الجزائر

بشهادة رفقاء السلاحالمرحوم كان مناضلا مقداما يتمتع بروح تنظيمية فائقة


وجرت مراسم الدفن التي صادفت اليوم الثاني من عيد الأضحى بحضور ممثل رئاسة الجمهورية السيد رشيد عيسات ومجاهدين ورفقاء السلاح وكذا والي ولاية تيزي وزو ومواطنين جاؤوا للترحم على العقيد التاسع للولاية التاريخية الثالثة بعد كل من عبان رمضان وعميروش آيت حمودة وملاح علي وزعموم صالح وكريم بلقاسم ومحند أولحاج ومحمدي سعيد وعمر أوعمران.
ولد الفقيد، واسمه الحقيقي سليمان دهيلس، في 14 نوفمبر 1920 بقرية آيت برجل ببلدية واضية التي تضم كذلك قرية ايغيل ايمولا التاريخية -حوالي 30 كلم جنوب تيزي وزو- حيث تم طبع بيان أول نوفمبر 1954 المعلن للعالم بأسره بداية الكفاح المسلح والثورة التحريرية التي نذر لها الراحل زهرة شبابه.
وكان المرحوم قد بدأ مشواره الكفاحي سنة ,1943 حيث شارك بنابولي (ايطاليا) إلى جانب الحلفاء ضد النازية، ثم انضم سنة 1946 إلى جانب كريم بلقاسم لتنظيم العمل المسلح للمنطقة الرابعة كما كان يناضل على الجبهة السياسية داخل حزب الشعب الجزائري/حركة انتصار الحريات الديمقراطية الذي انضم لفدراليتها بفرنسا.
وكلفه نضاله السياسي بالتراب الفرنسي التوقيف سنة 1953 قبل أن يعود إلى أرض الوطن للمشاركة في الكفاح المسلح، حيث لم يتوان في الانضمام متميزا بخصاله النضالية وروحه التنظيمية وأوكلت له عدة مسؤوليات بجيش التحرير الوطني.
وشارك في جوان 1955 في اجتماع آيت دوالة الذي جمع كلا من عميروش وكريم بلقاسم ومحمدي سعيد ويازوران وعبد الرحمن ميرة.
وكان هذا الاجتماع تحضيرا لمعركة كبيرة ضد الجيش الفرنسي، حيث مكنت من استرجاع كميات معتبرة من الأسلحة والذخيرة لصالح مجاهدي جيش التحرير.
ونظرا لحنكته وتجربته العسكرية أوكلت له مهمة تموين فيلق القبائل الأول وقام بهذه المهمة في مدة لا تفوق ستة أشهر.
وفي سنة 1957 كلفه عبان رمضان بتنظيم الولاية الرابعة ليخلف عمر اورمضان الذي توجه إلى تونس.

أجمع العديد من رفقاء المجاهد المرحوم العقيد صادق دهيلس في الولاية  التاريخية الرابعة (وسط البلاد) على أن الفقيد كان مناضلا مقداما في جيش التحرير الوطني وكان يتمتع بحس وطني ''كبير'' وروح تنظيمية ''فائقة''.
وقال في هذا الصدد الرائد محمد بوسماحة المدعو محمد البرواقية أن العقيد صادق ترك أثرا بارزا في صفوف جيش التحرير بالولاية الرابعة بفضل حسه التنظيمي والنضالي وصده لقوات العقيد موريس بيجار.
وأضاف نفس المتحدث قائلا ''كان لي الشرف أن ألتقي بهذا المجاهد المقدام في أكتوبر 1956 حينما كان عائدا من مؤتمر الصومام وكان آنذاك يعكف على تنظيم المنطقة الرابعة التي أصبحت فيما بعد الولاية الرابعة''، مذكرا بأن هذا اللقاء مع العقيد صادق الذي أصبح مسؤوله العسكري جاء بعد التحاقه بالكفاح بعد إضراب طلبة الجامعات والثانويات.
''ومكنني هذا اللقاء -كما قال- من الاطلاع على خصال هذا المجاهد الباسل الذي كانت لديه نظرة مستقبلية بعيدة المدى''.
ووصف الرائد بوسماحة هذا المجاهد بالرجل الذي كان يتمتع بالخصال الإنسانية والمتواضع في تعامله مع الجنود وقساوته مع العدو.
واستطرد قائلا ''طالما تعرض الفقيد سي صادق لانتقادات بسبب مزاجه لكن الحرب كانت ضارية ولا مكان فيها سوى للرجال القادرين على التحلي بالصرامة عندما يستدعي الأمر ذلك''.
كما يحتفظ نفس المتحدث خلال لقائه مع العقيد سي صادق بلوزانة بالقرب من حمام ملوان سنة 1956 بذكرى رجل قوي العزيمة وكان في خدمة الملتحقين الجدد بصفوف جيش التحرير، حيث كان يركز على التكوين  ويولي أهمية أكبر لمن تابعوا مشوارا دراسيا.
وهذا ما مكنه -كما قال- من ترك بصمته على الولاية الرابعة التي جعلها ''مشتلة لإطارات الثورة المتعلمين''.
وأشار هذا الإطار الأسبق في جيش التحرير الوطني إلى أن سي صادق كان يتمتع في الولاية الرابعة قبل التحاقه بمجلس القيادة ''بسمعة كبيرة بعد نجاحه في تفكيك المصاليين في منطقة قنزات في الولاية الثالثة (منطقة القبائل)''.
وذكر الرائد بوسماحة أن سي صادق الذي كان في البداية قائدا عسكريا في الولاية الرابعة رافق وفد هذه الولاية التاريخية برئاسة العقيد أوعمران إلى مؤتمر الصومام قبل العودة وتولى القيادة بصفته عقيدا وتوجه إلى الخارج بعد أربعة أشهر. 
وأشار الرائد بوسماحة إلى أن سي صادق كان يتولى مهام التسليح  والتكوين العسكري ثم عكف على إرسال الأسلحة والأموال إلى الولاية الرابعة ابتداء من سنة 1960 عبر الحدود الغربية للجزائر وميناء الجزائر العاصمة.
واعتبر القائد الأسبق للولاية الثالثة (منطقة القبائل) يحيى عبد الحفيظ أن سي صادق كان ''المحارب الأبدي''.
ويروي سي عبد الحفيظ أن ''سي صادق كان كاملا وكان يكره تفويت ما يتعارض مع مبادئه''، مضيفا أنه كان معجب ''بصراحة'' المرحوم سي صادق. 
وذكر هذا الإطار السابق في جيش التحرير الوطني بأنه التقى بالعقيد سي صادق عدة مرات بإيغيل إيمولا في أعالي منطقة القبائل، حيث ''كان يأتي في كثير من الأحيان ليلتقي بالشهيد عمار أت شيخ الذي كان محاربا في 1947 وكان يحب رفقة هذا الأخير''. 
وأضاف السيد عبد الحفيظ أن سي صادق كان صديقا وفيا بحيث توطدت علاقتهما بعد الاستقلال على مستوى حزب جبهة القوى الاشتراكية. 

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)