الجزائر

بعد خيبة أمل ناخبيه وتراجع أسهمه في سبر الآراء أوباما يستغل هلاك زعيم القاعدة للظفر بعهدة ثانية



 أيا كانت المبررات المقدمة حول ملابسات اختيار توقيت الإعلان عن مقتل الرقم الأول في تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، فإن الحسابات الانتخابية للرئيس الأمريكي كانت حاضرة بقوة في السيناريو الذي تم إعداده بإتقان، وساهمت في بلورته وتنفيذه عدة هيئات ومؤسسات أمريكية، لضمان مكسب معنوي قوي قبل بداية الانتخابات الأولية لرئاسيات .2012
الائتلاف العسكري والسياسي المقرب من الرئيس باراك أوباما والطاقم العامل معه من مختلف المصالح من وكالة المخابرات المركزية ووكالة مخابرات الدفاع ووكالة الأمن القومي، وأيضا القيادة المشتركة للجيوش الأمريكية والقيادة المركزية ''السانتكوم'' وكتابة الدولة والأمن القومي، إضافة إلى مستشاري الرئيس، هؤلاء كانوا واعين بمدى أهمية الحصول على انتصار معنوي قوي مزدوج التأثير على المستويين العسكري والسياسي في هذا الوقت بالذات.
وجاء مقتل بن لادن في ظل حصيلة متواضعة جدا لعهدة باراك أوباما، التي كانت بكافة المقاييس بعيدة عن الوعود التي قطعها على نفسه أمام الناخب الأمريكي لعدة أسباب، ولكن أيضا نتاج التراكمات التي عانت منها الإدارة الأمريكية في حروب لا متوازية وغير تقليدية خاسرة بكل المقاييس في العراق وأفغانستان، فضلا عن أزمة مالية واقتصادية خانقة أثـرت على أداء الحكومة الأمريكية وقلصت من هامش حركتها.
فعجز الميزانية سنة 2010 تجاوز 1556 مليار دولار مقابل 1400 مليار دولار عام ,2009 أي في حدود 10 بالمائة من الناتج المحلي الخام. وارتقاب أن يظل العجز في 2011 فوق 1200 مليار دولار على الأقل. أما المديونية العمومية فقد بلغت 14251 مليار دولار في الفاتح أفريل الماضي، أي حوالي 90 بالمائة من الناتج المحلي الخام، مقابل 13050 مليار دولار في الفاتح جوان .2010
ويضاف إلى ذلك نسبة توظيف بطيئة وأفق غامض لحربي العراق وأفغانستان. والمحصلة هي أن عمليات سبر الآراء كانت تجمع كلها، إلى غاية نهاية أفريل الماضي، على فقدان باراك أوباما لحظوظه في الفوز بعهدة ثانية في رئاسيات .2012 وكل المؤشرات كانت في غير صالحه مع تآكل نسبة المؤيدين له بصراحة.
ومثلا كشفت عملية سبر آراء نظمت من قبل ''ماكلاتي ماريست'' في الفترة الممتدة بين 10 و14 أفريل الماضي، عن فقدان أوباما لـ13 نقطة مقارنة بعملية سابقة تمت في جانفي .2011 حيث حصل على نسبة 46 بالمائة من نوايا الاقتراع مقابل 45 بالمائة لمنافسه الحاكم الجمهوري لولاية ماساشوست، ميت رومني، بينما كان أوباما قد تحصل في جانفي فقط على نسبة 51 بالمائة. وتكشف عمليات سبر الآراء أيضا عن عدم رضا شريحة كبيرة من الأمريكيين عن سياسات التشغيل والصحة بنسبة بلغت 50 إلى 51 بالمائة.
وفي ضوء هذه المعطيات، جاءت العملية التي تم التحضير لها بدقة متناهية في كافة أطوارها وصولا إلى محتوى الخطاب الذي ألقاه أوباما للإعلان عن مقتل بن لادن. فقد حرص فيه على عدم إعطاء أي انطباع أو قراءة خاطئة لأي طرف، واكتفائه بالإشارة إلى مقتل بن لادن، مع تمرير رسائل باتجاه الناخب الأمريكي بالخصوص، من خلال ربط شخصية بن لادن في المخيلة الأمريكية بأحداث 11 سبتمبر، دون الإشارة إلى روابط إسلامية تفاديا لأية قراءات. وهو ما يؤكد دراسة محتوى النص قبل إلقائه لتفادي استهداف أي شريحة من شرائح الناخبين في الولايات المتحدة بمن في ذلك الناخبون المسلمون.
ثم جاء الإعلان الثاني لأوباما، أمس، ودعوته لاستخلاص العبر من موت أسامة بن لادن، لتجاوز ما اعتبره خلافات بين الناخبين الأمريكيين وتحقيق الوحدة، وتأكيده أيضا على زيارة موقع برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك.
وهذه معطيات تؤكد بأن كافة هذه المساعي تدخل ضمن حسابات الرهان الانتخابي المقبل، خاصة بعد المؤشرات الأولية التي كشفتها عمليات سبر آراء  بينت بأن 5 من ستة أمريكيين دعموا خيارات أوباما بشأن عملية قتل أسامة بن لادن. وأكثـر من ذلك، فقد عرفت مؤشرات توقعات الأسواق المعروفة بـ''أنترايد'' والخاصة بعقود التوقعات السياسية لإمكانية إعادة انتخاب أوباما في 2012 ارتفاعا محسوسا في عدة ساحات رئيسية غربية. حيث قفز المؤشر من أقل من 60 إلى 70 نقطة، لتصبح ورقة بن لادن إحدى الأوراق الانتخابية الرابحة للرئيس أوباما، بعد أن انتقد من قبل منافسيه الجمهوريين بتهمة ضعفه في مواجهة الإرهاب وتقويضه لمكاسب الحملة التي قام بها سلفه بوش.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)