الجزائر

بصمات إنجليزي ليس كالآخرين



عندما زرت لندن في شهر سبتمبر من سنة 2002، عاهدت نفسي على زيارة جامعة العاصمة الإنجليزية العريقة، لا لشيء إلا لرؤية ما بقي من قسم "الثورة الجزائرية" أو حرب الجزائر كما كان الغرب يسميها. كان الأستاذ الدكتور أليستر هورن Alistair Horn قد أسس هذا القسم سنة 1960 فتخرج منه عشرات الطلبة الإنجليز وغير الإنجليز. وقد ألف الأستاذ الدكتور أليسترهورن كتابا ضخما عنونه بـ"حرب الجزائر"، ترجم هذا الكتاب إلى عشرين لغة ولايزال أحد المراجع الأساسية عن ثورتنا المجيدة في الكثير من بقع العالم.لقد نشرت مطبوعات دحلب في سنة 2008 نسخته الفرنسية. مع شكرنا لمؤسسة دحلب، نرجو ترجمة هذا الكتاب المهم إلى العربية. فهل من أذن صاغية أوعين قارئة؟كان الجو لطيفا يوم 20 سبتمبر سنة 2002، حين خرجت من مطار لندن رفقة مهيار الساعدي نجل أخي وصديقي العراقي الدكتور عبد جاسم الساعدي. في تلك اللحظة، انقشعت جميع أفكاري "السيئة" عن "لندن الضباب والبرد القارص" أنا القادم من بلاد الشمس والحرارة.لم يكن الجو يختلف عن لطافة أجواء سبتمبر الجزائر، ركبنا أنا ومهيار المترو من المطار إلى وسط العاصمة الإنجليزية الأسطورية. حين خرجنا من محطة "هايد بارك" الشهيرة، وجدنا الدكتور عبد جاسم الساعدي في انتظارنا. عانقني طويلا ثم مضينا إلى بيته وهولا يفتأ يسألني عن الجزائر. كانت مآسي تسعينياتنا لاتزال تقلقه بالرغم من متابعته لأحداث "القدر التي تبرد شيئا فشيئا"، كما كان يصف الجزائر التي كانت تسترجع وقتها عافيتها.في اليوم الثالث من زيارتي طلبت من صديقي عبد جاسم أن يأخذني إلى جامعة لندن. ركبنا سيارته حوالي الساعة التاسعة صباحا، كانت تمطر رذاذا بدالي أسود بخلاف رذاذ أمطار الجزائر .. ولا غرو في ذلك فغيوم لندن السوداء تقلب الجو حتى تجعله حالكا لكثافة الرطوبة والضباب.وجدت جامعة لندن ضخمة واسعة، طاف بي عبد جاسم بأقسامها المهمة دون دخولها. لو دخلناها لأمضينا نهارنا وبعض ساعات من اليوم الموالي!حوالي الساعة الحادية عشر دخلنا القسم السابق (انتهى العمل بالثورة الجزائرية سنة 1975) للأستاذ الدكتور أليستر هورن. لاتزال هناك لوحة تذكارية تذكر بمؤسسه وبأعماله المشرفة. لقد تقاعد أليستر هورن سنة 1997 بعد سجل حافل بالأعمال الجليلة علميا ونضاليا. يجب أن نذكر القراء أن انجلترا كانت أكبر امبراطورية استعمارية سنة 1960 حين أسس الأستاذ الدكتور أليستر هورن هذا القسم، وكان طوال تدريسه بالقسم والإشراف على طلبته رجلا عادلا وأستاذا منحازا لثورتنا.. بينما بلده يدعم فرنسا ككل الدول الإستعمارية وقتها.. لهذا نقدم تحية إكبار وإجلال للدكتور أليستر هورن الذي يبلغ اليوم قرابة الـ 87 عاما. فعمر مديد وسعادة دائمة يا أستاذ الأجيال.يكتبها: جيلالي خلاص


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)