كشف الكاتب والمخرج المسرحي، أحمد دهنيز، عن مساع يقوم بها للانطلاق بالعرض المسرحي "انتحار جثة" في جولة توعوية عبر مختلف المناطق الساحلية عبر الوطن للتحسيس بخطورة آفة الهجرة غير الشرعية على الشباب الجزائري.وقال المخرج المسرحي، أحمد ذهنيز في تصريح لموقع "الشروق أون لاين"، إنه بصدد تقديم العرض المصور للمسرحية الذي تم تقديمه السبت الماضي ببلدية الأخضرية بولاية البويرة، إلى مصالح ديوان الثقافة والإعلام وكذا وزارتي الثقافة والشباب والرياضة لدعم المبادرة التحسيسية التي تهدف لإنقاذ الأرواح والتحسيس بالمخاطر التي تترصد المجتمع الجزائري ككل وخاصة فئة الشباب منه.
وأكد الكاتب، أحمد دهنيز، أن مسرحية "انتحار جثة" التي قدمتها فرقة رواد الفن بالأخضرية التابعة لجمعية نشاطات الشباب، وشهدت حضور جمهور غفير لم تتسع القاعة ذات 900 مقعد لاستيعابه كانت خاتمة ليوم التحسيسي حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بمساهمة ديوان مؤسسات الشباب لولاية البويرة.
العرض المسرحي للكاتب والمخرج أحمد دهنيز كان يصب في الاتجاه التوعوي التحسيسي حول ظاهرة "الحرقة" التي نخرت جسد المجتمع الجزائري وأسالت الكثير من دموع الأهالي والأسر الجزائرية، العرض المسرحي "انتحار جثة" هو بمثابة محاضرة عن الهجرة غير الشرعية والتي من مسبباتها نقص الوعي وبناء الأحلام على جدار الموت، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية التي ساهمت بشكل كبير في ارتفاع عدد "الحراقة".
وبأسلوب فني متميز تمكن الممثلون من إيصال الرسالة، وهي أن تجد الأسباب للكارثة لتمنح الحلول لتوخيها واجتنابها، وهو ما قام به الكاتب والمخرج الذي صور العديد من المشاهد واللوحات بأسلوب هزلي تفاؤلي تارة ودرامي أخرى.
هذا المزج رسم صورا للمشاهد الذي تابع بشغف مراحل أطوار المسرحية التي كأن أبطالها 7 شخصيات مؤثرة، فالشباب الثلاثة الذين كان مكان تعارفهم في السجن لأسباب شتى، يلتقون مرة أخرى في حي شعبي، ويسردون تفاصيل ودوافع دخولهم إلى السجن، كل واحد منهم يعود بذاكرته إلى الخلف ليروي ما حدث وكيف تم توقيفه، الأسباب والدوافع، وهو ما كان المخرج يريد ان يظهره للعامة، فالشاب إلياس ضحية القوة والتسلط والحقرة، فهو الشاب الذي كان يحب ابنة المسؤول النافذ، الذي يريد أن ينهي تلك العلاقة العاطفية بين ابنته والشاب اليأس بالقوة والنفوذ حيث يلفق له التهم ليجد نفسه وراء القضبان، بينما الشاب محفوظ يعبر عن سخطه على محيطه ومجتمعه وحتى أقربائه، هذا المجتمع الذي لا يرحم، من خلال التسلط السري وعدم الوعي واللا مسؤولية، فزوجة الأب هي أحد الأسباب التي تؤدي بالشاب محفوظ إلى محاولة ارتكاب جناية من خلال الاعتداء عليها وهو ما يؤكد ان التفكك الأسري واحدا من الأسباب الرئيسية في التشرد والخروج عن الخط، فيما تعد مشاكل السكن والمحاباة وعدم الاكتراث بالمشاكل الأساسية للأسرة واحدا من الهموم والدوافع التي تؤدي بالشباب إلى التمرد عن المجتمع، فالشاب بلال لم يجد مكانا له في البيت بفعل تسلط والده الذي يرغمه على ترك البيت بسبب أزمة السكن، بلال يجد نفسه مرغما على مجاورة رفاق السوء في الشوارع، ليجد نفسه متهما باستهلاك المخدرات والحبوب المهلوسة.
العديد من المشاكل طرحها نص "انتحار جثة" وهي من مسببات تهور الشباب وتمرده عن ذاته ومجتمعه، وبعد كل الإحداث يطهر السمسار الساسي وهو شخصية هزلية يعبر عن حقيقة الأشخاص الذين يتمكنون من التحكم في عقول الشباب رغم تدني مستواهم، فالساسي وبإيعاز من البارون علي يستغل هذا الضعف في النفوس نتيجة نقص التوعية والتفكير السديد، ليغري الشباب الثلاثة بالهجرة غير الشرعية، مبينا لهم أن هناك في أوروبا الجنة الموعودة، ليرتفع التشاحن بعدها بين السمسار الساسي والشاب بلال الذي يرفض المساومة والهجرة، ويحاول بكل قوة إقناع صديقيه بالبقاء وعدم المغامر، لكن قوة الساسي في الإقناع مستغلا ضعف الشباب واستسلامهم أمام المشاكل، يتمكن ما الغدر بهم وإيقاعهم في شباك الضحايا.
وتطرقت مسرحية "انتحار جثة" كذلك، إلى مشكلة الطلاق وهي أيضا يراها الكاتب بأنها من الأسباب التي تساهم في الحرقة، فالشباب الذي لا يجد الرعاية السرية لا يمكن التحكم فيه ولا توجيهه، وهو ما نراه خلال العرض، حيث أن السمسار الساسي طلق زوجته ويريد الزواج من أخرى، جاعلا من ابنته نجمة عبدا له ومن دون حقوق حتى الأبوة، بعد أن أعمته الأموال التي يكسبها من ضحايا البارون علي، ففي النهاية يجد الساسي بان ابنه ترك مقاعد الدراسة وتوجه إلى الحرقة هو الآخر وكان من بين الضحايا الذين كتبت عنه الصحافة، لينتهي العرض بمشاهد مؤلمة تحاول أن تذكر الجميع بالنهاية الحزينة والمؤلمة التي حتما نهاية كل مغامر، ينساق من وراء الأحلام التي يبنيها له تجار الموت.
العرض المسرحي يشرح الأسباب ويطرح الحلول، ويوجه الشباب ويحذرهم من المخاطر التي تترصدهم جراء هذا التصرف، معتبرا آفة الحرقة هي نتاج عوامل عديدة منها الجهل والتسرع، وكذا الانسياق من وراء أطماع العيش في أوروبا والتي نسج خيوطها تجار الموت والسماسرة الذين يتاجرون بأرواح الأبرياء.
وقدّم المخرج أحمد دهنيز شكره الجزيل لفرقة رواد الفن على الأداء المتميز لهم وتمكنهم من إيصال رسالتهم للجمهور العريض الذي تابع العرض، كما قدم تشكراته إلى مديرية الشباب والرياضة وكذا السيد حسين همال مدير ديوان مؤسسات الشباب بولاية البويرة على دعمهم للجمعية ووقوفهم إلى جانبها متمنيا أن تشرع الجمعية في قافلة تكون انطلاقتها عاصمة الولاية باتجاه ولايات الوطن.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/12/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محمد لهوازي
المصدر : www.horizons-dz.com