الجزائر

بعد 50 سنة من الاستقلال!!



الجزائر وهي تعد لاحتفالات كبيرة وشاملة بمناسبة الذكرى ال 50 للاستقلال، تفتخر بتاريخها في مواجهة الاحتلال، وتعتز برجالها وأبطالها، بشهدائها ومجاهديها، وتقف وقفة مراجعة لما تحقق من أجل قيام الدولة القوية الآمنة•
من 1962 إلى 2011 أجيال مرت ومتغيرات جذرية حصلت إن على البلاد، أو على العباد، وبالتالي على الأفكار والسلوكات وحتى العقيدة السياسية والإيديولوجية إلى درجة تكاد تختلط فيها الأمور بين الثابت والمتحول•
الجزائر مرت بمراحل تاريخية كان لكل مرحلة زمنية منذ الاستقلال وحتى اليوم طابع يعكس التفكير السائد ويجسد النظام بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكان الحزب الواحد في الواجهة كقائد لمسيرة البناء، إلا أن الحقيقة أن هناك قيادة تتولى وضع السياسة العامة، والحزب يوقع عليها بالترويج شعبيا والتبني سياسيا•
أما بعد 1988 وما سمي بحركة 05 أكتوبر المدبرة فقد برزت التعددية السياسية ببعدها الإيديولوجي والاعلامي، بل وحتى الانتماء، والهدف الأساسي إسقاط الحزب الواحد، وهو حزب جبهة التحرير الوطني وتقزيمه بما يخدم أهدافا خارجية قبل أن تكون رغبة وطنية في الحفاظ على هذا الرمز تاريخيا• وتسقط الجزائر في تناقضات الصراع الذي أرادت قوى متفردة إدارته من أجل إعادة الجزائر لتكون رهينة لواقع لا ينسجم مع خيارات الشعب وثوابت الأمة وتضحيات الشهداء•
ورغم قساوة المرحلة وشدة أحداثها وخطورة تطوراتها خرجت الجزائر منتصرة على كل القوى التي لم تلتزم بعقيدة الوطن أولا•
وبقيت الجزائر وراحت كل الرؤوس التي أدارت المؤامرة مباشرة أو من وراء ستار، وقد لا يذكرها التاريخ، إلا في باب القوى التي عملت تحت الأوامر الخارجية للتآمر على الوطن ومنجزات الثورة ودولة الاستقلال•
اليوم تنطلق الجزائر في مرحلة جديدة عنوانها الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية•
المؤسسات التشريعية تتولى النقاش لإعطاء هذه الاصلاحات قوة القانون للتنفيذ، وقوى سياسية معارضة ومؤيدة تطالب بالمزيد والكل لا يفكر إلا بالقدر الذي يخدم أهدافه في التموقع على الساحة السياسية•
في ظل كل هذا المخاض الذي يجري وغير المحسوم النتائج، تخرج من جديد أصوات تحرك طروحات الماضي البعيد تطالب بافتكاك رمز حزب جبهة التحرير الوطني والادعاء بالحق التاريخي لإدخاله المتحف ليستريحوا ويستريح المتضررون تاريخيا من انتصارات الحزب في قيادة أعظم ثورة في القرن العشرين•
على احتلال ظل يجتر خيبة الهزيمة ومازالت مرارتها في حلق قياداته حتى يُزال" حزب جبهة التحرير الوطني " من الخارطة السياسية• والحقيقة أن رهان الاحتلال على القوى التي تعمل من أجل تحقيق هذه الغاية قد لا يصاب فقط بخيبة أمل، بل وبنكسة جديدة تضيف إلى تلك المرارة التي يتجرعها، المزيد•
لا أعتقد أن الأحزاب التي تتواجد على الساحة السياسية الوطنية أو تلك التي ستظهر قريبا بموجب قوانين الاصلاحات السياسية ستتفق على المنهج السياسي الذي يحقق المزيد من المكاسب لصالح المطالب الحقيقية للشعب في تجاوز كل الظواهر التي تقف اليوم حائلا دون طموحاته في حرية الاختيار والممارسة الديمقراطية البعيدة عن الضغوطات والتحكم عن بعد، إلا إذا توصلت هذه الأحزاب والقوى الوطنية إلى وضع دستور دائم للبلاد يحدد بدقة وعن وعي أسس النظام الذي تحكمه قوانين تحقق العدالة والمساواة والفصل بين السلطات والتحديد الواضح للصلاحيات ودور المؤسسات بعيدا عن التسلط من أي جهة كانت•
ربما حينئذ تدخل الجزائر بعد 50 سنة من الاستقلال في مرحلة أخرى تستجيب لطموحات الأجيال بكل ما تحمله هذه الأجيال من أفكار، بالتأكيد ليست هي الأفكار التي حملها الشباب قبل 50 سنة••• إنه التغيير الحتمي وليس التشبيب القصري!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)