الجزائر

بعد أن كانت تزيّن حفلات زفاف بونة العنابيون يحنـــّون إلى أعراس ''الفقيرات''



لا تكاد تخلو أعراس العنابيين من الفقيرات ، وهن نسوة يؤدين طابعا فلكلوريا
يستمد أغانيه من الموروث الشعبي والمالوف والمديح، ويكون الأداء
جماعيا باستعمال بعض الآلات البسيطة كالبندير.
 تفتخر العنابيات خصوصا بإحياء أعراسهن بـ الفقيرات ، وهو جوق نسائي متأصل في تقاليد المدينة، حيث كنّ يحيين الأعراس بداية من الساعة الثـالثـة مساء إلى غاية الساعات الأولى من فجر يوم الغد، دون كلل أو ملل. غير أن الأمر تغير في الوقت الحالي، وأصبح إحياؤهن للعرس يقتصر على ساعات معدودات، خاصة في التوقيت الخاص بـ تصديرة العروس .
وعن هذا التغيير الحاصل، تقول أقدم مؤدية لهذا اللون الغنائي بالمدينة، السيدة بن تقية، البالغة من العمر 81 سنة، وهي التي ورثـت أداء هذا الفن عن جدتها ثـم عن أمها اللائي ورثـنه هن أيضا عن جداتهن، إن: عواصف التغيير عبثـت كثـيرا بهذا الموروث الأصيل، الذي كان له طقوسه وخصائصه المتجذرة في زوايا وباحات المدينة القديمة (لابلاص دارم). واليوم، كل من هبّ ودبّ يغني في الأعراس باسم الفقيرات ربحا للمال لا غير، كما أصبح الرجال يؤدون هذا اللون أيضا، الذي عرف أيضا إدخال آلات موسيقية حديثـة، ناهيك عن الكلمات التي أصبحت مزيجا من بعض القديم وكثـير من الحديث .
وتضيف السيدة بن تقية أن هذا الجوق النسوي يتكوّن عادة من أربع إلى خمس نساء، إحداهن، وهي الشيخة، تغني والبقية يردّدن أغانيهن ويضربن على البندير.
وأهم ما يميز جلسة الفقيرات هو تعطير المكان بالبخور والعنبر، والاستعانة بكانون لتسخين البندير، حتى يتمكن من الضرب عليه في صورة تناغم مع الأغنية المؤداة،مع وضع أطباق الحلويات التقليدية، خاصة المقروط المرشح بالعسل، والقهوة المنكهة بماء الزهر.
وتؤكد الشيخة بن تقية أن تصديرة العروس تصاحبها أغان خاصة، حيث تبدأ بمديح الصلاة على النبي، وتستمر الوصلات، الخاصة بـ التصديرة إلى غاية الشروع في القيام بمراسم وضع الحنة، حيث يغنين جيبو الحنا جيبو يا خلات ، ويتم بعدها وضع الحناء في يد العروس وتغطيتها بقطعة من القطن، حيث تضع أم العريس هدية ثـمينة للعروس، وفي الغالب ما يطلق عليه محليا المقياس ، وهو عبارة عن إسورتين كبيرتي الحجم من الذهب الخالص، ثـم يشرع في التهاليل والمديح الديني الذي يتغنى بجمال العروس وأن تكون فأل خير على بيت زوجها، ثـم يسود صمت كبير وسط القاعة مصحوب بأداء مديح قل هو الله . وبعدها، تنطلق من جديد الأهازيج والأغاني مصحوبة بالزغاريد و الرشقة ، وهي أن تقوم أم العروس بتوزيع النقود على قريباتها اللواتي يرقصن ثـم يسلمن تلك النقود إلى الشيخة تشجيعا لها وللفرقة على مواصلة الغناء، ثـم تتواصل الأفراح والزغاريد والرقص إلى وقت متأخر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)