الجزائر

انتعاش المطالعة بالشواطئ الجزائرية



انتعاش المطالعة بالشواطئ الجزائرية
التخلي عن التبعية للمحروقات تبدأ بالاستثمار في الإنسان وتثقيف الفردانتشرت مؤخرا عبر سواحل القطر الوطني ظاهرة جديرة بالاهتمام ألا وهي المطالعة في الشواطئ... شباب، كهول، فتيات وشيوخ، يحملون كتبا يقرأونها ويتمتعون بجديدها ومحتوياتها العلمية والتثقيفية ، و الأكيد أن الظاهرة إيجابية وتبرز مدى انتشار ظاهرة المقروئية في بلادنا، لاسيما وأنها تزيد الإنسان وعيا وتخلق لنا مجتمعا مثقفا طيب الأعراق، كيف لا ..؟ ، وهي الظاهرة التي غابت عن الكثير من شبابنا لأسباب معروفة راجعة للظروف الأمنية العويصة التي شهدتها بلادنا، إلا أنها بدأت في السنوات الأخيرة تنتعش وتستفيق من سباتها العميق، بفضل سياسة الدولة التي فتحت العديد من المكتبات وشجعت على تنظيم العديد من الصالونات الوطنية والدولية الكبيرة...الروايات البوليسية تستهوي المصطافين فالزائر لشاطئ "الأندلسيات"، "مداغ"، "النجمة"، "مرسى بين مهيدي" بولاية تلسمان وباقي السواحل الجزائرية الأخرى الخلابة، يلاحظ وجود العديد من المهتمين بعالم المطالعة، حيث تجد أن الكثير من المصطافين وزيادة على تمتعهم بنشوة البحر المنعشة، يقضون أوقاتهم في قراءة مختلف الروايات والمراجع العلمية بمختلف أنواعها الطبية، التاريخية السياسية وحتى الاقتصادية، فمنهم من تجده يقرأ لسلسلة "آجاتا كريستي" البوليسة الشهيرة أو حتى مؤلفين عالميين بارزين على غرار القاص البرازيلي باولو كويلهو أو حتى الروائي العالمي جابرييل غارسيا ماركيز، دون أن ننسى طبعا العرب على غرار نجيب محفوظ، أدونيس والجزائريين على غرار واسيني الأعرج، أحلام مستغانمي والطاهر وطار...إلخ، ..هي إذا سفرية جميلة وطويلة يقطعها المصطاف الذي يبحث زيادة على الهدوء والهواء العليل .. طبعا غداءه العقلي والذهني الذي يكون فارغا شاردا متفتحا وقابلا لأن يهضم الأفكار ويحلل مناهجها المتشعبة، بل ويناقش نظريات الباحثين و جديدهم العلمي فضلا عن تصفحه المجلات والجرائد اليومية التي لا تغيب عن هؤلاء السفراء... سفراء العقل والعلم والبحث والتعمق في سراديب المعرفة وفلسفتها الجديدة المتجددة. المجتمع الذي لا يقرأ لا يفكروالأكيد أن الزيارة الاستطلاعية التي قمنا بها أول أمس إلى شاطئ الأندلسيات بوهران، سمحت لنا بالوقوف على هذه الظاهرة الإيجابية وسجلنا بارتياح زيادة الحس والوعي الفكري بأهمية القراءة والمطالعة فالمجتمع الذي لا يقرأ يقول أحد الشباب الذي وجدناه يطالع كتابا بعنوان "الأسود يليق بك" للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، لا يفكر والذي لا يفكر لا ينتج والذي لا ينتج سيكون تابعا خاضع للغير، وما قاله في الحقيقة هو مربط الفرس وزبدة القول ومحصلة منطقية لمجتمع لا يقرأ ولا يطالع ولا يتعلم ، وأن الدول الغربية استطاعت أن ترتقي وتسمو بفضل هذه الخطة التي وضعتها الحكومات الأوروبية كأساس لتطوير الفرد والاستثمار في ملكاته الفكرية. ومن ثمة فإن هذا المنحى الجديد الذي باتت تعرفه العديد من شواطئنا يؤكد بالفعل أن الاستيراتيجية الواحدة والواحدة للنهوض بمجتمعنا .. هي تثقيف أبنائنا وغرس فيهم روح حب القراءة ومطالعة الكتب ، لاسيما في ظل تهاوي أسعار البترول التي باتت اليوم تقلق السلطات العليا في البلاد وتدفعها إلى التفكير عن بديل آخر غير الذهب الأسود الذي تؤكد عدة تقارير أنه زائل لا محالة في المستقبل المنظور واستبداله ب"الذهب الورقي" الذي يطوّر الإنسان ويسمو بالمجتمعات ويخلق الأفكار وينتج الأشياء كما سماها المفكر الجزائري "مالك بن نبي".ضرورة تثمين المقروئيةوعليه فحان الوقت لتثمين هذه الظاهرة الجديدة ، وعلى الوزارة الوصية أن تهتم بالمطالعة في الشواطئ وتخصص لها تظاهرات ثقافية ومنتديات وندوات فكرية حتى لا تبقى مجرد شعارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع ، ونبقى ندور دائما في حلقات مفرغة .. الخاسر فيها دائما الفرد الذي من المفروض أن نهتم به ونرعاه ونحيطه بالعناية الثقافية والفكرية الصحيحة القويمة ، فانتشار ظاهرة المطالعة في الشواطئ وإن كانت لم تشهد نفس وتيرة التجارب التي تعرفها الدول المتقدمة، إلا أنها تبشر بالخير وبإمكانها أن تتطور مستقبلا لاسيما إذا وجدت مناخا مناسبا وسط العائلات الجزائرية المطالبة بالاهتمام بهذا الجانب وتنشئة فلذات أكبادها على مجالسة الكتاب وتصفح أوراقه النفيسة والاستزادة من معلوماته القيمة والثمينة، هذا دون أن ننسى طبعا قيام الدولة بتسطير استيراتيجية واضحة المعالم تجعل من القراءة والمطالعة مسألة حيوية وضرورة قومية ينبغي أن نخصص لها ميزانيات معتبرة فبدل أن نهتم بالاستهلاك الجسدي والتفكير في كيفية تحقيق عائدات معتبرة من المحروقات، حان الوقت للاستثمار في الفرد لأن "الذهب الرمادي" ونعني به هنا تفكير الإنسان وتطوير معارفه العلمية والفلسفية هي التي سيكون لها في آخر المطاف "قصب السبق" في تنمية البلاد وتنويع مصادر الدخل القومي الخام ومن ثمة التخلي تدريجيا عن المحروقات وإيجاد بدائل اقتصادية أخرى أكثر استدامة وأغنى دخلا وموارد.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)