الجزائر

بخلاء ومتشاجرون مع زوجاتهم وعائلات ميسورة وجدوا لهم فيها مأوى مطاعم الرحمة لا تستقبل عابري السبيل والمحتاجين فقط!



من منا لم يسمع عن مطاعم الرحمة التي تطبع شهر رمضان في كل سنة. لكن، هل تساءل أحدنا  عمن يقصدها؟ وهل يمثـلون فقط شريحة الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل  الذين من المفروض أن تفتح هذه المطاعم من أجلهم؟   كنا نظن أن قاصدي مطاعم الرحمة التي تفتح عادة في شهر رمضان، هم من عابري السبيل والفقراء  الذين لا تمكّنهم أوضاعهم الاجتماعية من توفير طعام الإفطار، لكن تبيّن لنا بعد زيارتنا لبعض تلك المطاعم واستفسارنا عن هوية قاصديها، ناهيك عن معلومات زوّدتنا بها بعض مصادرنا، أنهم مزيج من المحتاجين وعابري السبيل، وكذا بعض البخلاء الذين يفضلون وجبات تلك المطاعم، خاصة أنها متنوعة، عوض صرف مال من جيوبهم الشحيحة. من طرائف ما وقفنا عليه، ونحن نحاول معرفة من يقصد مطاعم الرحمة من الجزائريين، ما حكته لنا الخالة ''سجية''، المشرفة على مطعم الرحمة الممول من قبل أحد البنوك في حي باب الواد، حيث ذكرت أن رجلا قصد المطعم حاملا بيده ''بطيخة'' كبيرة الحجم، طلب منها تقطيعها وتوزيعها على الصائمين، مضيفة أنه بعد الإفطار تقدم منها وشكرها على حسن الاستقبال. وردا على سؤال حول تصرفه هذا، قال: ''أصدقك القول إنني اشتريتها لعائلتي. ولكن، بعد تشاجري مع زوجتي، خرجت غاضبا من المنزل، ولم أرد ترك البطيخة التي اشتهيتها، مفضلا إهداءها لمن أفطر عنده''.  عيّنة أخرى من قاصدي مطاعم الرحمة ممثـلة في بعض البخلاء المتلهفين الذين يتطفلون على تلك المطاعم عوض صرف ما في الجيب، ومن هؤلاء شيخ اعتاد على العمل التطوعي بمطعم الرحمة التابع للهلال الأحمر الجزائري المتواجد على مستوى حي ''داغير'' وسط الجزائر العاصمة، حيث يقصد المطعم في حدود السادسة مساء محمّلا بعلب فارغة لأخذ الطعام، إلى جانب أخرى معبأة بأطعمة. ولما تقصوا أمر تلك العلب الممتلئة، تبيّن لهم أنه يقصد مطعما آخر للرحمة قصد التزوّد بأكبر كمية ممكنة من الأكل. حالات أخرى من المتردّدين على مطاعم الرحمة، مثـلها عمال المخابز القادمين من مدن داخلية للعمل بالعاصمة، والذين لم تمكّنهم ظروف العمل من الالتحاق بأسرهم، ناهيك عن بعض رجال الأمن المكلفين بحراسة الحواجز الأمنية القريبة من تلك المطاعم، وكذا مرافقي المرضى على مستوى المستشفيات. ما يثـير الانتباه حول هوية قاصدي هذه المطاعم، هو إحصاء عدد لا بأس به من العائلات الميسورة يملك أربابها مداخيل شهرية معقولة، لكن غلاء المعيشة لم يمكّنها من توفير كل ما يشتهيه أطفالها، فيقصد بالتالي بعض تلك المطاعم للتزوّد مثـلا بأكلة الطبق الثـاني أو بالفاكهة، مثـل ما أكده لنا بعض المشرفين على مطعم على مستوى حي مالكي بحيدرة، مضيفا ''كيف بإمكان رب أسرة يتقاضى 20 ألف دينار أن يوفر كل متطلبات رمضان؟''، مشيرا إلى أن قرابة 60 وجبة تقدم يوميا لعائلات تأتي من بابا احسن واسطاولي والشرافة وغيرها، ناهيك عن 200 وجبة تقدم بالمطعم. كما أن حالات استثـنائية أجبرت بعض العائلات على الاستعانة بما تقدمه هذه المطاعم، مثـل إصابة الأم بمرض وعجزها عن القيام بأعمال المنزل، وعلى رأسها الطبخ، مثـل حالة رب عائلة مصابة زوجته بمرض خبيث لم يجد أي إحراج في التردد على أحد المطاعم، مادام عذره واضحا.          


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)