الجزائر

بعد المصادقة على قانون حماية القصبةاستراتيجية مستعجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه




أمام نحو أربعة آلاف شخص معظمهم من متوسطي العمر، قدم المغني البريطاني ''كات ستيفنز'' المعروف بيوسف إسلام حفلا موسيقيا في مركز ''بيال'' وسط بيروت، غنى فيه عن الحب والمحبة والأمل والسلام وكان ''الخالق'' و''الله'' حاضرا في الكثير مما أنشد وخصوصا في جديد أعماله.
بشعره الأبيض ولحيته التي تكلل وجهه البيضاوي، أطل كات ستيفنز على جمهوره مرتديا الجينز ومنتعلا حذاء رياضيا، وعلى مدى 90 دقيقة مقسمة إلى فصلين، قدم برنامجا يرتكز على أغنياته الجديدة التي سجلت عودته إلى الساحة الفنية بعد غياب حوالي 20 عاما (أي بعد اعتناقه الإسلام)، مطعما إياه بأغنياته القديمة المعروفة.
وبعد الأغنية الأولى؛ حيا الحاضرين قائلا ''السلام عليكم'' بالعربية ثم بالإنكليزية، وأضاف ''أنا مسرور جدا أن أكون هنا، ابتعدت عن الغناء لمدة طويلة، وعندما أعطاني ابني فرصة العودة مجددا، ألفت أغنيات ومنها التي ستستمعون إليها الآن''، وأنشد ''ميد داي'' التي يشكر فيها الله على كل ما منحه إياه، وخاطب أكثر من مرة الناس بالعربية، مشيرا إلى أنه تعلم منها القليل أو ''شوي شوي''.
وكان شديد التفاعل مع الجمهور، إذ راح يمازحه حينا ويقدم لكل أغنية حينا آخر أو ينحني مع قيثاره احتراما، قائلا ''شكرا'' تارة بلغة الضاد وطورا بلغة شكسبير، وعندما صرخت شابة من الصالة ''أحبك''، أجابها ممازحا ''أنا أيضا أحبكم ولكن لا تنسوا أنني متزوج ويجب أن أشرح لزوجتي أنني في حفل موسيقي''.
وبعد الأغنية الثالثة، جلس ستيفنز (64 عاما) على كرسي وتوجه إلى الجمهور قائلا ''إنني أتقدم في السن كما ترون''، وبعدما أدى أغنيتين، أحضرت له طاولة إلى المسرح وقدم له أحد مساعديه القهوة العربية؛ فقال للحاضرين مداعبا ''سآخذ استراحة قصيرة لأنني في لبنان، لقد تأخرتم في الحضور إلى الصالة، وأنا سأرد عليكم بهذه الاستراحة''، وأضاف في ما يشبه الخطاب الوجداني ''في الحياة نوعان من القصص، قصص المغادرة وقصص العودة؛ فالحياة أشبه بطريق والمهم في هذا الطريق أن يعرف الإنسان من أين يأتي، وأحيانا عليه أن يتوقف ويجري تقييما ليرى هل هو في الاتجاه الصحيح، وهذا ما فعلته أكثر من مرة في حياتي.. عندما لا تجري الأمور كما يريد الإنسان، عليه أن يتوقف ويفكر أين يريد أن يذهب فعلا، وأنا محظوظ لكوني حظيت بفرصة القيام بذلك أكثر من مرة''، وفي ختام الفصل الأول، غنى ستيفنز من قديمه الشهير ''مون شادوو'' التي ستشكل عنوانا لمسرحية غنائية تعرض في جوان المقبل في أستراليا.
في الفصل الثاني، عرف بفرقته الموسيقية التي ضمت خمسة عازفين، ثلاثة على القيثار والآخران على الأورغ والدرامز، واشتعل الجمهور اللبناني عندما غنى ستيفنز ''وايلد وورلد''، وعندما طالبه الحاضرون بإحدى أغنياته القديمة، أجاب مازحا ''عليكم أن تدفعوا لي أكثر''، وعلى خلفية علامة نصر بثت على الشاشة العملاقة وراءه، غنى ستيفنز ''ماي بيبول'' (''شعبي'') التي اعتبرها ''أغنية مهمة مهداة إلى كل الاحتجاجات حول العالم''، وقال ''مهما كانت الظروف نصلي أن يكون الشعب بأمان''.
وبعد مجموعة من الأغاني؛ كان الختام بـ''فاذر آند سون''، إحدى أجمل أغنيات ستيفنز القديمة، فرافقه الجمهور مغنيا ومصفرا ومتمايلا بكثير من الحنين، فيما أظهرت الكاميرا وجه ستيفنز على الشاشة العملاقة منسجما إلى درجة كبيرة مع كلمات الأغنية التي يخاطب فيها الأب ابنه.

استضاف مركز الفنون والثقافة بقصر رؤساء البحر، بمناسبة اليوم الوطني للقصبة، الدكتور معزوز عبد الحق، صباح أول أمس، الذي ألقى محاضرة تحت عنوان ''الوجود الحمادي في مدينة الجزائر من خلال اللقي الأثرية'' والتي من خلالها سلط الضوء على تاريخ مدينة الجزائر في العهد الحمادي.
حلقة من حلقات تاريخ الجزائر ما تزال مفقودة وتشكل فجوة في تاريخ هذه المدينة العريقة التي تعود آثار تأسيسها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، حيث كانت موطنا للعديد من الحضارات والحقب التاريخية من فنيقيين ورومان وعثمانيين، إلا أن هذا التاريخ بقيت فيه ثلمة غير معروفة وهي العهد الحمادي، حيث استعرض الدكتور معزوز عبد الحق، أستاذ مختص في الآثار الإسلامية بجامعة الجزائر، نشأة دولة بني حماد والظروف التي انبعثت فيها هذه الدولة وهي ظروف حروب وفتن، وأضاف المحاضر أنه من خلال هذه المحاضرة يحاول إماطة اللثام عن جزء يسير من تاريخ مدينة الجزائر المدينة التي لها تاريخ عميق يمتد إلى الألف الثانية قبل الميلاد، بل إن تاريخها يمتد إلى أكثر من ذلك، وأشار الدكتور معزوز إلى أن هذه المدينة العريقة، والمهمة في تاريخنا الجزائري (المغرب الأوسط)، حملت لواء الحضارة والجهاد، و''نحن في هذه المناسبة نلقي بعض الضوء على فترة وجيزة على هذه المدينة في العصر الحمادي''.
وفي إطار عروج الأستاذ المحاضر على الدولة الحمادية؛ ركز على ظروف النشأة والحدود التي لم تكن ثابتة ومستقرة نظرا للحروب لوقوعها بين دولتين، الدولة الزيرية من الشرق والمرابطية من الغرب، كما أثار الأستاذ المحاضر الخلافات التي كانت موجودة في هذه الأسرة وكيف أسس حماد هذه الدولة وكيف اشترط على باديس الاستقلال بعد محاربته زناتة.
ثم حدد الأستاذ المحاضر حدود هذه الدولة ومدنها بعد ذكر مؤسسها حماد بن زيري بن مناد والذي كان يتميز بشخصية منفرة عن بقية الزيريين من حيث الخشونة والطموح والشجاعة والدهاء، وأن المدن التي كانت خاضعة لها هي آثير، المدية، سطيف، بجاية، بسكرة، قسنطينة إلى وهران غربا وورقلة جنوبا.
أما عن مدينة الجزائر؛ فقد أكد المحاضر أنها خضعت لحكم الكثير من الأمم من فنيقية، رومانية، حمادية وعثمانية، أما عن الفترة الحمادية فتبقى مجهولة إلا أن بعض الآثار التي تم اكتشافها في بئر، والتي تمثل مجموعة من الخزفيات ترجع إلى الفترة الزيرية، تؤكد أن المدينة كانت موجودة وخاضعة للدولة الحمادية.
ويتساءل الدكتور معزوز عبد الحق عند اخضاع المرابطين للجزائر ''هل الحماديون لم يتركوا شيئا''، وهذا غير منطقي لأن المساجد مهما سقطت المدينة لا يمكن تهديمها؛ فلابد أن تكون هناك مساجد، فلماذا لا نجد أي أثر للزيريين والحماديين وحتى الموحدين؟ ماذا وقع؟ ومن هنا دعا الدكتور المحاضر إلى البحث في هذا الموضوع من خلال إنشاء ورشات وأبحاث عن هذه الآثار لأن فرنسا هدمت كل شيء ولم تهتم بالفنون والآثار الإسلامية.
وعن وجود آثار الدولة الحمادية في مدينة الجزائر؛ أكد الأستاذ معزوز عبد الحق أنه تم اكتشاف بئر عثر فيها على مجموعة من الخزافيات ترجع إلى الفترة الزيرية والشظايا المكتشفة داخل هذه البئر هي ''الشقف'' وهو نوع من الفخار الزيري ذو تقنية راقية من أوان لها بريق معدني، وأضاف الدكتور المحاضر أنه في ركن قرب مقصورة الجامع الجديد وجد أمين مهري، الذي قام بالترميم إثر الزلزال، مجموعة من الفخاريات.
أما من حيث أهمية الاكتشاف؛ فيقول الدكتور المحاضر أن مكانها مدينة الجزائر وهذا ما يدعم ويؤكد الوجود الحمادي في مدينة الجزائر لأن هذه القطع لها بعد حضاري وتاريخي وجمالي، الفخار المكتشف هو من الخزف البني والأخضر، وهو عبارة عن صحن داخله زخرفة وهو ما يؤكد أن هذه الصحون والأواني كانت لإنسان ثري لأنها من النوع المزخرف وليست في متناول إنسان بسيط، والزخرفة تشكل هندستها دوائر زهرية ثمانية الفصوص ذات أشكال لوزية بلون بني وأخضر، إضافة إلى ''شقف الصحن'' هناك المصابيح الزيتية وهي ذاتها الأواني والخزافيات التي وجدت في قلعة بني حماد بالمسيلة التي استعملت فيها كثير من رسوم الحيوانات.
بهذه المكتشفات؛ يؤكد الدكتور وجود المدينة الحمادية بمدينة الجزائر ودعا إلى إنشاء ورشات بحث للمزيد من الاكتشافات الأثرية.

ثمنت جمعية ''القصبة''، في لقاء عقدته أول أمس بمنتدى ''المجاهد'' بمناسبة اليوم الوطني للقصبة، المصادقة على قانون حماية القصبة من طرف الحكومة بعدما تقدمت وزارة الثقافة بمشروع استعجالي خاص بحمايتها القصبة.
أول المهنئين كان الأستاذ عبد الكريم زياني نائب رئيس الجمعية الذي رأى في القانون دفعا نحو حماية هذا المعلم الوطني والعالمي، وأشار إلى الدور الذي تلعبه الجمعية من حيث بروزها كقوة اقتراح ومتابعة قصد حماية ذاكرة القصبة من الزوال، مؤكدا أن دور المجتمع المدني هو دور مدعم وأنه يعرض اقتراحات لكنه حتما لن يكون بديلا للمؤسسات الرسمية للدولة.
من جهة أخرى؛ ذكر المتحدث أن حماية القصبة واجب وطني مشترك وليس مهمة تخص العاصميين وحدهم وبالتالي فإن الاهتمام بالقصبة هو بداية للاهتمام بقصبات الجزائر ومدنها العتيقة.
على هامش المنتدى؛ صرح الأستاذ بلقاسم باباسي، رئيس جمعية القصبة، أن هناك تنسيقا متواصلا بين الجمعية وعدة جهات مختصة ومؤسسات منها مثلا مؤسسة ''ميترو الجزائر'' قصد معرفة بعض الأخطار التي قد يسببها الحفر إذا ما تقدم نحو أسفل القصبة وحي باب الوادي.
السيد باباسي توقف مطولا عند الحالة المزرية التي تعيشها القصبة اليوم وسط عدة تهديدات في غياب عمليات تدخل مستعجلة والذي سجل غيابها منذ سنتين، علما أن الحالة الجوية الأخيرة وما سببته من أمطار أثرت على الكثير من البنايات لتسقط جدران بعض المنازل، خاصة الخارجية منها، مما يهدد النسيج العمراني التاريخي لمدينة القصبة، والتي تضم اليوم أزيد من 1500 بناية.
ودعا باباسي إلى ضرورة تطبيق القانون المصادق عليه أول أمس من خلال مخطط استعجالي تشترك فيه كل الجهات المختصة، خاصة وأن كل المخططات جاهزة ولا ينقصها إلا التنفيذ على أيدٍ كفؤة.
توقف باباسي في معرض حديثه عند بعض المظاهر السلبية التي تزيد من مأساة القصبة، منها مثلا مافيا العقار، البناء الفوضوي والترميمات الخاطئة (تثقل كاهل البنايات) وغيرها، داعيا إلى ضرورة تنصيب شرطة التراث (حراس) وإعطاء الأولوية للسكان الأصليين للقصبة، شرط أن يرتبطوا بها بمعنى أن يختاروا الإقامة في منازلها.
عيد القصبة كان مناسبة، أيضا، للحديث عن مدفع بابا مرزوق وضرورة استرجاعه (عمره أزيد من 3 قرون) باعتباره تراثا وطنيا، مؤكدا تنديده بالتلاعبات والتلكآت غير المنطقية، خاصة في منظمة اليونسكو.
المهندس حليم فايدي قدم في لقاء أول أمس عرضا مصورا للقصبة ولمدينة الجزائر عموما ابتداء من الواجهة البحرية وحتى المرتفعات، معتمدا على خرائط قديمة وحديثة وعلى الصور الفوتوغرافية، خاصة الملتقطة من الأعلى (الطائرة) مع مراعاة تكبير الصور أو التركيز على منطقة ما.
المهندس دعا إلى استعمال المواد الخام المحلية في الترميم، علما أن القصبة بنيت منها، كما استعرض تساقط بعض الجدران والأحجار، مؤكدا أن سقوط حجر يهدد المبنى المجاور لأن البناء متماسك ومتسلسل.
توقف المتدخل عند المظاهر السلبية داخل القصبة كالبناء الفوضوي وتراكم الأوساخ وغيرها، معطيا أحيانا بعض الحلول الممكنة.
السيد عبد الوهاب زكاغ، مدير الديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية، استعرض في مداخلته تجربته مع القصبة الممتدة عبر 4 سنوات مثمنا - بالمناسبة - صدور قانون حماية القصبة الذي سيسمح بديمومة عمليات الترميم، كما أوضح القانون مجالات التخصص والتدخل وغيرها، علما أنه كان فيما سبق لا توجد قوانين توضح طبيعة التدخل اللازم.
زكاغ أشار إلى أن الأولوية اليوم للتدخل العاجل قصد وقف النزيف ثم التفكير في مشروع يحدد مستقبل وطريقة بعث حي القصبة من جديد بمعنى أن ننقذ أولا ما يجب إنقاذه فورا وأن لا ننتظر تطبيق دراسة أو مخطط مستقبلي ما؛  فالأولوية يحددها الخطر، كخطر سقوط الجدران والمباني وكذا تنظيف الأقبية الجبسية وغيرها.
زكاغ أشار أيضا إلى أن مهمة إنقاذ القصبة (قانونيا) أصبحت في يد وزارة الثقافة وهو أمر إيجابي يحدد المهام عوض تشتيتها، مؤكدا أن مشروع هذا القانون (الدراسة) قدم في ماي 2010 أمام مجلس ولاية الجزائر الذي صوت عليه وبما أن حي القصبة يضم 50 ألف ساكن، كان لابد من الحصول على موافقة الحكومة لاستصدار القانون وقد تم ذلك. وأكد المتدخل أن 15 ألف منزل بالقصبة مهدد بالسقوط وأن 140 مالك لدويرة تقدموا بوثائقهم لطلب المساعدة في الترميم، مشيرا إلى أن فريقه متكون من 29 إطارا ومن 19 مكتب دراسة.
وتساهم الدولة بـ 90 بالمائة من تكاليف الترميم وقد تم إحصاء 1816 مسكن بالقصبة موزع على 105 هكتارات.
كما اقترح السيد زكاغ أن لا تعطي الدولة تكاليف الترميم نقدا للمواطن كي لا يكون هناك مجال للتلاعب، بل أن تدفع وفق تكاليف الترميم وإعادة البناء.
كما أوضح أن بالقصبة اليوم 400 بناية فوضوية نصفها لا يملك رخصة البناء.
للإشارة؛ سينطلق شهر مارس الداخل مخطط استعجالي لترميم 323 دويرة من أصل .700
وللتذكير حضر اللقاء ممثلو بعض الوزارات والمؤسسات وكذا خبراء ومهندسون.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)