الجزائر

بعد أن أصبحت مأوى للمتشردين والمنحرفين العائلات العاصمية محرومة من الحدائق العامة



بعد أن أصبحت مأوى للمتشردين والمنحرفين              العائلات العاصمية محرومة من الحدائق العامة
ما أكثر الحدائق العمومية في الجزائر العاصمة وما أجمل تصميمها، إلا أن ما بات يلاحظ عليها هو الغياب شبه التام للعائلات التي أصبحت هذه الأماكن محرمة عليها، بعد أن استحوذ عليها المتشردون والمجانين، وأشباه العشاق الذين لا يجدون حرجا في تشويه جمال المناظر الطبيعية الخلابة بمشاهد بعيدة كل البعد عن أعراف المجتمع الجزائري المحافظ، خادشين بذلك حياء المواطنين.. الذين اعتزلوا منذ زمن زيارة هذه الحدائق.قادتنا جولة ميدانية إلى شوارع العاصمة لعدد من الحدائق العمومية، ففوجئنا بما يحدث هناك من انتهاك لسحر المكان و جماله.. متشردون يفترشون الكراسي، مدمنون فاقدون للوعي ينظرون إلينا بدهشة، وشبان اتخذوا من الحديقة مكانا لمواعيدهم المشبوهة.. لتشهد الطبيعة على جرمهم بوضح النهار. أما عن  غياب النظافة وانتشار الأوساخ فحدث ولا حرج!حديقة الحرية.. هي إحدى تلك الأماكن التي باتت مكانا للمدمنين والمنحرفين، حتى أصبح البعض يسميها “حديقة العشاق”! سألنا أحد المارة عن وضع الحديقة فأجابنا متأسفا:”منذ زمن لم تطأ قدماي المكان..يا حسراه على أيام زمان كنت آتي أنا وأبنائي لإمضاء وقت رائع هنا، لكن كما ترون المنحرفون منعونا من ذلك”. حدائق أم مراحيض عمومية؟!لم يعد غريبا أبدا وأنت جالس بإحدى الحدائق العمومية أن تلمح عيناك منظر أحد المارة وهو يقضي حاجته على مرأى من الجميع، وقد يبرر البعض هذا التصرف بقلة المراحيض العمومية. أما عن الرائحة النتنة التي قضت على رائحة الأزهار، والأوساخ والفضلات التي حلت محل النباتات والأشجار، والنافورات الجافة والمقاعد المتسخة.. هذا هو المنظر الحالي لأغلب الحدائق العمومية التي أصبحت تنفر المواطنين من وضعيتها.وعن هذه الحالة، أخبرنا أحد عمال النظافة بحديقة الحرية الذي وجدناه منهمكا في إزالة بعض الأوساخ العالقة بين جذوع الأشجار، أن عمال النظافة يأتون يوميا لأداء عملهم بهذه الحديقة، لكن روادها المتشردين يجعلون من نظافتها أمرا مستحيلا”. كما أضاف قائلا: “شخص ينظف و100 يوسخوا”.  المتشردون والمدمنون أكثـر روادهاالمعروف على كبار السن حبهم للهدوء والسكينة التي طالما وفرتها لهم الحدائق العمومية التي شهدت على كثير من جلسات سمرهم ولعبهم “الدومين  والداما” وغيرها من الألعاب التي تنسيهم مرور الوقت وسط جو يذكرون فيه أيام الماضي وذكرياته، غير أن هؤلاء غيروا وجهتهم اليوم إلى المقاهي والطرقات هروبا من الأوضاع التي آلت إليها أماكنهم المفضلة. عمي الهادي، أحد الشيوخ الذين كان من رواد حديقة صوفيا بالعاصمة، تأسف للحالة التي أصبحت عليها هذه الأخيرة قائلا: “لم نعد نجرأ على دخول هذه الحدائق، بعد أن أصبحت مأوى للمجانين ومدمني المخدرات، فنحن نبحث عن الراحة لا عن المشاكل”. وأضاف صديقه الحاج إبراهيم قائلا: “لقد شهدت هذه الحديقة عددا لا يحصى من مشاجرات هؤلاء المتشردين مع بعضهم، حتى أصبحنا نخشى على أنفسنا من المكوث بها في وجودهم”.أما هؤلاء المتشردون فلم يجدوا مكانا أكثر أمنا لهم من هذه الحدائق بعيدا عن ضوضاء المدينة، حيث تدخل أحدهم قائلا: “الحديقة أفضل من افتراش الطريق أين يزعجنا المارة بكلامهم  وسياراتهم التي تحرمنا من النوم”.حديقة التجارب.. المثل الأعلىتبقى حديقة التجارب الحامة أحد أفضل الأمثلة التي يحتذى بها في التغيير إلى الأحسن، حيث شهدت هذه الحديقة التي تدخل ضمن التراث العالمي تطورا ملحوظا خلال السنتين الماضيتين، وأصبحت بذلك ملاذ العائلات الجزائرية الباحثة عن هدوء الطبيعة وجمالها، بعد أن أصبحت النظافة تميز المكان. كما استحسنت العائلات الإجراءات الأمنية التي تنتهجها الحديقة، خاصة بالنسبة لتجوال أعوان الأمن في الحديقة باستمرار لمنع أي تجاوزات تشوه من صورة الحديقة. وخلال جولتنا بهذه الحديقة التقينا مع إحدى العائلات التي جاءت لتمضي الفترة المسائية تحت ظلال أشجار الحديقة، حيث قالت السيدة منية:”المكان رائع، وجميع المرافق متوفرة، وأهم ما في الأمر هو غياب هؤلاء الشبان الطائشين الذين طالما حرموا علينا الخروج مع العائلة”.ويبقى على السلطات المحلية القيام بواجبها واتخاذ التدابير اللازمة للحد من التجاوزات التي تحصل في حدائقنا العمومية.. ليكون للمواطن العاصمي مكان يلجأ إليه وعائلته للراحة من متاعبه اليومية.. فإلى متى هذا التسيب؟!إيمان.م


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)