الجزائر

بعد تحديد الداخلية والبرلمان كأطراف وحيدة لإدارة الإصلاحات السلطة تقرر الاستماع لخصومها في المعارضة دون ضمان الأخذ برأيها



 بعد إسناد تحضير مشاريع القوانين إلى وزارة الداخلية واعتماد البرلمان الحالي للمصادقة عليها، ستجد أحزاب المعارضة نفسها مستبعدة من البداية وعديمة ''التأثير'' في مجريات الإصلاحات السياسية المبرمجة، لكون بعضها غير ممثل في البرلمان على غرار الأفافاس أو مقاطع لجلساته كالأرسيدي والأفانا، أو ضعيف عدديا كالنهضة والإصلاح، أو غير معتمد أصلا كالعدالة والحرية وجبهة التغيير الوطني وغيرها.
اختارت السلطة طريقا آخر لتمرير إصلاحاتها السياسية، غير تنظيم ندوة وطنية مثلما كانت تطالب به الأحزاب وخصوصا المعارضة منها، وهو ما يعني رفض النقاش العام والاكتفاء فقط بلقاءات انفرادية يتم فيها الاستماع وتسجيل مقترحات الأحزاب بخصوص تعديل قانون الانتخابات، الأحزاب وتمثيل المرأة، وربما حتى اللجنة الخاصة بتعديل الدستور، وذلك لتفادي تكتل المعارضة في جبهة موحدة ولو ظرفيا، خصوصا في ظل تباين المواقف والأطروحات بين أحزاب التحالف التي ترفض طرح وجود أزمة سياسية في البلاد، وبين المعارضة التي تطالب بـ''التغيير'' وترفض تصنيف الأزمة اجتماعيا.
ويكون هذا الخلاف القائم حول تشريح الأزمة وراء سعي السلطة إلى ''برقرطة''  (من بيروقراطية) مخطط الإصلاحات ضمن لجان ''تقنية'' بحتة، على غرار الورشات التي فتحتها وزارة الداخلية، وتفادي الذهاب إلى تنظيم ندوة وطنية تشارك فيها الأحزاب والشخصيات من مختلف المشارب السياسية، يخرج من خلالها قاعدة ''إجماع'' يتفق ويلتزم بها الجميع، بشأن نوعية الإصلاحات المطلوبة لتجذير الممارسة الديمقراطية في البلاد والخروج نهائيا من دائرة ''التزوير'' الذي يخيم دوما على الاستحقاقات الانتخابية.
لكن إحالة نتائج الورشات حول التعديلات القانونية على البرلمان كمحطة نهائية للفصل فيها، تظهر أن السلطة حتى وإن كانت مستعدة لسماع أصوات خصومها في المعارضة، غير أنها لن تقدم لهم أي ضمانات بشأن ''اعتماد'' أطروحاتهم ضمن هذه القوانين، لكون الأغلبية التي تهيمن على تركيبة الهيئة التشريعية ترفض مبدئيا ''التغيير'' بالطريقة التي تريدها على الأقل أحزاب المعارضة حتى لا نقول الشارع. والأمر الذي يسهل عليها ذلك أكثـر، أن أقوى أحزاب المعارضة غير متواجدة بالهيئة التشريعية، على غرار الأفافاس الذي قاطع تشريعيات 2007 والأرسيدي المجمد لنشاطه داخل البرلمان بمعية الجبهة الوطنية الجزائرية، فيما تنتظر أحزاب أخرى الحصول على الاعتماد منذ قرابة 10 سنوات للولوج إلى حلبة المنافسة.
ويكشف وصف وزير الداخلية لمصادقة المجلس الشعبي الوطني على قانون البلدية بـ''التاريخي''، رغم أن التصويت عليه اقتصر على حزبين فقط هما الأفالان والأرندي، من أصل 21 حزبا متواجدا بالغرفة السفلى، أن الإصلاحات المعلن عنها ستقتصر على تعديل مواد قانونية بأخرى، لكنها في نهاية المطاف لن تغير الحسابات ولن تعيد تشكيل المشهد السياسي أو الديمقراطي في البلاد، وهو ما يسميه الأمين العام الأسبق للأفالان، عبد الحميد مهري، بأن النظام يحاول إصلاح نفسه بنفسه وخارج دائرة غير المنتسبين إليه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)