تعرف زراعة الزيتون في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا بمنطقة الساورة بعد التجارب الأولية التي خاضها بعض الفلاحين بمناطق شمال بشار كمنطقة نيف الرحا بواكدة والزبارة بدائرة لحمر ، وعبر تراب منطقة تبلبالة التي تقع إلى الجنوب الغربي من مقر الولاية وتبعد عنها بحوالي 400 كلم ،وبلديتي القنادسة وتاغيت ، أين اكتشف هؤلاء عملية النمو السريع لهذا النوع من الأشجار ، وإعطاء نتائج معتبرة وذلك رغم حداثة التجربة ، كون أن المناخ السائد بالمنطقة ونوعية التربة ملائمان لممارسة مثل هذه الفلاحة ،والتي تعتبر من الموارد الإستراتيجية الهامة التي يمكن أن يعتمد عليها الاقتصاد الوطني ، بحيث يرى بعض الخبراء بأن زراعة الزيتون بالمنطقة يمكن أن تأتي في الدرجة الثانية بعد زراعة النخيل .
ومن هنا انطلقت التجربة بصفة فعلية حيث تم تسجيل وانجاز أول عملية خاصة على مساحة تقدر بحوالي 50 هكتار من أشجار الزيتون ، وتقرر التكفل بهذا النوع من الزراعة عن طريق صندوق دعم الاستثمار الفلاحي ، حيث قامت مديرية المصالح الفلاحية باستقبال وقبول العديد من الملفات، موزعة على مساحة تقدر ب 250 هكتار منجزة ، وذلك على مستوى المناطق التي سجل فلاحوها نتائج ملموسة ،عبر بلديات لحمر تبلبالة تاغيت وبشار ، منها 68 هكتار دخلت في عملية الإنتاج ، ويقدر العدد الإجمالي للأشجار المغروسة حاليا بهذه المساحة بحوالي 292 ألف شجرة زيتون منها 1150 شجرة منتجة ، وتتوقع مصالح الفلاحة بالولاية إنتاج ما يفوق ال 500 قنطار من الزيتون منها 340 قنطار من زيتون المائدة و 200 قنطار من زيت الزيتون ، كما استفادت الولاية في الفترة الأخيرة من مشروع ذو طابع محلي ويتمثل في غرس حوالي 300 هكتار ، العملية مدعمة بوسائل السقي بالتقطير ،وفتح العديد من المسالك الفلاحية ،وقد رصد لها مبلغ مالي يقدر بحوالي 07 ملايير سنتيم ، وستمس بلديات لحمر،بشار ، القنادسة ،تاغيت،وتبلبالة ،على أن يتم تعميم هذا المشروع على بقية الدوائر والبلديات ،حسب مديرية المصالح الفلاحية بالولاية ، ونشير إلى أنه وخلال الموسم الفلاحي الأخير أي من 01 أكتوبر سنة 2011 إلى غاية 30 سبتمبر 2012 ، وفي إطار الدعم الكلاسيكي ، قد تم قبول العديد من طلبات الفلاحين الراغبين في زراعة الزيتون ، وتقدر المساحة المخصصة لذلك بحوالي 147 هكتار ، تم منها انجاز 66 هكتارا .
أما على مستوى المشاريع الجوارية للتنمية الريفية والتي تعتمد على مساهمة المواطنين ، مع التدعيم من طرف الصندوق الخاص بهذه البرامج ، فإنه قد تم انجاز 331 هكتار من أشجار الزيتون خلال الفترة الممتدة من سنة 2009 إلى سنة 2012 أي بنسبة 49 بالمائة من السداسي الذي يحتوي على غرس 373 هكتار من الزيتون ، وحسب محافظة الغابات لولاية بشار فانه يتم بالموازاة مع هذه البرامج تطوير هذا الصنف من الأشجار الذي أعطى نتائج حسنة على مستوى هذه الولاية ، وذلك في إطار إنجاز أشرطة خضراء لفائدة التجمعات السكنية على مستوى كافة تراب الولاية .
المرافقة المادية والتقنية
وتتمثل هذه المرافقة في عملية الدعم الموجه لزراعة الزيتون والتي انطلقت منذ السابع أفريل من سنة 2010 ، في إطار الصندوق الوطني للاستثمار الفلاحي ، فقد بلغ عدد الملفات التي تم قبولها لحد الآن بحوالي 461 ملف ، موزعة على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 1331 هكتار أنجز منها 244 هكتار ،ونلاحظ هنا الفرق الشاسع بين ما تم قبوله من طلبات وما تم انجازه ، ويعود ذلك حسب المصالح الفلاحية إلى صعوبة الحصول على شجيرات الزيتون ، حيث يلجأ الفلاحون إلى اقتنائها من ولايات الشمال وهو الأمر الذي يكلف الفلاح أموالا باهظة ،ناهيك عن المسافات الطويلة التي يقطعها،للبحث عن المشتلات الخاصة بهذه الشجيرة ، هذه الأخيرة التي ينعدم وجودها بالمنطقة ،وحسب نفس المصادر فإن حل هذا الإشكال يكمن في مشروع الاقتراحات المحلية الذي سيعتمد قريبا على مستوى الولاية ،والموجه لإنجاز مشتلات ووسائل السقي بالتقطير وفتح المسالك الفلاحية ، حيث يقدر المبلغ المالي المخصص لهذه العملية بحوالي 7 ملايير سنتيم أيضا، و سيسمح هذا المشروع ذو الطابع المحلي بتعيين مقاولين يشرفون على عملية الإنجاز.
أما بخصوص الغلاف المالي و الموجه لدعم زراعة الزيتون حاليا ،في اطار الدعم الكلاسيكي فيقدر بحوالي 12 مليار سنتيم ، أنجز منه حوالي 900 مليون سنتيم ، ويقدر المبلغ المالي أيضا والموجه للتنقيب عن الموارد المائية وإلى غاية سنة 2014 بحوالي 218 مليار سنتيم .
بالإضافة للمرافقة المادية للفلاحين الراغبين في زراعة الزيتون بالمنطقة والمتمثلة في عمليات الدعم التي يتكفل بها صندوق دعم الاستثمار الفلاحي ، هناك المرافقة التقنية الموجهة لصالح هؤلاء الفلاحين وتتمثل في البداية في عملية مراقبة شجيرات الزيتون التي يراد غرسها بالمنطقة من طرف مصالح حماية النباتات للتأكد من النوعية وعدم إصابتها ببعض الأمراض ، كما تقوم الأقسام الفرعية على مستوى المناطق التي تتواجد بها زراعة الزيتون والتابعة لمديرية المصالح الفلاحية بالولاية ،وعن طريق المعهد التقني للزراعة الصحراوية المتواجد بالعبادلة ، بتقديم بعض الإرشادات والتقنيات الأولية للفلاحين ، بداية من عملية الغرس إلى الإنتاج
الإنتاج بحاجة إلى معاصر:
بدأت أول عملية إنتاج الزيتون بولاية بشار حسب مديرية المصالح الفلاحية ، بالموسم الفلاحي 2008_ 2009 أين تم إنتاج حوالي 310 قنطار من الزيتون ، وبالموسم 2009_2010 قدر الإنتاج آنذاك بحوالي 375 قنطار ، أما بالموسم الفلاحي 2010_2011 تحصل فيه فلاحوا المنطقة على 360 قنطار من الزيتون ، وبالموسم الفلاحي الأخير 2011_2012 تم إنتاج حوالي 374 قنطار من الزيتون ، وتحصل منه على حوالي 2200 لتر من الزيت ذو الجودة العالية ، ويلاحظ هنا أن عملية العصر لإنتاج زيت الزيتون لم تبدأ إلا بالموسم الأخير هذا ، والسبب في ذلك حسب السيد عبد الغاني إطار بمديرية المصالح الفلاحية بالولاية ، يعود إلى حداثة التجربة بالولاية بالنسبة للفلاحين ، بالإضافة إلى عدم توفر معاصر خاصة بإنتاج الزيت بالمنطقة ، حيث يضطر المزارعين إلى نقل منتوجهم من الزيتون إلى ولاية تلمسان من أجل عملية العصر ، وفي هذا الصدد تفيد مصالح الفلاحة بالولاية ،بأنها وافقت مع عملية الدعم على عدد من الطلبات الخاصة بإنشاء معاصر بالمنطقة منذ مدة، إلا أن المستفيدين لم ينطلقوا بعد في عملية الإنجاز .
وحول الآفاق المستقبلية لزراعة الزيتون بالمنطقة ، تم تسطير برنامج على مستوى مديرية المصالح الفلاحية لغرس حوالي 50 ألف هكتار من الزيتون ، وهذا إلى غاية 2014 ، ويبدو أن هذه المصالح تتخوف من عدم تحقيق هذه النتيجة المسطر لها على مستوى المناطق القابلة لزراعة الزيتون ، ذلك يعود حسب ذات المصادر إلى عدم توفر مشتلات أشجار الزيتون على مستوى المنطقة ، وعدم توفر مساحات مهيئة خاصة بزراعة الزيتون ، بالإضافة إلى عدم وجود برامج خاصة بالكهرباء الفلاحية في الوقت الحالي ، كما أن عملية الاستصلاح تسير بوتيرة ثقيلة جدا رغم الأهمية القصوى التي توليها الوزارة المعنية لهذا النوع من الفلاحة .
وفي إطار التعليمة الوزارية المشتركة رقم ( 108 ) والخاصة بحاملي الشهادات والإطارات وإنشاء المستثمرات الجديدة الموجهة للفلاحة بصفة عامة وزراعة الزيتون بصفة خاصة والمدعمة من طرف الصندوق الوطني للاستثمار الفلاحي ، بالإضافة إلى القروض البنكية ، تم قبول حوالي 10 آلاف هكتار على مستوى مديرية المصالح الفلاحية لولاية بشار .
أصحاب المهنة يتحدثون عن التجربة :
عبد الرزاق صابوني ( رئيس جمعية تطوير زراعة الزيتون ببشار ):
يرى السيد صابوني بان ضمان نجاح تجربة زراعة الزيتون بالمنطقة مرهونا بالمرافقة التقنية الفعالة ، وتوفير الدعم المادي الكافي للفلاح ، فلا يكفي أن يستفيد هذا الأخير من وسائل الري وشق المسالك الفلاحية ، بل يحتاج أيضا إلى عملية تهيئة التربة وأماكن الغرس ، وهي تقنيات يجب توفرها ، وتكلف ألفلاح أموالا ضخمة ، هو غير قادر على تحملها وحده ، وهو الأمر الذي يعيق استمرارية نجاح هذه التجربة بالمنطقة ، حسب رأي عبد الرزاق صابوني رئيس جمعية ترقية وتطوير زراعة الزيتون بالولاية ، كما أن عملية الغرس البدائي لهذا النوع من الأشجار والتي يقوم بها فلاحوا المنطقة في الوقت الحالي ، تؤثر سلبا على نمو هذه الشجرة ، يضيف السيد عبد الرزاق ، بالإضافة إلى نقص التكوين لدى هؤلاء الفلاحين ، نظرا إلى عدم قدرة الإستيعاب لدى مركز التكوين الفلاحي بعين تموشنت الأمر الذي يجعل تنقل عدد الفلاحين من ولاية بشار بغرض التكوين بهذا المركز ضئيل جدا بالمقارنة مع العدد الكبير لهؤلاء بالمنطقة ، ولذلك يرى السيد صابوني بأن عملية التكوين يجب أن تتماشى ووتيرة تحقيق البرنامج المسطر لإنجاز هذا المشروع الطموح، وعليه يقترح السيد عبد الرزاق صابوني بأنه يجب التفكير من الآن في استحداث تخصصات بمراكز التكوين المهني ، خاصة بتكوين الفلاحين الصغار ،وأبناء الفلاحين ،والمستفيدين من الأراضي في إطار الاستصلاح،وبالتالي نضمن نسبة النجاح في هذا النوع من الزراعة ،كما يرى السيد صابوني بأن هناك نوع من الشح في عملية استفادة الولاية من الأغلفة المالية الموجهة للكهرباء الفلاحية ، الأمر الذي يعيق عملية تحقيق الأهداف المسطرة ، لإنجاح هذا النوع من الزراعة الإستراتيجية ،حسب تعبيره، وفي مجال الري يرى السيد عبد الرزاق بأنه يجب الاستفادة من كميات الأمطار التي تتساقط بالمنطقة عن طريق السدود والحواجز المائية ، لأن مخزون المياه الجوفية هو في تراجع ، فال 700 بئر تقريبا والموجودة حاليا على مستوى تراب الولاية لا يتجاوز معدل ضخها 1,8 لتر في الثانية ، وهي نسبة ضئيلة جدا ، لتحقيق ما هو مخطط للفلاحة بالمنطقة ، وخاصة ما تعلق منه بالمشروع الضخم الذي تعتزم الدولة تحقيقه بالمنطقة ،والمتعلق بزراعة الزيتون ، حسب رأي السيد صابوني ، ويضيف بأنه ونتيجة للنقص الكبير المسجل على مستوى مياه السقي الفلاحي فإن فلاحي منطقة الزبارة على مستوى دائرة لحمر شمال الولاية والتي نجحت بها زراعة الزيتون ، بدأو يفقدون الأمل في مواصلة نشاطهم نظرا لقلة المياه ، ونقص الكهرباء .
الطاهر محمد ( فلاح )
الطاهر محمد هو فلاح بمنطقة الزبارة الفلاحية بدائرة لحمر، ويقول عن تجربته مع زراعة الزيتون أنها بدأت عن طريق دعم الصندوق الخاص بالدعم الفلاحي سنة 2007،حيث قام الفلاح الطاهر بغرس حوالي 200 شجرة ،مع الجهد المبذول للعناية بهذا النوع من الزراعة ، حيث لاحظ الفلاح الطاهر أن التجربة بدأت تحقق نتائج ملموسة ، فقرر مضاعفة عملية الغرس على حسابه الخاص،ليصل اليوم إلى غرس ما يفوق الألفين شجرة ،مركزا على نوعين من شجر الزيتون وهما : الشملال وهو النوع الخاص بانتاج زيت الزيتون - والسيقواز وهو النوع الخاص بإنتاج زيتون المائدة ،ويضيف الفلاح الطاهر بأن النتيجة كانت مرضية جدا،الأمر الذي أهله للمشاركة بالمعرض الاقتصادي الدولي لإنتاج الزيتون ،رفقة مجموعة من فلاحي ولاية بشار والذين حققوا نتائج معتبرة في مجال زراعة الزيتون ،ويقول الفلاح الطاهر محمد بأنه بدأ في عملية الإنتاج سنة 2011 ،أي بعد ثلاثة سنوات فقط من بداية عملية الغرس ، إلا أنه وجد صعوبة كبيرة في عملية التسويق نظرا لعدم توفر معصرة بالمنطقة ، حيث يضطر الفلاح الطاهر ،وآخرون إلى عملية تجميع المنتوج من الزيتون ، ثم يقوم بنقله إلى ولاية تلمسان ،التي تبعد عن مقر الولاية بشار بحوالي 700 كلم ، للقيام بعملية العصر ، مع طول فترة الإنتظار هناك ، لتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من ثلاثة أيام ، وهو الأمر الذي يكلف الفلاح مصاريف أخرى ، نظرا لبعد المسافة ، ويقول الطاهر عن الصعوبات الأخرى التي تواجه مزارعي الزيتون بالولاية وخاصة بمنطقة لحمر أين تعاني مزرعته من قلة الكهرباء ، والنقص المسجل على مستو مياه السقي ، وظاهرة البيروقراطية على مستوى مصالح مديرية الفلاحة بالولاية ، يقول الفلاح الطاهر بأنها عوامل اجتمعت ، وقد تؤدي في الأخير إلى هجرة الفلاح لأرضه وبالتالي فشل هذا المشروع المعول عليه بالمنطقة ، كمورد اقتصادي هام بعد النخلة ، فبالنسبة لقلة المياه ،يضيف الطاهر بأن فلاح منطقة الزبارة بدائرة لحمر قد تقدموا بعدة اقتراحات للجهات المعنية ، ومن بينها إنشاء الحواجز المائية على مستوى الأودية المتواجدة بالمنطقة ، وهذا لتفادي تبخر مياه الأمطار التي تتساقط بها ، وكذا من أجل ارتفاع منسوب المياه الجوفية والتي هي في تراجع مستمر ، مما أدى إلى نقص كبير في منسوب عملية الضخ من الآبار ، ويتخوف فلاحو هذه المنطقة من أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة الملوحة بالأراضي الفلاحية ، وبالتالي تزداد معاناة الفلاح في البحث عن مياه السقي ، ويضيف الفلاح الطاهر مواصلا حديثه عن الاقتراحات التي تقدموا بها ،من أجل توفير مياه السقي بالمنطقة ، ويتعلق الأمر باستغلال مياه الحوض الذي يتوسط منطقة جبال ( عنتر قروز وعريض ) ، وذلك بإنشاء سد مائي يتوفر على كافة الشروط ، ويرى الفلاح الطاهر بأن هذا المشروع لو تحقق ، قد يكفي لوضع حد نهائي لمعاناة فلاحي مناطق شمال الساورة الفلاحية من نقص مياه السقي .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/10/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : غ بلقاسم
المصدر : www.eldjoumhouria.dz