الجزائر

"امحند أوشعبان" رحلة بحث عن الذات بين الحاضر والماضي




قدمت الجمعية الثقافية ”ايبتوزن” عرضها المسرحي ”امحند أوشعبان” مساء أول أمس، بدار الثقافة، لتدخل به في منافسة العروض المندرجة ضمن الفئة ”أ”، في إطار الطبعة الثامنة والأربعين للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمدينة مستغانم.آخر العروض المشاركة في الطبعة الثامنة والأربعين في منافسة المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم كانت مسرحية ”امحند أوشعبان” التي قدمتها الجمعية الثقافية ”ايبتوزن” القادمة من ولاية تيزي وزو. العرض يندرج ضمن المسرحيات الطقوسية التي تستعمل الأساطير والعادات والتقاليد التي تتميز بها كل منطقة، حملت أحداثها الجمهور في رحلة بحث عن الذات والحقيقة بين الحاضر والماضي واستمرت حوالي ساعة من الزمن. تروي المسرحية مغامرة شاب ضاقت به الحياة وانقطعت عنه مشاربها، تعاقبت كبواته فقرر البدء في رحلة للبحث عن الذات والحقيقة بعد نبشه عن الماضي من مقام الولي الصالح سيد عبد القادر الجيلالي، أين اعتكف يدعو الله ليحقق دعواته وليعرفه الماضي، بعد دعواته الدؤوبة والمتواصلة يستجاب دعاءه بعودة رجل غريب من العالم الآخر إلى الحياة بعد نومه لمدة 500 سنة، لبدأ الشاب المتحمس لمعرفة الماضي في استجواب الرجل المدهوش الذي يصر على كونه نام لساعتين من الزمن.في قصة مشابهة من ناحية درامية لقصة أصحاب الكهف وجد الجمهور نفسه متعاطفا مع بطل مسرحية محند أوشعبان الذي نقله في رحلة شيقة مليئة بالتساءلات الفلسفية، مستوحاة من نص للفنان الأمازيغي الكبير امحند أوحيا، ”موحيا”، أخرجها على الخشبة جمال بلونيس، ومثل فيها كل من ماسينيسا حدبي، إبراهيم شابة، وعمران لعطب، السينوغرافيا تمثلت في ديكور متنوع يصور المناطق التي تدور فيه الأحداث، رافقها صوت الموسيقى التي ساهمت في نقل المشاهدين إلى عالم أسطوري خيالي، كما ساهمت الملابس في إبداء الاختلافات بين الزمنين، أما بالنسبة إلى أداء الممثلين وطريقة تفاعل الشخصيات مع بعضها البعض ومع الوضعيات التي تتعرض لها فقد كانت سلسة تلقائية انتابتها بعض الهفوات من الممثلين الذين وقعوا أحيانا في فخ الريتم المستقيم مما جعل المسرحية تبدو مملة وثقيلة في بعض المقاطع. تتضمن مسرحية ”امحند أوشعبان” بعض المقاطع المباشرة، وبعض الإيحاءات والرموز خاصة في شخصية العسكري الذي يمثل السلطة الغاصبة والمستبدة التي لا تهتم إلا بمآربها وتضغط على شعبها فارضة رأيها بالقوة مما قد يولد رضوخا وخنوعا من قبل أحد الطرفين، أو يؤدي إلى صراع حاد وسجال لا ينتهي بين الطرفين إذا ما قاوم كل طرف الآخر وأصر على رأيه وهي الحالة التي قدمتها لنا المسرحية التي دخلت منافسة الفئة ”أ” بعد تفوقها على باقي عروض الفئة.الأكاديميون يدعون إلى تطوير تقنيات التكوين في المسرحأجمع المشاركون في المهرجان الوطني لمسرح الهواة أن للتكوين دور كبير بالنسبة للفنانين سواء كانوا مخرجين أو ممثلين مسرحيين أو كل من يساهم في العمل المسرحي، فهو يساعد على تفهم أبعاد الشخصية وطريقة عرضها وتقبلها واندماجها مع الجمهور فهو عملية توافق وتمازج مع الشخصية ومع بقية عناصر العمل المسرحي ويكسب الفنان خبرات واسعة. مؤطرو الورشات وإن قالوا أن طريقة تلقي التكوين لدى طاقم العمل المسرحي في الجزائر تقليدية وبالتالي فإن مستوى التكوين يلزمه كثير من التطوير لثقل شخصية الفنان وتثقيفه وتدريبه وكل من يشترك في العمل المسرحي لأنه في النهاية لا يمكن أن يولد عمل مسرحي جيد بدون تضافر وتوافق جميع الجهود التي تساهم في العمل المسرحي، موضحين ضرورة أن يتم ذلك عبر إعادة النظر في المنهجية الحرفية والثقافية عبر ندوات ومعاهد متخصصة تعمل على إغناء طاقم العمل المسرحي وتعريفه بكل عناصر العمل. من جهتهم دعا النقاد والأكاديميون إلى ضرورة التزام العمل المسرحي بدقة وشمولية أكبر وإعطاءه خبرة متخصصة لمساعدته على العطاء بمصداقية ووعي وتفهم وثقافة عالية وخبرة تؤهله للتطور والانسيابية والتفاعل مع بقية عناصر العمل الفني سواء النص أو الإخراج أو الديكور ليستطيع تجسيد الدور الذي يقوم به بكل أبعاده النفسية.موضحين كيف أن التكوين في المسرح هو أساس النجاح ومن أهم المراحل الابتدائية التي يمر بها الفنان عند بداياته ويعتبر البداية الحقيقية منها يتكون الفنان ومنها يكتسب الخبرة والمعلومات في مجال المسرح وهو يعد بداية موفقة بإنتاج الأعمال المسرحية في المستقبل ويساعد في تنمية القدرات الشخصية والثقافية للفنان وتطوير الآداء الفكري وإعطاء المفهوم الصحيح مع تصحيح الأخطاء الفنية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)