نظرت محاكم العاصمة في العديد من الجرائم التي يرتكبها منحرفون ثم يتحايلون على العدالة بادعاءاتهم الجنون للتملص من المسؤولية والإفلات من العقاب، غير أن الخبرة العقلية كشفت أكاذيبهم، وهناك حالات من المجانين الذين رفضت أسرهم الاعتراف بمرضهم ووضعهم في مصحة عقلية من باب الخجل ليرتكبوا في حقهم جرائم قتل شنيعة.وفي هذا السياق رصدت الشروق بعض الحالات منها من تقمص شخصية مجنون وأخرى راحوا ضحية الإدمان على المهلوسات.
رئيس قسم الأمن بشركة خاصة يقتل زميله ثم يدعي الجنون
ارتكب رئيس قسم الأمن بشركة خاصة جريمة قتل ضد زميله عون مخزن، وحسب ما دار في جلسة المحاكمة فإن المتهم كان في كامل قواه العقلية أثناء تشاجره مع الضحية بسبب مزاح هذا الأخير معه، ليتطور إلى طعن المتهم الضحية بالسكين على مستوى القلب، حيث ما إن وصل الضحية إلى مستشفى مصطفى باشا توفي في مصلحة الاستعجالات، والقاتل خلال الجلسة تفاجأ زملاءه الذين حضروا كشهود في القضية عن تصرفاته التي توحي أنه مجنون، حيث يلتفت يمينا وشمالا عندما يسأله القاضي ولا يجيبه، الأمر الذي استدعى أمره بتعيين لجنة خبراء لمعاينة القاتل والتأكد من صحته العقلية لتتم إدانته بجناية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، بعد إثبات الخبرة العقلية أنه في كامل صحته العقلية وغير مجنون، رغم امتلاكه بطاقة الأمراض العقلية..
5 سنوات حبسا لمجنون "موسمي" سرق سيارتي جيرانه
أكد محامي أحد المتهمين بسرقة سيارتي جاريه أن موكله يحوز على شهادة إعاقة ذهنية بنسبة 80 بالمائة وأنه يصاب باضطرابات عقلية في فصل الصيف فقط، وفي فصل الشتاء يكون في حالة سوية، أي أن مرضه موسمي، غير أن القاضي الجزائي لم يقتنع بالخبرة التي أنجزت عندما مثل المتهم بنفس الجنحة وصدر في حقه حكما بوضعه في مصحة عقلية، لامتلاكه بطاقة الجنون ليتم إدانته بالحبس 5 سنوات نافذة و500 ألف دج غرامة، حيث وقائع القضية بدأت عندما استيقظ الضحيتين فلم يجدا سيارتيهما اللتين كانتا مركونتين أمام منزلهما وبعد توقيف المتهم اعترف أنه شغل السيارتين بتوصيل كابلا المحرك، وأنه لم يكن بوعيه العقلي، ليعيد القاضي إجراء الخبرة العقلية التي أثبتت بعدها أنه "مجنون كاذب".
مدمن يحاول حرق منزله بالبنزين ثم يدعي الجنون
مثل شاب مدمن أمام محكمة بئر مراد رايس بتهمتي محاولة الحرق العمدي والضرب والجرح العمدي بالسلاح الأبيض على الأصول، فحاول دفاعه إثبات أن يوم الوقائع كان موكله في حالة جنون متقطع غير أنه لم يستطع ذلك، فتم إدانته بالحبس النافذ لمدة عامين نافذة، وبعد الاستئناف تم تخفيض عقوبته إلى الحبس 4 أشهر نافذة وأطلق سراحه بعد أن صفح والديه عنه.
وآخر يهدد صيدلية بمنشار لمنحه المؤثرات العقلية
حاول مدمن مهلوسات عند مثوله أمام القاضي الجزائي إثبات لهيئة المحكمة أنه مجنون من خلال التصرفات التي كان يقوم بها، رغم أن عملية توقيفه كانت في حالة تلبس بحوزته منشار، هذا الأخير الذي أكدت الضحية وهي صيدلية أن المتهم هددها به، طالبا منها منحه المؤثرات العقلية كونه مدمن عليها، غير أنها رفضت كونه لا يملك وصفة طبية لتتصل بمصالح الأمن التي ألقت القبض عليه قبل ارتكاب جريمة في حق الصيدلية.
شاب يخرج من مركز معالجة المدمنين.. يذبح والده ثم يدعي الجنون
أمر القاضي الجزائي لدى محكمة الشراقة بوضع شاب في مقتبل العمر في مصحة عقلية للعلاج من الإدمان، وبعد فترة من العلاج كان من حين لآخر يخرج من المصحة ويتوجه إلى منزله، وآخرها ارتكب جريمة قتل في حق والده، حيث حمل سكينا من المطبخ وتوجه إلى غرفته وذبحه، ثم سلم نفسه للسلطات الأمنية وخلال مراحل التحقيق معه حاول إثبات أنه مجنون للتملص من المسؤولية للإفلات من العقاب، غير أن الخبرة أثبتت أنه لم يكن مجنونا عند ارتكاب جريمته، وعليه أحيل ملفه على محكمة الجنايات لمحاكمته بتهمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد ضد الأصول.
هوسه بخيانة زوجته له يجعله مضطربا ويحاول قتلها
أحيل كهل على محكمة الجنايات بتهمة محاولة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، حيث راحت ضحيته زوجته التي طعنها على مستوى الظهر والقلب، منتهزا ذهاب أطفاله إلى المدرسة، وقد نجت زوجته بأعجوبة من الموت، وخلال التحقيقات تبين أن المتهم كان في صحة جيدة، غير أن شكوكه المرضية لسنوات حول خيانة زوجته له تطورت إلى اضطراب عقلي جعله يحاول قتل أم أطفاله، وخلال مثوله أمام القاضي كان في حالة يرثى لها، فقد أصبح مقعدا لتأمر المحكمة بوضعه في مستشفى فرانس فانون لتلقي العلاج.
مختل يعترف بقتل شقيقه قبل أن يقتله
تعرض شاب للضرب بواسطة مطرقة على الرأس من قبل شقيقه المختل العقلي إلى أن فارق الحياة، وبعد إحالة القاتل على المحاكمة اعترف بالجريمة التي ارتكبها، موضحا للقاضي الجنائي أسبابه في فعل ذلك، وهي أن الضحية كان يعمل معه ولا يفوّت فرصة للإساءة له وآخرها قتل والدة زوجته وخوفا من قتله له أيضا سبقه وضربه بمطرقة على الرأس. والدة المتهم والضحية حضرت جلسة محاكمة فلذة كبدها، وأكدت للقاضي أن ابنها مختل عقليا، وأن حماته انتحرت ولم تقتل كما يدعي، وعلى هذا الأساس وضع المتهم في مصحة عقلية.
القانون لا يعاقب المختلين عقليا لغياب القصد الجنائي
أفاد المحامي طارق مكتوب أن المادة 45 من قانون العقوبات تنص على أنه في حالة ارتكاب شخص جريمة يكون في حالة جنون يعفى من المسؤولية الجزائية، دون الإخلال بالمادة 21 من قانون العقوبات التي تنص على أن المجانين يتم وضعهم في مؤسسة استشفائية ومسألة الجنون يتم إثباتها من طرف خبير شرعي مختص.
وأوضح الأستاذ مكتوب أنه في حالة ارتكاب الشخص جريمة وبعدها أصيب بالجنون، لا يعاقب ويوضع في مصحة عقلية، وفي حالة أنه كان مجنونا وشفي ثم ارتكب جريمة يعاقب ويحاكم عاديا، مشيرا إلى أن المشرع الجزائري وضع عقوبة لتحقيق الردع، وفي حالة الشخص يكون مجنونا فالردع لم يتحقق لأنه غير سوي، وأضاف أن نوبة الجنون المؤقت صعب إثباتها من طرف الخبير الشرعي، ما يؤدي إلى محاكمة المصابين به بصفة عادية إلى أن تظهر عليهم علامات الجنون في المؤسسة العقابية يتم إحالتهم على المصحات العقلية، وبما أنه تم انتفاء العقوبة في حقهم فإن الضحايا لا يعوضون ماديا.
المنحرف يدعي الجنون انتقاما من المجتمع
الأستاذة سمية نجاري مختصة في علم النفس، أرجعت سبب تلاعب الشاب المنحرف بالمحامين والقضاة عند ارتكاب جرائم يرجع إلى نشأته من الطفولة إلى المراهقة وصولا إلى الشباب، حيث في حالة ما إذا كانت أسرته غير سوية فيرى والديه يكذبون ويسرقون، فيتقمص كل الأدوار فيصبح كذابا ولصا وحتى مجنونا، وفسرت الأخصائية النفسانية نجاري الحالة النفسية لمنتحل صفة مجنون أن ذلك يرجع إلى الشعور بالحقرة نحو العالم الآخر، ما يبرر انتقامه منه من خلال الانحراف ومحاولة التهرب من المسؤولية الجزائية بتمثيل دور المختل وتقمص شخصيته.
أكد أن قضاة أعادوا الخبرة العقلية سبع مرات.. البروفيسور ثابتي مجيد
إدعاء المجرمين الجنون.. يورطهم أكثر مما ينفعهم
أكّد البروفيسور ثابتي مجيد رئيس مصلحة الأمراض العقلية بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة بالشراقة أنّ تحرير الخبرة العقلية للحالات التي يستشارون فيها من قبل المحكمة يخضع للضمير المهني للطبيب المختص تفاديا لأي تواطؤ أو تدليس.
ونفى المتحدث أن تكون حالات احتيال المهتمين ولجوئهم ألى هذا التحايل كثير الانتشار على مستوى المحاكم، لانه حسب رأيه يورط المتهم أكثر مما ينفعه ويفيده، لاسيما وان القاضي لا يعتمد في اغلب الحالات على خبرة عقلية واحدة.
وكشف ثابتي عن تجارب سابقة له في هذا المجال استعانت فيها المحكمة بسبع خبرات عقلية لمختصين مختلفين لقطع الشك باليقين، وأحيانا أقل من ذلك بين 3 خبرات أو 4 حسب تقدير القاضي وتشخيص الطبيب وكذا تطابق هذا التشخيص مع محاضر الشرطة والدرك، وأحيانا يطلب القاضي 3 خبرات عندما يتبين له تناقض في النتائج.
وكشف المختص عن محاولات أغلبها فاشلة لحالات يتقمّص فيها أصحابها دور المريض العقلي بمهارات عالية وتقنيات دقيقة تصل أحيانا حد استقدامهم وصفات طبية سابقة وتناولهم أدوية المرضى، غير أن مهارة المختص العقلي تبيد كل هذه المحاولات وتفشلها.
ومن أهم ما يلجأ إليه المختص للتحقق من حقيقة الحالة المعروضة أمامه بعد جلسات أسئلة معها في المستشفى هي وضع الحالة في المستشفى المختص في الأمراض العقلية لمدة من الزمن لتحرير التقرير النهائي في ظرف يتراوح بين 15 يوما وشهر على أكثير تقدير.
ووجّه المتحدث دعوة إلى القضاة ومسؤولي قطاع العدالة بحسن اختيار المختصين العقليين وأن يكون ذلك من نصيب النخبة المؤهلة المعروفة ذات الضمير الحي، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية للوقوف على الدراسة الدقيقة للحالات وتقنيات تشخيصها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/02/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حورية كريمة خلاص
المصدر : www.horizons-dz.com