الجزائر

برج باجي مختار تضاهي كبريات المدن سوسيولوجيا وقرية نائية عمرانيا التسيير الأمني أضحى مصدرا للاأمن



أظهرت جولتنا في مدينة برج باجي مختار الحدودية أن اللغتين الوطنيتين المنصوص عليهما في الدستور لا تكفيان من يزور المنطقة للتواصل مع كل من يعيشون فيها. فعليك أن تتقن لغتين أجنبيتين على الأقل، هما الفرنسية والإنجليزية اللتان يتكلمهما الأفارقة أكثر من لغاتهم المحلية.
أصبحت مدينة برج باجي مختار، إذن، شبيهة بكبريات المدن العالمية من حيث تركيبتها الديمغرافية، ويتجاوز هذا الواقع السوسيولوجي كثيرا حجم المدينة عمرانيا ومرفقيا. وعليه صدق الزعيم السياسي سعيد سعدي حين حذر منذ سنوات من انفجار ديمغرافي يفوق ذلك الذي عاشته بلادنا في الثمانينيات وما زالت عواقبه لم تمح. ذلك الانفجار جاء نتيجة تشجيع الرئيس الراحل هواري بومدين على الإكثار من الأولاد لتدارك سياسة إبادة الشعب الجزائري التي مارسها الاستعمار طيلة 130 سنة. وكان حكم بومدين يوفر السكن للجزائريين بناء على عدد الأولاد أكثر من أي مقياس آخر، لكنه لم يفكر في باقي حاجيات ذلك الانفجار الديمغرافي لتشغيله وجعله منتجا لما يستهلكه ولضمان تأطيره من قبل إدارة الدولة.
والانفجار الديمغرافي الجديد ليس بفعل إكثار الجزائريين من الولادة، بل بفعل تفاقم ظاهرة الهجرة نحو بلادنا سواء بطرق شرعية أو سرية. المفارقة أننا في الجزائر نفكر كلنا في التغيير وفتح أفق جديدة للأجيال القادمة، ومقتنعون من المواطن البسيط إلى أعلى هرم السلطة بأن مؤسسات دولتنا لم تعد قادرة على استيعاب تطورات مجتمعنا، في وقت ينظر جيراننا في الحدود الجنوبية بشكل خاص، مثلما لمسناه في زيارة قصيرة لبرج باجي مختار، إلى الجزائر كقوة عظمى يمكنها أن تحقق لهم أحلامهم في العيش الأفضل وتخلصهم من جحيم النسيان والحياة البدائية في بلدانهم الأصلية. ولن نكشف شيئا إن اعتبرنا الحرب المبرمجة في شمال مالي ووضع اللااستقرار في منطقة الساحل عامة، سيجعل الوجهة الجزائرية حلما أكبر لشباب القارة الإفريقية لسنوات طويلة.
وقد سبق لرئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، أن دعا السلطات الجزائرية للإسراع بالاستثمار في أقصى الجنوب وحتى خارج حدودنا، لتجنب فوضى أمنية عارمة في المنطقة، وكان هذا التصريح قبل بروز أزمة مالي الجديدة بفترة. لكن ما لمسناه أيضا في برج باجي مختار أن السلطات الجزائرية متمسكة بالتسيير الأمني لهذه التطورات، وتحاول التحكم في ظاهرة الهجرة والتجارة المحظورة بكل أنواعها والإرهاب، عن طريق إجراءات أمنية تجاوزها الزمن: حواجز أمنية ثابتة، تسقيف تزويد السيارات بالوقود، عدم الاقتراب من مقرات الأمن، إجراءات حفظها أهل المنطقة والمهاجرون إليها عن ظهر القلب، ولا يجدون أي صعوبة في تجنبها. وفي المقابل تعيق المواطنين العاديين كثيرا في قضاء أشغالهم اليومية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)