الجزائر

برامج مختلفة تشبع اهتمامات المتلقين: البودكاست يعيد جيل الألفية إلى المحتوى السمعي



يعرف البودكاست الجزائري اهتماما واسعا بين الجمهور الرقمي، لاسيما بعد أن نقل الكثير من صناع المحتوى نشاطهم نحو مختلف تطبيقاته على غرار «سبوتيفاي» و»ساوندكلود»، فقد ظهرت برامج مختلفة في شتى الميادين، طرحت مواضيع قريبة من أفراد المجتمع تصب في فلك عديد الظواهر، بأسلوب شبابي أصلح القطيعة التي كانت بين جيل الألفية الجديدة والمحتوى السمعي، كما تحولت إليه مؤسسات إعلامية مستقطبة جمهورا جديدا من المتلقين.إيناس كبير
واستطاع البودكاست تكييف الكثير من المجالات مع تقنياته التي ألغت الزمان والمكان، لاسيما العلمية والمتخصصة، ملائمة بذلك اهتمامات المتلقي وتوجهاته الحديثة نحو برامج الميديا، كما شكلت هذه النسخة المحدثة من الراديو ثورة تقنية في برامج البث الإذاعي، فظهرت على أرضيتها الافتراضية مؤسسات إعلامية أيضا بهيئاتها المختلفة تبنت سياسة جديدة في الإنتاج والتقديم، فأنتجت عديد البرامج، منها حوارية تستضيف في كل حلقة شخصيات من مختلف المجالات من سياسية، وثقافية، وأدبية، وإعلاميين، ورحالة عرب، يتحدثون عن أهم المسارات التي غيرت حياتهم، وكذا برامج سردية تاريخية تنقلت بين مختلف الأزمنة والحضارات، وبرامج إخبارية سياسية تعرض آخر المستجدات في مختلف الأحداث على الرقعة العربية وفي العالم.
من جهتها واكبت قنوات أخرى خصائص جمهور هذه التقنية الحديثة، فتوجهت نحو التركيز على التنويع في إنتاج البرامج التي تلبي اهتمامات مختلف الشرائح العمرية، لاستقطاب جماهير جديدة مثل البرامج التي تهتم بالسينما ومراجعة الأفلام وتحليلها، وتقديم الثقافية السينمائية كأداة للتأثير على الأفراد، وأخرى عن اللغة العربية ومآثرها، فضلا عن برامج تهتم بتطوير الذات والسلوكيات اليومية للفرد،و تطرح استفسارات تواجه كل شخص في حياته، لكن إجاباتها قد تكون مفاجئة للمستمع بأسلوب شيق وسهل، كما اختار منتجون آخرون التوجه نحو تعليم اللغات من خلال تلخيص كتب وروايات أجنبية، ناهيك عن برامج إدارة المشاريع وصياغة الأفكار التي يقدمها مقاولون ورواد أعمال.
محتوى ناتج عن التدوين المكتوب
وأوضح المدون الصوتي، سيد علي مهري، صاحب البرنامج الحواري «سيدكاستيك»، بأن البودكاست انطلق حوالي سنة 2007، متطورا عن وسائل أخرى مثل منصة اليوتيوب، التي ظهر عليها آنذاك توجه نحو صناعة المحتوى الصوتي لبعض الأفكار والمواضيع التي لا تحتاج إلى الاستعانة بالصور أو ظهور صانع المحتوى، مضيفا بأن هذه الأداة الحديثة عند انطلاقها لأول مرة كانت بمثابة جزئية من المدونات المكتوبة أيضا، فقد مهد ظهور المواقع والمدونات الإلكترونية المقروءة إلى طرح فرضية التحول من القراءة إلى الاستماع، ووصف مهري هذه الخطوة بأنها كانت مثل إنتاج الكتب الصوتية تماما والتي ظهرت قبل البودكاست لهذا فإن الأرضية كانت مهيأة له، وقال بأن المدونين عندما تحولوا إلى تسجيل مدوناتهم، اكتشفوا بأن جمهور المحتوى السمعي كان أكثر من الجمهور المقروء.
وأرجع مهري نجاح المحتوى الصوتي مقارنة بالبصري، إلى قدرته على تلبية احتياجات المستمعين، وإمكانية استخدامه بالتزامن مع ممارسات يومية أخرى، أثناء قيادة السيارة مثلا، أو تأدية بعض المهام، إلى جانب الأسلوب الذي يوظفه في الطرح، كدعمه للمحتوى الطويل، مثل الحوارات العميقة، والمواضيع متشعبة المحاور، بالإضافة إلى العفوية والتفاعلية التي يتسم بها المحتوى الحواري، لهذا يرى المدون الصوتي بأن هذه الخصوصية استطاعت إصلاح الشرخ بين جيل الإنترنت والإعلام الصوتي، فقد أعاد ربطه بالمحتوى المسموع خصوصا عند توفر برامج شبابية ذات محتوى مهم.
ويجمع البودكاست الكثير من المهارات والفنيات، تكون حسب نوع الموضوع والبرنامج، وقد ذكر صاحب البرنامج الحواري «سيدكاستيك» بأن أهمها يتمحور في إتقان المدون الصوتي لمهارات البحث والكتابة، والسرد والإلقاء، فضلا عن إدارة الحوارات والمقابلات، وركز سيد علي مهري على أهمية المهارات التقنية الخاصة بالصوت، كالمونتاج وتوظيف المؤثرات الصوتية والموسيقى، وتوزيع المحتوى الصوتي والترويج له، والتي اعتبرها أساس نجاح البرنامج إلى جانب الاختيار الجيد للمواضيع التي تثير اهتمام المتلقي وتزوده بالمعلومات والتفاصيل الكافية.وفي هذا الصدد عقّب مهري بأن «محتوى البودكاست يتميز بطابعه النخبوي نوعا ما، لهذا فهو يهتم كثيرا بتسلسل الأفكار»، وواصل قائلا «الفئة التي يستهدفها هي التي تهتم بالمواضيع الثقافية، أو التي تبحث عن وسيلة تساعدها على التعلم، فتقدم لها معلومات عميقة، تساعد على التخيل وتحليل الأفكار وتفكيكها لتُكوَّن عنها آراء مختلفة حول مختلف القضايا والمواضيع المطروحة أثناء الحلقة».
أما عن المجالات التي تتلاءم وهذه المنصة، شرح مهري بأن البودكاست يناسب تعليم اللغات، والمواضيع المستنبطة من العلوم الإنسانية، والمادة الأدبية والتاريخية، لأنها لا تحتاج إلى العرض البصري، على اختلاف التجارب في العلوم الطبيعية، التي تتحول إلى مادة معقدة وصعبة في غياب الصورة، من جهة أخرى يرى بأن إضفاء الطابع السردي يساعد في جعلها أكثر جذبا للانتباه، فضلا عن طرحها في برامج حوارية من خلال استضافة أخصائيين من الميدان مثل العلماء، والباحثين للحديث عن مختلف محاورها وجعلها سهلة وبسيطة.
علاقة ثلاثية الأبعاد بين منتج البودكاست والمتلقي
وبحسب منتج برنامج «رشقة»، يوسف شعيب، فإن العلاقة بين منتج البودكاست والمستمع لا تنتهي بانتهاء زمن الحلقة، لأن الاستماع المستمر للبرامج التي يقدمها المدونون الصوتيون فضلا عن المواضيع المختلفة التي يتطرقون لها خصوصا التي تدور في فلك الظواهر الاجتماعية، تجعله يكوّن علاقة صداقة افتراضية بينه وبينهم، حيث يقترب من شخصياتهم وتوجهاتهم الفكرية، ويستفيد في الوقت نفسه من جانب التطوير الذاتي عندما يواجه نفسه بالأسئلة التي يتعرض لها خلال الحلقة.
وأردف شعيب بأن المستمع يبدأ في عملية البحث عن استفسارات تشبع فضوله نحوها، لاسيما عندما يشاركها مع أصدقائه أثناء تحاورهم حول مجموعة النقاط التي أثارت انتباهه، ويحاولون تكوين آراء خاصة بهم عنها، وهكذا يشعر بأن هناك من يشاركه الأفكار نفسها، من جهة أخرى يرى شعيب بأن البودكاست وسيلة مهمة في اكتساب الكثير من المعلومات المفيدة، والمهارات المختلفة في إنتاج الأفكار وإدارة المشاريع والاستفادة من تجارب الآخرين في شتى الميادين. وفي سياق متصل، قال المدون الصوتي بأن المنتج أيضا يستفيد من نشاطه على مختلف المنصات فيصبح قادرا على تحليل وفهم عقلية الجماهير، وبالتالي تركيز اهتمامه على الفئة التي يجب أن يستهدفها من خلال التعرف على اهتماماتها واحتياجاتها المعرفية والترفيهية، والمواضيع التي تحب الاستماع لها، وتتفاعل معها.
وبحسب شعيب فإن فهم الجمهور يساعد على التوظيف الجيد للبيانات في إنتاج المادة المسموعة، فضلا عن ربط الحلقة الواحدة بمواضيع أخرى والإشارة إلى مجالات متنوعة، ولفت المتحدث بأن المنتج يجب عليه في هذه الحالة إتقان مهارة استخراج الروابط بين الأفكار والتنقل بينها بسلاسة دون إشعار المستمع بهذا التحول واصفا العملية بالتنقل بين لقطات فيلم، فيساهم هذا في تكوين جماهير مختلفة للبرنامج دون الابتعاد عن طبيعة المحتوى الرئيسي، وأرجع شعيب ذلك إلى أهمية التنويع في الأفكار التي تساهم في انتشار البودكاست والاستفادة منه.
المُحاور الجيد معيار لنجاح البودكاست الحواري
واعتبر شعيب أن المُحاور هو أساس نجاح المقابلة في البودكاست الحواري، حتى يحقق البرنامج وظيفته التعليمية والإرشادية، حيث يجب أن يكون ملما بالموضوع فيحيط بكل جوانبه وزواياه، هذا ما يجعل المعلومة دقيقة وغنية بالتفاصيل التي يسعى المتلقي للحصول عليها، وتقديم الشرح الكافي لها، فضلا عن التحضير الجيد للمقابلة الذي يوفر تسلسلا في الأفكار وكأنه يروي قصة، حتى يساعد الضيف على التفاعل في الحلقة، كما لفت إلى قدرة المُحاور على استخراج أسئلة فرعية من إجابات الضيف، وعقّب قائلا «يجب على الشخص الذي يدير المقابلة أن يركز جيدا مع إجابات الضيف، حتى يختار السؤال الموالي الذي يتطرق إليه»، فهذه الطريقة في إدارة الحوارات تضفي على البرنامج العفوية وصبغة التفاعلية، وبالتالي لا يشعر المستمع بالملل، فضلا عن أن الحلقة تكون ثرية بالأفكار والمعلومات المتنوعة.
وبالرغم من الوجه الجيد الذي تظهر به الحلقة إلا أنها تعرف الكثير من التحديات والصعوبات خلف كواليس التحضير لها وإنتاجها، فتجاوزها يساهم في نجاح المقابلة وترك الأثر الجيد الذي يسعى إليه المنتج، واعتبر صاحب برنامج «رشقة» بأن الاهتمام بالبحث عن الضيف المتميز خصوصا من ناحية المواصفات والأفكار التي يحملها، فضلا عن الاستفادة التي يتشارك مع المُحاور في تقديمها للمتلقي، تعد من أهم التحديات التي تواجه المُحاور، فالضيف بحسب ما وضحه، هو الذي يساعد مقدم البرنامج على تزويد المستمع بالمعلومات المفيدة التي يحتاجها سواء في تعاملاته اليومية، أو في دراسته وعمله، وحتى يتوصل المُنشط لذلك يحب أن يؤطر الضيف حتى لا يخرج عن مسار المقابلة، فضلا عن مساعدته على أن يكون ظهوره متميزا.
وعن تجربته في إدارة المقابلات الحوارية يقول شعيب «أحيانا أحب أن أتحدى الضيف حتى أخرج أفضل ما عنده، وأحيانا أخرى أختار أن أشارك المتلقي في عملية التعلم من الحلقة، فاختار الاستماع والتعلم». أما عن الصعوبات ففصلها شعيب في بعض الاعتراضات التي تواجه الحلقة، كتعصب الضيف لأفكاره، وعدم تقبل معارضتها من طرف المُحاور خصوصا إذا كانت خاطئة في بعض تفاصيلها، أو أنها لا تتناسب مع القيم المجتمعية في بعض توجهاتها، لهذا يرى المدون الصوتي بأن المستمع يجب ألا يقع في فخ تقديس الضيف والموافقة على كل آرائه.
وفي هذا الصدد يقول شعيب «الآراء النابعة عن الضيوف ليست هي صحيحة بالضرورة، فعلى كرسي المحاور، دائما أعارض النقاط التي لا أتفق فيها مع الضيف، حتى أحافظ على الحس النقدي لدى المستمع، وأحاول تجنيبه التعامل بثقة عمياء مع كل الضيوف واعتبارهم خبراء في كل الميادين»، لهذا يعتبر شعيب بأن المحتوى الحواري المسموع لا يتم في اتجاه ثنائي فقط، فهو قائم على ثلاثية المحاور والضيف والمستمع.
ويرى يوسف شعيب بأن نجاح البودكاست يتم قياسه من خلال الأثر الذي يتركه لدى المستمع والفائدة التي يقدمها له، وليس بالضرورة أن يكون التفاعل واهتمام الجمهور معيارا له، وفي هذا السياق عقب قائلا «أحيانا يثير المحاور الانتباه من خلال تعرضه للطابوهات، أو تبنيه لأفكار متعصبة، وهذا ما يحقق له نسبا كبيرة من التفاعل الجماهيري رغم معارضة الجمهور لما يقوله».من جانب آخر تعد العملية التسويقية للبرنامج من أجل الوصول إلى أكبر عدد من المستمعين، والانتشار عبر مختلف المنصات ناهيك عن توفر الدعم المالي للمؤسسة المنتجة، عاملا مهما في نجاح الانتاجات الصوتية، خصوصا وأنها تجعل المنتج قادرا على تشكيل فريق مساعد له يتقاسم معه مهام البحث وجمع المعلومات، وكتابة سكريبت الحلقات، وبذلك يساعد على توفير الوقت ووفرة الإنتاج، وهو ما يراه شعيب أفضل بكثير من الإنتاج الفردي، لأن المنتِج هو من يأتي بالفكرة ويحللها ويفصل فيها.
هذا ماجعل بعض المؤسسات التي توجهت نحو المحتوى المسموع تحقق نجاحا كبيرا، مثل الشهرة التي يعرفها بودكاست «ثمانية»، فقد ربط يوسف شعيب نجاحه بثلاثة أسباب رئيسية، أولها أن جزءا من الشركة تعود ملكيته إلى مستثمرين دفعوا ملايين الدولارات من أجله، فضلا عن تحصله على غلاف مالي جيد ساعد على التسويق لبرامجه، إلى جانب استضافة أخصائيين أكفاء ملمين بمختلف المجالات، وذوي تجارب متنوعة في دول أجنبية، بالإضافة إلى استغلال البرنامج لطبيعة سلوك المتلقي لصالحه، الذي يبحث عن المحتوى الطويل.
وبحسب شعيب فإن الأنشطة الروتينية التي يقوم بها المستمع طوال اليوم تتطلب وقتا طويلا لتأديتها وتجعله متسامحا مع المحتوى الطويل الذي يساعده على كسر رتابتها، واصفا ذلك بالقول «تماما مثل مشاهدة فيلم طويل ممتع لا يريد متلقيه أن ينتهي في 20 دقيقة»، كما أن المساحة الزمنية التي يمنحها البودكاست للبرامج تجعل الفكرة تُناقش بدقة، ويتم تقديم قراءات متعددة لها، فضلا عن توضيح سياقها للمستمع.
الجزائريون يُرتبون ثالثا في عدد المستمعين للبودكاست العربي
وأجمع المتحدِّثَان على أن البودكاست الجزائري يعرف إقبالا كبيرا، وهذا راجع حسبهما إلى أن الجمهور أصبح يبحث عن المعلومة العميقة، فبعد أن كان يخصص لها وقتا لمشاهدتها عبر «اليوتيوب» أتاحها له المحتوى السمعي حاليا في كل وقت، وقد ساعد توجه المتلقي الجزائري نحو المحتوى العربي والغربي سابقا ثم بحثه عن محتوى يشمل خصائص الثقافة الجزائرية، منتجي البودكاست داخل الجزائر على إطلاق برامجهم والتحول بسلالة من المحتوى السمعي إلى الصوتي.
وفي هذا السياق كشف سيد علي المهري بأن الجمهور الجزائري يحتل المرتبة الثالثة في عدد المستمعين للبودكاست العربي، بحسب ما أخبره به منتج من الشرق الأوسط، وكذا بحسب إحصائيات منصة «آبل بودكاست»، وعقب بأن هذه البيانات تفرض على المدونين الصوتيين الجزائريين الاهتمام بالكمية والنوعية معا في إنشاء المحتوى الصوتي.
أما عن نوعية المحتوى الذي يفضله الجمهور الجزائري أفاد المتحدث بأن التوجه يكون حسب الفئة العمرية والجنس، لكنهم عموما يفضلون الحوارات الشبابية، والمواضيع السردية التاريخية، فضلا عن المواضيع الخاصة بعلم النفس إلى جانب التجارب الشخصية والتنمية الذاتية.
وقد تطور المحتوى الجزائري المسموع بشكل كبير، مقارنة بما كان عليه في بداياته أين كان يعرف ندرة في البرامج، وغياب ثقافة البودكاست والبرامج المسموعة، ويقول المهري «نلاحظ بأن المحتوى الجزائري يتطور يوما بعد يوم، سواء من ناحية زوايا المعالجة الجديدة، وطرح المواضيع، رغم ذلك مازلنا بحاجة إلى بذل مجهودات أكبر خصوصا في البحث والكتابة»، ليضيف «ما زالت الكثير من المواضيع والأفكار التي لم نتطرق لها بعد مثل البودكاست الإخباري والرياضي وهي مهمة لاسترجاع جمهورنا»، ومن أهم الصعوبات التي تواجه البودكاست الجزائري، بحسب المتحدثين، غياب الدعم الذي يساعد المنتجين على تجهيز استوديوهات احترافية ترفع جودة البرامج التي يقدمونها.
كما تطرق المتحدثان إلى توظيف اللهجة الجزائرية في برامج البودكاست وتأثيرها على انتشار المحتوى الجزائري خارج حدود الوطن، حيث اعتبر سيد علي المهري بأنه يمكن تخطي تحدي اللهجة الجزائرية من خلال استبدالها باللهجة البيضاء التي تعد سهلة للفهم عند باقي الشعوب العربية، أو تخصيص محتوى جزائري باللغة العربية الفصحى، بينما يرى يوسف شعيب بأن المحتوى الجزائري يجب أن ينتشر وطنيا أولا ويترك أثرا لدى كل الجزائريين من خلال اختيار المواضيع العميقة والمفيدة، والتوعية والتعريف بأهمية البودكاست، وعلق قائلا «توجد بعض البرامج التي يسمعها الآلاف لكن محتواها سطحي، في حين أن الرسالة الفكرية يجب أن تغير الذهنيات والممارسات الخاطئة داخل المجتمعات».
«بودكاستيك» و«رشقة» نموذجان جزائريان يصنعان أثرهما
وعن تجربته في صناعة المحتوى المسموع يقول سيد علي المهري، بأن بدايته كانت سنة 2019، وقد كان عدد المدونين الصوتيين في الساحة الجزائرية آنذاك قليل جدا، فاستغل تجربته في صناعة المحتوى الرقمي على «اليوتيوب»، ودخل بها إلى مجال البودكاست كنوع جديد من صناعة المحتوى، وأضاف بأنه عمل على تعريف جمهوره بأهمية البودكاست وفوائده، ومميزاته حتى يلفت انتباههم إليه، وفي هذا السياق يقول «كنت أؤمن بأن الناس إذا عرفوا القيمة الحقيقية للبودكاست فسيكون الإقبال عليه كبيرا، وسيعجبهم هذا المحتوى الجديد وقد كانت النتيجة تصاعدية».
وقد كان أول بودكاست قدّمه سيد علي حول علم النفس في حوالي 10 حلقات، وساعده تخصصه الدراسي في هذا المجال على تبسيط بعض المفاهيم وتقديمه للمستمعين، ثم انطلق في البودكاست الرئيسي الذي عُرف به «بودكاستيك» وهو عبارة عن حوارات أسبوعية مع شخصيات مثيرة للاهتمام، يتناولون مواضيع مختلفة لا توجد عنها الكثير من المعلومات وقد وصل البرنامج إلى 46 عددا وما زال متواصلا، كما أنتج المهري بودكاست أخرى ثنائي التقديم مع يوسف شعيب، وأفاد بأنهما وصلا إلى عدده السابع تحت عنوان «مقطع»، حيث يتناولان في كل حلقة مقطعا من كتاب أو مقولة شعبية، أو فيلما ثم يضعانها في مساقات مختلفة كالمجتمع، الفلسفة، وغيرها، ويتناقشان فيها ويسقطانها على الواقع، وأيضا برنامج «ما بين السطور»، الذي يكتشف سيد علي في كل عدد منه كتابا ويعرض أفكاره، ويقدمها في شكل مراجعات، وفي هذا السياق يقول المهري بأن توجهه إلى هذا المحتوى جاء تعبيرا عن شخصيته، واهتماماته، وبحسبه، فإن الجمهور يقبل على محتوى دون آخر حتى يتعرف على شخصية صانعه ويتقرب منها.
من جهته، يقول يوسف شعيب بأن فكرة محاورة أفراد من طبقات اجتماعية مختلفة في برنامج «رشقة مع يوسف شعيب»، الهدف منه أن يقدم محتوى جديدا بعيدا عن النمطية، فضلا عن تركيزه على اهتمامه في التعرف على المجتمع الجزائري وطبيعة تفكيره، لهذا فقد اختار أشخاصا يشغلون وظائفا ذات احتكاك يومي ومباشر مع المواطن الجزائري، وقد اعتبرها شعيب بمثابة دراسة مجتمعية من خلال أعين هؤلاء الموظفين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)