الجزائر

امرأة تسأل عن تجسّس جارتها عليها وكشف عوراتها للنّاس حتّى لا يخطبوا بناتها؟



إنّ حق الجار عظيم في الإسلام، وذلك لكونه ملازمًا للمرء، يشاركه أفراحه وأقراحه، يعلم أسراره وأخباره، وحتّى الأكل يطبخه تصله رائحته، ولو يعلم النّاس أهمية الجوار لطبّقوا أحكامه ليعيشوا في أمن وسلام، حتّى إذا ما سافر المرء علم أنّه ترك جارًا أمينًا يحفظ أمواله وممتلكاته في غيبته، ومن المؤسف أن نسمع عن العداء الشديد بين الجيران اليوم، حتّى أضحى سوء الظن هو الأصل المتعامل به بينهم، فلا تسمع إلاّ ''جارتي سحرتني، جاري سرقني، جاري خدعني...''، ولا بأس أن نُذكّر ببعض النصوص الواردة في الجوار والحقوق وحقوق وواجبات الجار عسى الله أن يهدي بها كلّ مَن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد ويصلح بسببها الجيران، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره...'' أخرجه البخاري ومسلم، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال: مَن لا يأمَن جاره بوائقه'' رواه احمد والبخاري. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''ما زال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننتُ أنّه سيُوَرِّثُه'' أخرجه البخاري ومسلم، وقد سُئل صلّى الله عليه وسلّم عن امرأة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل الخير، ولكنّها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال: ''هي في النّار'' أخرجه أحمد والبخاري وغيرهما وهو صحيح. وقد أمر الله سبحانه بالإحسان إلى الجار، حيث قال سبحانه: ''وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْحُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنَ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا'' النساء36''، وغير ذلك من النصوص الواردة في الجار. أمّا التجسس وكشف العورات، فمحرّم في الإسلام، قال تعالى: ''يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَّعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ'' الحجرات.12 وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''ومَن تتبّع الله عورته فضحه ولو في قعر بيته'' رواه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح. أو كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في معنى الحديث: ''مَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة'' أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم وهو صحيح. ويجمع ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''إيّاكم والظّن، فإن الظّن أكذب الحديث، ولا تحسّسوا، ولا تجسّسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره... التّقوى ها هنا'' ويشير إلى صدره ''بحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله، إنّ الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم'' رواه مسلم. هل بعد هذا بقية من الطمع في النّجاة بعد الأذية بالجار، هدانا الله لما يحب ويرضى، آمين. نسخة للطباعة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)