الجزائر

بصمات فرانسوا ماسبيرو حياة كلها نضال



 كان فرانسوا ماسبيرو يملك مكتبة ودار نشر في رقم 21، شارع الكاردينال لوموان بالدائرة الخامسة من باريس. كان ينشر كتب مناضلي العالم الثالث ويوزعها وإليه يعود الفضل في نشر كتب مصطفى الأشرف، فرانز فانون، سمير أمين وغيرهم من مقالات العالم المستعمر (بفتح الميم) قبل أن تستعيد أغلب الدول الإفريقية و الآسيوية استقلالها. كان رواد مكتبة فرانسوا ماسبيرو هم في الغالب طلبة تلك الدول المقهورة الذين ساعدهم الحظ للوصول إلى باريس. لقد تأسف جميع محبي الفكر النير والنضال من أجل الحرية والحق على غلق فرانسوا ماسبيرو لمكتبته في الثمانينيات، لكن الرجل الذي شاخ وتعب صحيا لم يعد قادرا فعلا على تحمل عبء النضال المرهق، هو الذي قضى أغلب أيام حياته في خدمة الإنسانية "كان ذلك النبراس المشع" ساهم في إنارة الطريق لكل المقهورين في هذا العالم الذي لا يرحم" هكذا وصفه ميشال تورنيي Michel Tournier الكاتب الفرنسي المعروف بمواقفه الشجاعة ضد الاستعمار الأوروبي الغاشم. والواقع أن فرانسوا ماسبيرو لم يغلق مكتبته هكذا وإنما أغلقها لكونه فقر في عالم رأسمالي لا يرحم.  كان طلبة العالم الثالث من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية يسرقون كتبه ويراهم بعينيه لكنه كان يتغاضى عنهم، كان يقول لأصدقائه :" ما عساني أفعل لهؤلاء الطلبة الفقراء؟" وكان يسمح لهم وهو يبتسم، لكن تقدمه في السن وصعوبة الحياة أرغمته على توقيف زائريه كما أن دافع الكتابة كان دائما يلاحقه، فتفرغ لتأليف الكتب. ألف فرانسوا ما سبيرو كتابا قلما كتبه مؤلف فرنسي، هذا الكتاب هو سيرة المجرم الاستعماري سان أرنو الذي أباد عشرات الآلاف من الجزائريين، وهو الذي ينسب إليه حرقه لأكثر من 3000 جزائري في داخل مغارات الظهرة؟ صدر الكتاب في طبعة خاصة بالجزائر وترجم إلى العربية بدار القصبة سنة 2008، لقد أكمل فرانسوا ماسبيرو نضاله من أجل استقلال الجزائر بهذا الكتاب الجميل / المرعب الذي يعتبر من أكبر الشهادات التي تدين الإبادة الجماعية للشعب الجزائري في المنتصف الأول من القرن التاسع عشر. يكتبها: جيلالي خلاص


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)