الجزائر

انتهى بلخادم.. فمن القادم؟



لم يبق لي ما أقوله عن الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، فالضرب في الميت حرام، والرجل مات سياسيا الخميس الماضي، ليس فقط بسحب الثقة منه داخل اللجنة المركزية، وإنما لتخلي رئيس الجمهورية عنه، حيث كان مصدر قوته الوحيد هو انتسابه لبوتفليقة، وباسم بوتفليقة كان يكذب على الجميع ويعدهم بالمناصب والإكراميات، ومن أجل الاستمرار على رأس الجبهة روّج لأكذوبة العهدة الرابعة حتى لازيفقد تأييد الأغلبية في قيادة الجبهة، ما يضمن له الانتصار على خصومه.
رحل إذن بلخادم، فما هو واجب من سيخلفه، أمينا عاما كان أو قيادة جماعية، عمله ليعيد ترميم الشرخ في هذا الحزب الكبير، الذي يبقى، شئنا أم أبينا، أحد أهم المؤسسات السياسية في الدولة، بل أهمها على الإطلاق، ومهما كانت المساوئ المنسوبة لرجاله، يبقى مدرسة في السياسة وفي النضال، ويملك الكثير من الطاقات القادرة على تسيير مؤسسات البلاد، خاصة إذا ما أعطيت الفرصة للشباب، وما أكثرهم في صفوف هذا الحزب العتيد. فبلخادم لم يغادر الحزب، إلا بعد أن جعل منه مقرا للفساد بكل أصنافه، وأبعد المناضلين الحقيقيين لصالح أصحاب المال ولصالح الخانعين والخاضعين لإرادة الرجل، ومن هم رهن إشارته.
تنقلت أول أمس بين أعضاء اللجنة المركزية، وبعض نواب الحزب من خارج اللجنة، خاصة من الشباب، الذين عبروا عن اشمئزازهم من هذه الصراعات على المناصب في الجبهة، خاصة بين ”الشيوخ” على حد تعبيرهم - فهؤلاء - قالوا إنهم لا يريدون أن يتركوا المسؤوليات وغير مستعدين لتسليم المشعل لأبناء الاستقلال، حتى أن أحدهم روى لي نادرة، أن أحد شيوخ اللجنة المركزية لما عرض عليه استعداده لتحمل أي وزر داخل اللجنة المركزية، فرد عليه ”الشيخ”: أنتم هنا لتحرسونا، ونحن نقوم بالباقي.
فهل قادة جبهة التحرير مستعدون لتسليم الجبهة لجيل الاستقلال قبل أن يفوت هذا الجيل الأوان؟ فأبناء الاستقلال على عتبة الشيخوخة بدورهم، ولم تحن بعد فرصتهم، ومن واجب القيادة المقبلة أن تقحمهم في تسيير الحزب، قبل أن يأتي جيل لا يعرف من جبهة التحرير إلا الاسم، والامتيازات التي تدرها على المنتسبين إليها.
وقد بدأ الحديث يدور حول إجماع حول شخصية عبد الرزاق بوحارة كأمين عام لمرحلة انتقالية، والرجل معروف برجاحة عقله وخبرته النضالية والجهادية، وكمثقف زود المكتبة الجزائرية بثلاثة كتب قيمة، وتنقل عبر العديد من المناصب، بين وزارة وسفارة وولاية، ونائب في الغرفة العليا، يستحق أن يسير مرحلة انتقالية على أن يسهر هو بنفسه على تسليم الجبهة للشباب، مثلما صرح في كذا مناسبة.
فالرجل إذا ما قبل الترشح لخلافة بلخادم إنما لتطهير الجبهة من آثار أمينها العام المطرود، وإعادتها إلى رسالتها التاريخية، وقد حدثته منذ فترة إن كان هو المرشح لخلافة بلخادم، فرد بالنفي، وقال: بركات.. أنا مع منح الفرصة للشباب.
لا أشك لحظة في كلام الرجل، لكن أمام أطماع ”شيوخ” آخرين أخاف أن يسطو آخرون على الجبهة من جديد وتتبخر أحلام شبابها في فرصة لقيادة الحزب.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)