الجزائر

انفصال بالتراضي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي



* تسوية مسألة الصيد البحري والرسوم الضريبية والجمارك وقواعد العمل بعد مغادرة المملكة المتحدة السوق الموحدةتم أخيرا التوصل في العاصمة البلجيكية بروكسل، إلى اتفاق تجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، تحسبا للدخول في مرحلة ما بعد «بريكسيت»، وصفه المتفاوضون والمتتبعون بالتاريخي وكذا العادل والمتوازن، وقد جاء هذا الاتفاق بعد رحلة طويلة من المفاوضات الماراطونية، تميزت باختلاف الطرفين حول حقوق الصيد وقواعد العمل مستقبلا، وجدت في نهاية المطاف طريقها إلى الحل قبيل توديع 2020 بأيام، وبذلك يكون الاتحاد الأوروبي وبريطانيا قد قلبا هذه الصفحة نهائيا، بعد التوصل إلى حلول تصب في مصلحة الجميع خلال المرحلة الانتقالية، فيما يخص صيد الأسماك في المياه البريطانية، حسبما كشفت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولافون دير لاين، والتي لا تقل عن خمس سنوات ونصف، علما أن هذه النقطة أثارت جدلا واسعا طوال مسار المفاوضات، وشهدت حالة من المد الوجزر بين الطرفين.
إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا يعني على الاطلاق قطع التعاون بينهما، الذي سيظل متواصلا لا سيما في القضايا ذات الصلة بالنقل والطاقة والأمن وكذا مسألة المناخ، كما أن الاتفاق التجاري هذا، ولّد ارتياحا كبيرا لدى الشركات البريطانية، التي كانت تخشى على مصالحها بل وعلى مستقبلها في حال عدم التوصل إلى اتفاق، لأن هذا سيكبدها مزيدا من الخسائر التي ستضاف إلى الأضرار التي لحقت بها جراء جائحة كورونا، ناهيك عن تقلص الدخل القومي البريطاني بعد مغادرة بريطانيا القواعد التجارية في الاتحاد الأوروبي، وفقدان عدد كبير من الوظائف، وارتفاع أسعار السلع المستوردة، فهذا لن يخدم بأي حال من الأحوال المملكة المتحدة، بل ستكون الخاسر الأكبر لدى خروجها من الإتحاد الأوروبي.
وبذلك تكون بريطانيا قد حققت انتصارا كبيرا لمصالحها الاقتصادية من وراء إبرام هذا الإتفاق، الذي جاء في وقته حسب المتتبعين، لأنه جنبها الوقوع في أسوأ سيناريو يمكن لها أن تشهده في حال عدم التوصل إلى اتفاق، بالنظر إلى حساسية المرحلة التي تمر بها، والظروف الصعبة التي أفرزتها جائحة كورونا...إذن صفحة تطوى وأخرى تفتح بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، التي وإن انسحبت من المجموعة، إلا أنها ستظل شريكا مهما للاتحاد الأوروبي بل وحليفا له في كل الحالات، هذا ما صرح من جلسوا إلى طاولة مفاوضات ما بعد «بريكسيت».
هكذا غادرت بريطانيا السوق الموحدة، وعلاوة على مسألة الصيد في المياه البريطانية، التي استعادت سيطرتها عليها، مقابل تخلي قوارب الاتحاد الأوروبي عن 25 بالمائة من حصصها الحالية تدريجيا خلال المرحلة الانتقالية، في انتظار الفصل في كميات الأسماك التي سيسمح للاتحاد الأوروبي اصطيادها مستقبلا...فقد تضمن الإتفاق نقطة أخرى بالغة الأهمية، تتمثل في الرسوم الجمركية، التي كان الاتحاد الأوروبي يصر على حرمان بريطانيا من الدخول إلى أسواقه دون جمارك، حيث تم الاتفاق على عدم تطبيق أي رسوم على السلع المحلية المتبادلة بينهما، بمعنى أنها حافظت على بعض المزايا التي كانت تستفيد منها عندما كانت عضوا في الإتحاد الأوروبي...في حين ستخضع الصادرات البريطانية إلى معايير الصحة والسلامة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، وسيتم التعامل بصرامة مع المنتجات التي تتضمن مكونات آتية من خارج بريطانيا والاتحاد الأوروبي على حد سواء، فضلا عن الفرص المتساوية في المنافسة بين شركات الطرفين.
من جهة أخرى، يتعين على المواطنين الأوروبيين اليوم مواصلة الدخول إلى بريطانيا باستخدام بطاقات الهوية، لكن الأمور ستتغير في الفاتح أكتوبر 2021، حيث سيصبح جواز السفر دون تأشيرة إجباريا للعبور إلى المملكة المتحدة، على ألا تتجاوز مدة الإقامة على أراضيها 90 يوما، علما أن الشروط نفسها ستطبق على المسافرين البريطانيين إلى أوروبا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)