مفادها أننا نعيش العنف في يومياتنا في كل مكان بحسب الطلب.. بداية من البيت، ثم في كل أطوار التعليم من المدرسة، المتوسطة، الثانوية، وصولا إلى الجامعة..ثم في العمل، في المستشفى، في الطريق، وحتى في كل وسائل النقل [سيارة الأجرة، الحافلة، القطار، الطائرة، الباخرة].. وصولا إلى داخل المسجد و برغم حرمته و قداسته، فيظهر للعيان بل يلاحظ بداخله و في ضواحيه العديد من مظاهر العنف و التطرف !
فكل فرد ممن سبق ذكرهم و من المنبر المتواجد به، و من باب الترفيه و الترويح عن نفسه فأغلبهم من تغص بهم الملاعب، علما أن الملعب هو الملاذ لذلك و بمستوى غير متناسق، و لندرة ما وجد من مرافق، تجد على مكان شاغر يتسابق، ثم بتطور الأمور حسب نتيجة المباراة من باب الإيجاب يتعلق فبالحجر و المقذوفات يتراشق.. فقليل منهم و بينهم من حتى بعد نتيجة سلبية يتعانق..
إذا الملعب يجمع كل أطياف المجتمع و لكل مناحيه ليعبر عما يختلج من داخله فردا لتتأثر به الجماعة و هنا البعض لا يحتاج إلى ولاعة، خاصة إن كان ذو نفس طماعة..
هنا يستقر بنا المقام ليجرنا لمنطق ثقافة تقبل الهزيمة و ترك الغنيمة بعيدا عن مخلفات ما نشر سلفا من نميمة بطرق ذميمة..
حتى و إن كان المرء ذو طبع هادئ و مسالم، فسرعان مال تجده يتحول من حال إلى حال بمجرد استمالته نحو مستنقع التصادم..
بعض خبراء علم الاجتماع أرجعوا هذا التصرف العنيف لعديد الأسباب الاجتماعية التي عاشها الفرد في صباه أو شبابه أو حتى صدمات لحقت به .. و لكن شباب اليوم لم يكن شاهدا على سنين المأساة الوطنية و ما خلفته في مخيلة كل من عايشوها.. فمن أين تلك الضغينة و تلك الوحشية التي نلمسها من تصرفات البعض منهم علما أن أكبرهم لا يتجاوز العقدين من العمر ؟؟
و لو رجعنا لزمن ليس بالبعيد، الكثير منا كان يتباهى بالصور التي تنقل عبر الشاشة الصغيرة من عدة ملاعب و طالبنا بحسن تسويقها للخارج، لأنها كانت لوحات بديعة رسمها من غصت بهم المدرجات حتى صرنا نؤكد لغيرنا أن أحسن مشاهد المباراة كانت التي نسجت على المدرجات..لكن هيهات..هيهات !
ثم لنتكلم على منابر الفتنة التي تمثلها بعض الجرائد الصفراء و بعض القنوات لأنها تفتح صدر صفحاتها و اسيديوهاتها لكل من هب و دب لزرع ما بداخله من حقد و نكد ليثور الوالد على الولد ليتحطم الجسد و تلتهب النيران داخل البلد. هذا كله وراءه.. مجرد جلد !!
و لأن العنف بكل أشكاله المعبر عليها في الملاعب بخطر محدق محموم و قدر محتوم و بمختلف صوره البشعة الكل مصدوم.. لذا اللوم كل اللوم يقع على كل من لم يقم وعلى كل المستويات من سلطة رياضية و إدارية و أمنية و أخيرا من الضبطية القضائية بمسؤوليته كاملة أو لم يكن على قدر كاف من المسؤولية بالصرامة المطلوبة بالحنكة المرغوبة قصد رفع الغبن و القهر والهموم بما يتطلبه الظرف و اللزوم..
الردع بالقانون و إلزام قصري في السجون حتى لو بكت أم حنون يبقى البلسم و كل المضمون لكبح ما تعيشه المدرجات من جنون و بتحطيم لكل شيء مقرون..و لله في خلقه شؤون.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/04/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجمهورية
المصدر : www.eldjoumhouria.dz