الجزائر

انكشاف مواقف الولايات المتحدة تجاه الفلسطينيين



انكشاف مواقف الولايات المتحدة تجاه الفلسطينيين
فقدت الولايات المتحدة مصداقيتها في تعاطيها مع مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وهي تكرس في كل مرة موقف انحيازها إلى جانب الاحتلال والعمل على إبداء مواقف أكثر معاداة للجانب الفلسطيني.وكان قرار محكمة الجنايات الدولية بلاهاي، بفتح تحقيق ابتدائي قصد الشروع في تحقيق جنائي حول جرائم الحرب التي اقترفها جيش الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة الصيف الماضي، فاضحا الإدارة الأمريكية التي سارعت الى انتقاد هذا القرار لأنها تدرك مسبقا أن ما حدث في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية كان مزيجا مركبا جمع بين جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب وإبادة ضد المدنيين الفلسطينيين الأطفال منهم والنساء والمقعدين.وأكدت الخارجية الأمريكية، التي تزعم رعايتها لعملية السلام في الشرق الأوسط أن قرار محكمة الجنايات الدولية "سخرية مأساوية" لا لسبب إلا لأن العدالة الدولية تريد أن تقتص لمئات الأطفال الفلسطينيين ممن طمروا تحت أنقاض منازلهم أو في أقسام مدارسهم أو خلال فرارهم من موت يلاحقهم.والمضحك فيما اسماه جيف راتك، الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية عندما استعمل عبارة "السخرية" إنما أراد أن يسخر من مأساة شعب بأكمله عندما حاول طمس الحقيقة بمقارنته بين صواريخ القسام التي أطلقت على أهداف الاحتلال وبين عمليات القنبلة التي نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية ومدفعيتها البحرية والبرية ضد سكان القطاع طيلة 51 يوما بلياليها ضمن حرب مدمرة مازالوا يعانون تبعاتها الكارثية الى حد الآن.وانطبق الموقف الأمريكي مع نفس موقف حكومة الاحتلال التي تفاجأت لهذا القرار وجعلت الوزير الأول الإسرائيلي، يؤكد على موقفه الرافض لقرار محكمة الجنايات ووصفه ب«الفضيحة".وراح نتانياهو يجادل في قانونية قرار محكمة لاهاي عندما أكد أن فلسطين ليست دولة مستقلة وبالتالي فإنه ليس من صلاحياتها الخوض في جرائم مسكوت عنها.واتخذت محكمة الجنايات قرارها في اقل من شهر من أن تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب عضويتها في الهيئة القضائية الدولية منفذة وعيدها بالانضمام الى كل الهيئات الدولية من اجل إحقاق حقها وردا على رفض مجلس الأمن الدولي قبول مشروع قرار ينهي الاحتلال في آفاق شهر نوفمبر 2017.وعبّرت السلطة الفلسطينية على لسان وزير خارجيتها رياض المالكي، عن ارتياحها والذي أكد أن الأمور بدأت تسير وفق ما تمنيناه، وانه ليس بإمكان أية دولة أن توقف ما شرعنا فيه والمهم الآن أن تحقيقا جنائيا معمقا سيتم الشروع فيه مباشرة بعد التحقيق الابتدائي.وكان تلميح وزير الخارجية الفلسطيني واضح باتجاه موقف الولايات المتحدة التي عارضت التحركات الدبلوماسية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وقرارات انضمامها الى مختلف الهيئات الدولية بعد أن اقتنعت أن مسار السلام الذي تصر الادارة الأمريكية التشبث به أصبح يضر مصالح الشعب الفلسطيني أكثر مما ينفعها.ولكن السؤال المطروح هل سيواصل المدّعي العام بالمحكمة الدولية مساعيه القضائية وخاصة إذا عملنا انه سيكون محل ضغوط متزايدة من طرف الولايات المتحدة واللوبي اليهودي في مختلف العواصم الغربية لمنعه ربما حتى من البدء في التحقيق التمهيدي؟ويطرح هذا التساؤل في وقت مازال فيه العالم يتذكر تراجع القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون، عن مضمون تقريره حول اقتراف إسرائيل لجرائم حرب ضد سكان قطاع غزة خلال عدوانها بداية 2009.ولكن من يدري فقد يحدث النائب العام بمحكمة الجنايات الغامبية فاطيماتو بن سودا الاستثناء وتكون أكثر جرأة من القاضي غولدستون، وأكثر حرية منه وتواصل تحرياتها وفق مواد معاهدة روما التي رأت ميلاد المحكمة الدولية. وفي حال تمكنت من إتمام مهمتها فان ذلك يعد بمثابة خطوة أولى على طريق إنهاء سياسة اللاعقاب التي تمتعت بها إسرائيل طيلة سبعة عقود من الاحتلال بحماية أمريكية وأوروبية رغم أن فظائع جرائمها ضد الفلسطينيين وشعوب المنطقة التي تجاوزت حد التصور.ومهما يكن فإنه حتى وان لم تصل العقوبات التي يمكن أن تصدرها محكمة الجنايات الدولية مرحلة التنفيذ بسبب عدم تعاون حكومة الاحتلال فإن إدانة المسؤولين الإسرائيليين سيكون في حد ذاته مكسبا "معنويا" للفلسطينيين على الأقل كون الأحكام التي ستصدر في حقهم ستحرم عليهم مغادرة الكيان المحتل لتفادي اعتقالهم في الخارج وهذا في حد ذاته اختراق كبير في سياسة لاعقاب أصبحت مفضوحة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)