الجزائر

باريس تقتنع بأطروحات الجزائر حول استغلال »القاعدة« للوضع في ليبيا


توالت تصريحات المسؤولين الفرنسيين حول خطورة الوضع بمنطقة الساحل الصحراوي بفعل الحرب الدائرة في ليبيا، وبعد وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبي، جاء الدور على وزير الداخلية كلود غويان ليعلن صراحة بأن كميات من السلاح الليبي وصلت فعلا إلى معاقل الفرع المغاربي لتنظيم القاعدة، خاصة بشمال مالي، وهو ما يؤكد مجددا صحة التحذيرات التي أطلقتها الجزائر منذ مدة حول مساعي التنظيمات الإرهابية للاستغلال الوضع بليبيا لتهريب السلاح وإعادة بعث النشاط الإرهابي بمنطقة المغرب العربي والساحل الصحراوي.أكد أمس وزير الخارجية الداخلية كلود غويان أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قد نجح في تكديس أسلحة بالمناطق التي يسيطر في الساحل الصحراوي، وأوضح الوزير في حوار أجرته معه القناة الإذاعية الفرنسية »أر تي آل«: »يجب أن نعلم بأنه وبسبب الأوضاع المضطربة في ليبيا تم تهريب لكمية من الأسلحة من هذا البلد نحو مناطق في منطقة الساحل الصحراوي يسيطر عليها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، خصوصا في مالي..«، وعبر غويان عن القلق الشديد لفرنسا حيال هذا الوضع، علما أن التنظيم الإرهابي لا يزال يحتجز أربعة خبراء نوويين فرنسيين اختطفهم منذ أشهر بمنطقة أرليت بشمال النيجر، ويطالب بفدية كبيرة وخروج فرنسا من أفغانستان مقابل إخلاء سبيلهم.
وردا على سؤال حول استعداد باريس لمواجهة أي عملية انتقامية قد يقوم بها تنظيم القاعدة، بعد مصرع زعيمه أسامة بن لادن بباكستان، قال وزير الداخلية الفرنسي أن أجهزة الأمن الفرنسية عززت من إجراءاتها تحسبا لوقوع أعمال إرهابية انتقامية في فرنسا، مضيفا بأن »التهديدات موجودة في كل مكان ونخشى أن تكون فرنسا بالفعل مستهدفة مثل الولايات المتحدة ودول أخرى صديقة، بأعمال إرهابية ورغبة في الانتقام، سواء داخل أراضى فرنسا أو ضد الرعايا أو المصالح الفرنسية في الخارج«، علما أن فرنسا تعتمد منذ سنة 2005 على مخطط أمني استثنائي، مستطردا في نفس السياق أنه طلب أمس تعزيز الدوريات والإجراءات الأمنية استنادا إلى تطورات الأوضاع، لافتا إلى أنه تم خلال العام الماضي استجواب 96 شخصا في قضايا لها صلة بالإرهاب وتم حبس 36 منهم، معربا عن مخاوفه من الوضع في منطقة الساحل الأفريقية بصورة خاصة، وكشف الوزير الفرنسي عن اتخاذ بلاده إجراءات لتعزيز أمن رحلات شركة الخطوط الجوية، فضلا عن تعزيز الإجراءات الأمنية الخاصة بالسفارات الفرنسية في الخارج، خاصة بعد إفشال محاولة لاستهداف السفارة الفرنسية بنواكشوط.
وقبل كلود غويان، كان مسؤول الدبلوماسية الفرنسية ألان جوبي قد تبنى نفس الأطروحات لما عبر من جهته عن وجود مخاوف حقيقية من استغلال الفرع المغاربي لتنظيم القاعدة للوضع في ليبيا لتهريب السلاح وتقوية مواقعه بمنطقة المغرب العربي والساحل الصحراوي عامة، وهو ما يشكل خطرا داهما على دول المنطقة وحتى على المصالح الغربية خصوصا الفرنسية، كما يأتي بالتزامن مع تصريحات لوزير خارجية مالي سوميلو بوباي الذي قال في مقابلة مع صحيفة »لوموند« الفرنسية أول أمس الثلاثاء أن السلطات في بلاده »سجلت في أراضيها وصول أسلحة ثقيلة تمت سرقتها من المستودعات الليبية«، وقد سبق المسؤول المالي تصريح للرئيس التشادي إدريس دبي الذي كشف في حوار أجرته معه منذ أيام الأسبوعية الناطقة بالفرنسية »لوجون أفريك« أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قد نجح في تهريب أسلحة من ليبيا، منها أسلحة ثقيلة عبارة عن صواريخ ارض- جو، مضيفا بأن معلوماته مستقاة من مصادر استخباراتية لا يرقى إليها الشك، وأن التنظيم الإرهابي قد يصبح أكثر تسلحا من العديد من جيوش المنطقة، ويقصد دول جنوب الصحراء كمالي والنيجر وبدرجة اقل موريتانيا.
وكانت أجهزة استخبارات غربية قد كشفت بدورها بأن تنظيم القاعدة يسعى عبر فرعه المغاربي للاستفادة من الحرب الأهلية في ليبيا، وأن تهريب السلاح هو أمر وارد، وقد أكد مسؤول في الاستخبارات الخارجية الفرنسية »الدي جي أس أو« والمسؤول الأول على جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسية »الدي أس تي«، إيف بوني، بعد زيارة قاما بها إلى ليبيا بأن المجموعات الإرهابية تقوم فعلا بجمع الأسلحة خاصة الصورايخ المضادة للدروع والمحمولة على الكتف لتهريبها نحو معاقل التنظيم بمنطقة الساحل الصحراوي.
ويبدو أن الموقف الفرنسي بشأن استغلال تنظيم القاعدة للوضع بليبيا قد تغير ومال أكثر نحو الموقف الأمريكي، الذي يتبنى هو الآخر الأطروحات التي أكدت عليها الجزائر مرارا وتكرارا على لسان وزير خارجيتها مراد مدلسي، والوزير المنتدب للشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل ووزير الخارجية دحو ولد قابلية والتي تركزت خصوا على مخاوف بشان تهريب شحنات من السلاح الليبي إلى مناطق في شمال مالي والنيجر، واحتمال وصول هذا السلاح إلى معاقل الإرهاب في الجزائر، علما أن الجزائر قد عززت من إجراءاتها الأمنية على طول الحدود مع ليبيا ونشرت قوات عسكرية ضخمة بالمنطقة لمنع تسلل إرهابيين من وإلى التراب الليبي، وأعلن الجيش الجزائري في أكثر من مرة عن إفشال محاولات إرهابية لتهريب السلاح نحو الساحل الصحراوي والقضاء على عدد من العناصر الإرهابية الخطيرة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)