الجزائر

بئس المهمة



أول نشاط قام به سعيد سعدي بعد تركه رئاسة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية هو نشر مقال في مجلة مريان الفرنسية، وفي هذا المقال يقول الرئيس السابق للأرسيدي بأن الجمود السياسي للنظام القائم في الجزائر يمثل أخطر تهديد جيوسياسي في غرب المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء.لا شك أن هذا الإنذار موجه إلى أوروبا والغرب عموما، فسعدي وضع الجزائر ضمن إطار جغرافي يهم أوروبا، فلم يستعمل مصطلح المغرب العربي أو حتى شمال إفريقيا بل اختار غرب المتوسط وهو المجال الذي نتقاسمه مع أوروبا وفرنسا خاصة، ثم هناك الإشارة إلى منطقة الساحل والصحراء وهي المنطقة التي تقع ضمن دائرة اهتمام أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بدعوى تصاعد المخاطر الأمنية فيها، لكنها أيضا المنطقة التي تشرف على أهم حقول النفط والغاز في القارة الإفريقية سواء في الجزائر وليبيا من جهة الشمال أو نيجيريا من جهة الجنوب فضلا عن الحقول التي يجري استكشافها في موريتانيا وبعض الدول القريبة من المنطقة.
وإمعانا في جلب اهتمام الغرب يردد سعدي اتهامات بالجملة للجزائر معتقدا أنه يتهم النظام القائم فيها، فقد أشار إلى أن الجزائر رهنت إمكاناتها السياحية لتحاشي الاتصال والتبادل والانفتاح على الخارج، وأكثر من هذا اتهمها باستعمال ما سماها حروب الذاكرة من أجل دفع الجزائريين إلى التقوقع في كراهية الآخر، وبعد هذه التهم الخطيرة يبدو تحميل الجزائر مسؤولية استمرار غلق الحدود مع المملكة المغربية، واضطهاد الأقليات الدينية، مجرد تفاصيل لإتمام عملية تسويد صورة الجزائر في الخارج.
ما قاله سعدي، لو كان صحيحا، يبرر التدخل الأجنبي، وهذا مطلب قديم سعى الدكتور إلى تحقيقه بكل ما أوتي من قوة، وأغرب ما في دعوة الخارج إلى التدخل هي أنها أصبحت تبرر بالدفاع عن مصالح هذا الخارج التي أصبح سعدي يراها من حيث لا يراها أصحاب هذه المصالح أنفسهم.
لقد اختار الدكتور أن يترك رئاسة الحزب لأن ذلك سيمنحه مزيدا من الحرية والوقت لتركيز عمله كله على استجلاب التدخل الأجنبي، وبئس المهمة لمن يدعي أنه يدافع عن مستقبل وطنه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)