الجزائر

بعد نصف قرن... اتفاقيات إيفيان أصبحت لاغية !



بعد نصف قرن... اتفاقيات إيفيان أصبحت لاغية !
ما زالت اتفاقيات إيفيان التي وقعتها الحكومة الجزائرية المؤقتة مع المستعمر الفرنسي والقاضية برحيله بعد 132 سنة من الاستعمار تثير جدلا كبيرا بعد 50 سنة من الاستقلال، فبعد الحديث عن وجود بنود سرية لم تكشف للرأي العام وأن النسخة الأصلية تحوزها السلطات الفرنسية وحدها، طفت إلى السطح جدلية أخرى تتعلق بالآجال القانونية للعمل ببعض البنود. هل ستبقى اتفاقيات إيفيان سارية المفعول بعد نصف قرن من الاستقلال أم أنها ستصبح في خبر كان؟ وهل حدد المفاوضون الجزائريون الذين أجبروا السلطات الفرنسية بين 1958 و1962 على الاعتراف بالحكومة المؤقتة، وانتزعوا ما استطاعوا من حقوق الجزائريين مدة زمنية لها أم أن الأمر لم يكن من الأولويات آنذاك؟ ما يجعلها بالمنظار القانوني صالحة لكل زمان، خاصة في حال رضي الطرفان، ففي وقت يرى فيه دكتور العلوم السياسية والأستاذ بجامعة الجزائر، عبد العالي رزاقي في تصريح لـ”الفجر”، أن اتفاقيات إيفيان التي أنهت الاستعمار الفرنسي في الجزائر ستنتهي مع الاحتفالات المخلدة لعيد الاستقلال الخمسين، وأن الجزائر ستتحرر من الاتفاقية، وهذا ما يجعل من السهل على الجزائر تجريم الاستعمار والمطالبة بالاعتراف بجرائمه في الجزائر، ومن ثمة حصول الضحايا على تعويضات كما تقتضيه القوانين، داعيا إلى التوجه إلى قانونيين لتسليط الضوء عليها، بينما رفضت إحدى القانونيات، والتي شددت على عدم ذكر اسمها هذا الطرح جملة وتفصيلا، لأنه لا يوجد نص قانوني يتحدث عن الآجال القانونية للاتفاقية ”أنا لم اسمع مطلقا أن الاتفاقيات ستنتهي بعد نصف قرن من الزمن وأتحدى أي سياسي أن يأتيني بنص قانوني صريح حول المسألة”.

فاطمة الزهراء حمادي

المحلل السياسي بن خليف عبد الوهاب لـ”الفجر”:

الباب مفتوح اليوم للمطالبة باسترجاع أرشيفنا من فرنسا

فتح ملف مرور خمسين سنة على استقلال الجزائر الباب على مصراعيه أمام الخبراء والسياسيين للتذكير بإمكانية استرجاع الحكومة للأرشيف الوطني خلال فترة الاستعمار الفرنسي بعد عقود من المطلب السياسي الذي يظل ”حجرة عثرة” في طريق عودة العلاقات بين الجانبين إلى سياقها الطبيعي.

وأوضح الدكتور بن خليف عبد الوهاب أن الجزائر في الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية المصادف لهذا اليوم الخامس من جويلية بمقدورها الاطلاع على الأرشيف الجزائري في فرنسا الذي فضلت باريس الاحتفاظ به كـ”ورقة مساومة وضغط” واليوم بعد مرور خمسة عقود كاملة، تضع الجزائر مطلب استرجاع الأرشيف الوطني في كفة واستعادة العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى ”سياقها الطبيعي” كما السياسيين الفرنسيين في كفة أخرى وذلك جراء الغموض الذي لا زال حاضرا في بعض الأحداث والوقائع المهمة في تاريخ الجزائر المحتلة طيلة 132 سنة.

ولا تقتصر المطالبة باسترجاع الأرشيف الوطني ”على الأوراق وتاريخ الإدارة، بل يمتدّ إلى المخطوطات والوثائق العلمية والقطع الأثرية التي نقلت إلى الخارج وإلى فرنسا بالذات”، فحسب المدير العام للأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي فإن الإلحاح في استعادة هذه الأرصدة ”لا يعتبر وليد وقت وجيز بقدر ما يعود إلى بداية الاستقلال” وأن”تحقيقه هو من صميم المنطق القانوني عكس ما تروّج له بعض الأطراف بحجة عدم احتواء اتّفاقيات إيفيان على هذه المسائل”. وذكر شيخي في وقت سابق بأن مضامين الأرشيف الوطني، لاسيّما ما تعلّق بالشق العلمي منه ”تدلّ على أن الشعب الجزائري لم يكن جاهلا” وأنه (الشعب الجزائري) كان يملك من العلماء ”ما يميّزه عن غيره من الأمم”.

وكان وزير المجاهدين محمد الشريف عباس انتقد مضمون بعض الكتابات الصادرة ”وراء البحار” حول تاريخ الثورة الجزائرية، وخص بالذات تلك التي ”تساوي بين الضحية والجلاّد” بعد أن وصف ما جاء فيها بـ ”التغليط”. ورغم ترحيبه بتصريحات الرئيس الفرنسي الجديد ”فرانسوا هولاند” خلال حملته الانتخابية، إلا أنه شدّد على أن ”الجزائر تنتظر من فرنسا الأفعال الملموسة وليس الأقوال”.

أمين لونيسي

في الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية

الحديث يتجدد حول وجود ”بنود سرية” في اتفاقيات 62

لا زالت قضية بنود اتفاقيات ايفيان في شقها السياسي خصوصا تثير لغطا إعلاميا، إذ تطرقت بعض الكتابات والتحاليل إلى العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى وجود بنود سرية في اتفاقيات إيفيان، رسمت استقلال الجزائر وبين من يفند ذلك جملة وتفصيلا في الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية. ويشير عارفون في خبايا تاريخ الحرب الفرنسية على الجزائر إلى وجود بنود سرية لم يتم الإفصاح عنها للطرف الجزائري، في حين يؤكدون اعتبار الاتفاقيات ”ملغاة” ابتداء من اليوم، الخامس جويلية، دون تحديدها لكن في الجانب الآخر يشكك لحسن زغيدي أستاذ التاريخ في كل من يقول هذا الكلام، مؤكدا أن من يخرج هذه البنود للعلن واطلاع الرأي العام عليها، فيجب أن نعلم أن من قاد المفاوضات في إيفيان هم قادة الثورة، وعلى رأسهم، كريم بلقاسم، الذي يعد من مفجري الثورة التحريرية وقادها إلى غاية التوقيع على الاتفاقيات، لذا من غير المعقول أن يسمح كريم بلقاسم بكل تاريخه النضالي بوجود بنود سرية ضد شعبه وبلده ترهن مستقبل الأجيال القادمة وتكون حجة للمستعمر على الجزائر، مضيفا في حديث مع ”الفجر” أن الحديث عن اتفاقيات سرية أوبنود سرية في اتفاقيات إيفيان، هي تشكيك في المفاوض الجزائري، وتعيدنا إلى القول أن الجنرال ديغول هو الذي منح الاستقلال للجزائر. من جانبه؛ ينفي السعيد عبادو الامين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين وجود بنود سرية في اتفاقيات إيفيان، إذ لا يمكن - حسبه - أن تكون هناك بنود سرية كأن يقدم الوفد المفاوض على عمل من هذا القبيل، لأنه كانت لدية اتصالات مستمرة مع الحكومة المؤقتة ومع قيادة الأركان. وحسب المتحدث، لا يمكن أن تكون هناك بنود سرية، بل كانت هناك هيئة أشرفت على وقف إطلاق النار حتى إعلان الاستقلال.

ونصت ”اتفاقيات ايفيان” لإنهاء الاحتلال الفرنسي الموقعة بين الحكومة المؤقتة الجزائرية والحكومة الفرنسية في 18 مارس 1962، أن على الفرنسيين والأوروبيين بصفة عامة الاختيار في غضون ثلاث سنوات بين نيل الجنسية الجزائرية أوالاحتفاظ بجنسيتهم الفرنسية واعتبارهم أجانب. وكان قادة جبهة التحرير الجزائرية يرفضون الجنسية المزدوجة للمستوطنين.

أمين لونيسي

هكذا قاد الوفد الجزائري الاتفاقيات في جنيف

دعا ديغول إلى مفاوضات مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بشكل رسمي وعلني عبر الخطاب الذي ألقاه يوم 14 جوان 1960 إلى الجلوس حول طاولة التفاوض.وبناء على ذلك كلفت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية محمد الصديق بن يحيى وأحمد بومنجل معا لإجراء محادثات في 25 جوان 1960 بمدينة مولان الفرنسية مع الطرف الفرنسي، حيث استمرت هذه المحادثات إلى غاية 29 جوان من نفس الشهر غير أنها باءت بالفشل بعد أن تأكدت نوايا فرنسا السيئة والخلافات الواضحة بين الطرفين حول العديد من القضايا الجوهرية التي أراد فيها الفرنسيون إملاء شروطهم سعيا للتعجيل بوقف إطلاق النار لا غير. وقد شرح فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية - في نداء وجهه للشعب الجزائري يوم 5/7/1960 - موقف حكومته من محادثات مولان.

وعليه تواصلت انتصارات الثورة، رغم الخسائر التي لحقت بها، بأن أفشلت مخطط شال، وفوتت الفرصة على ديغول ومشروعه ”الجزائر فرنسية” بعد أن استجاب الجزائريون لنداء الجبهة، أثناء زيارة ديغول للجزائر يوم 9 ديسمبر 1960، حيث خرج الشعب في أبهى صور التضامن والوطنية في مظاهرات 11 ديسمبر 1960 عمت مختلف مدن الجزائر من العاصمة، وهران قسنطينة، بجاية، البليدة وغيرها. أما على المستوى الخارجي فقد نشطت بعثات جبهة التحرير الوطني على جميع الأصعدة، مما أجبر حكومة ديغول على العودة إلى طاولة المفاوضات.

وبمساعي سويسرية ممثلة في شخص أوليفي لانغ وتجددت اللقاءات بين وفدي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والحكومة الفرنسية في لوسارن ونيوشاتل، جمعت أحمد بومنجل وأحمد فرنسيس وسعد دحلب بممثلي الحكومة الفرنسية براكروك، ثم شايي. ولاحقا التقى جورج بومبيدودولوس الطيب بولحروف في نيوشاتل. وكان من المرتقب إجراءها في 7 أفريل1961 لكنها تأخرت نتيجة وضع فرنسا السياسي الذي ازداد تأزما.

مفاوضات ”الفرصة الأخيرة”

واستؤنفت المحادثات في لوغران ما بين 20 إلى 28 جويلية 1961 لكن بدون جدوى مما جعل المفاوض الجزائري يبادر هذه المرة إلى تعليقها بسبب إصرار الحكومة الفرنسية على التنكر لسيادة الجزائر على صحرائها، مروجة لمغالطة تاريخية مفادها أن الصحراء بحر داخلي تشترك فيه كل البلدان المجاورة وبهدف ضرب الوحدة الوطنية وإضعاف الثورة وتأليب دول الجوار عليها. وبذلك علقت المحادثات نظرا لتباعد وجهات النظر بين الطرفين، لاسيما فيما يخص الوحدة الترابية.

ولم تباشر الحكومة المؤقتة اتصالاتها إلا بعد أن تحصلت على اعتراف صريح في خطاب الرئيس الفرنسي شارل ديغول يوم 5سبتمر 1961 ضمنه اعتراف فرنسا بسيادة الجزائر على صحرائها. على إثر ذلك تجددت اللقاءات التحضيرية يومي: 28 و29 أكتوبر 1961 ثم يوم 9 نوفمبر 1961 في مدينة بال السويسرية، جمعت رضا مالك ومحمد الصديق بن يحيى بشايي ودولوس عن الطرف الفرنسي وفي 9، 23 و30 ديسمبر 1961 التقى سعد دحلب بلوي جوكس في مدينة ”لي روس” لدراسة النقاط الأساسية ومناقشة قضايا التعاون وحفظ النظام أثناء المرحلة الانتقالية ومسألة العفوالشامل. وبعد أن ضمن المفاوض الجزائري تحقيق المبادئ الأساسية والسيادية خلال المفاوضات التي جرت بـ ”لي روس” ما بين 11- 19 فبراير 1962ومصادقة المجلس الوطني للثورة الجزائرية على مسودة محادثات ”لي روس” أبدى استعداده للدخول في مفاوضات المرحلة النهائية لكن التاريخ الحقيقي هو 08 اوت1961. وبعد أن صادق المجلس الوطني للثورة الجزائرية على مسودة ”لي روس” أعلنت الحكومة المؤقتة رغبتها في مواصلة المفاوضات رسميا في مدينة ايفيان الفرنسية أين التقى كريم بلقاسم وسعد دحلب ومحمد الصديق بن يحيى، ولخضر بن طوبال وامحمد يزيد وعمار بن عودة رضا مالك والصغير مصطفاي بالوفد الفرنسي: لوي جوكس وروبير بيرون، وبرنار تريكو وبرينودو لوس وكلود شايي والجنرال دوكماس، في جولة أخيرة من المفاوضات امتدت ما بين 7 إلى 18 مارس 1962، توجت بإعلان توقيع اتفاقيات ايفيان وإقرار وقف إطلاق النار، وإقرار مرحلة انتقالية وإجراء استفتاء تقرير المصير، كما تضمنت هذه الاتفاقيات جملة من اتفاقيات التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية سارية المفعول لمدة 20 سنة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)