الجزائر

اليوتوب بين تعليق الآمال وحصد الأموال !



بقلم: يونس بلخام
صار الموقع المتخصص في مشاركة الفيديوهات والمعروف باليوتوب محجّا إلكترونيا لمعشر الشباب المبدعين كي يشاركوا أعمالهم وما جادت به عقولهم ومهاراتهم في المونتاج والكتابة بغض النظر عمّا تضمره نواياهم وسرائرهم إلّا أن الأكيد هو أنّ هذه الفيديوهات صارت تستهوي شريحة عريضة من المجتمع المستهدف تقدر بالملايين خاصة الشباب المتلقي وتعدَّتها لتدلفَ تخوم مجتمعات أخرى تشاركه نفس البيئة والتفاعلات الإجتماعية وطريقة العيش وعليه فإن أي فكرة قد تُطرح من خلال هذه المواد حتما ستجد من يعتنقها إعتناقا حقيقيا ويبني من خلال مضمونها قناعات يسير بها لحين من الدهر ليس باليسير هذا إن لم تعش معه حتى مماته!.
هنا يتبين لنا ما لهذه الفيديوهات من قوة تأثير حقيقية وما تُلقيه على أصحابها من ثقلِ مسؤولية قد لا يعي أعظمهم حجمها وما قد ينجر عنها من ردّات فعل إعتباطية ناجمة عن التفاعل التلقائي مع المحتوى المطروح والذي غالبا ما يُفهم من عدة نواحي مختلفة قد لا تعكس الرسالة الحقيقة لصاحب هذه البضاعة الإلكترونية ونحن نصر على وسمها بالبضاعة لأنها تدُرّ على أصحابها عوائدَ مالية عند سقفِ عدد معين من المشاهدات لذلك فالأمر ليس هينا ولا يتعلق حصرا منتهيا بِبِضْعِ دقائق قد يستهلكها المشاهد في متابعة هذه البضاعة بل برؤى وقناعات ينجم عنها مخرجات متنوعة كرد فعل طبيعي لشيىء يستفز أي إنسان كان سواءَ أكان ذالك الإستفزاز إيجابيا أم سلبيا.
نأخذ على سبيل التعيين لا على الحصر الفيديوهين اللذين إنتشرا مؤخرا في مواقع التواصل الإجتماعي خاصة اليوتوب وبنسبة أقل الفايسبوك الأول لشاب جزائري يتعاطى الوضع الراهن لأقرانه من الشباب الجزائري والبلد الجزائر بصفة عامة عاكسا من خلال الكلمات المنتقاة والمؤثرات الصوتية المستعملة من موسيقى وطبقات صوت مختلفة وصولا إلى المؤثرات البصرية كتعتيم الشوارع وجعلها تبدوا أكثر كآبة الواقعَ الذي يراه هو والصورة التي رسمها بنفسه أو بتأثير مؤثر عن المجتمع الجزائري أما الفيديو الثاني فهو لشابّ آخر يتناول موضوع القضية الفلسطينية ويسلط عليها الضوء من ناحية وزاوية مختلفتين لتبلغ تلك الشريحة المنقطعة والمنعزلة عن تتبع الشأن السياسي لوطنهم الأصلي وشؤون الأمة العربية والعالم الإسلامي بصفة أوسع لكن السؤال الحقيقي في كل هذا : هل أصحاب هذه الفيديوهات قد عزموا أمرهم على تنوير الرأي العام وإفادته ولم يتحينوا الفرص والمواعيد البارزة في الساحة الوطنية ليبرزوا ويكتسبوا إسما فنيا وشهرة إعلامية واسعين ؟ هل هم يعبرون عن رأي شخصي أم أنهم يخدمون جهة معينة ذات توجه سياسي وفكري معين ؟ قد يبدوا كلامنا مبالغا فيه خاصة لما أدرجنا التوجه السياسي في الموضوع وسيزول العجب إن تمحصنا في هاته الفيديوهات بموضوعية لا تشوبها شائبةٌ من عاطفة أو تضامن مع ما يسمونه بردات الفعل العفوية أليست هذه الفيديوهات تتناول مواضيعَ سياسية بحتة (الإنتخابات الرسائل المضمرة من خلال الوقت الذي إختاره أصحاب هذه المواد لنشرها والإستشهاد علَنًا من غير تلميح بمحطات تاريخية لمواقف سياسية سالفة ذات قيمة تاريخية عظيمة الشأن ولها وزنها في ميزان إتخاذ القرار) هل سبّقوا الوعي الإجتماعي على المصدر المالي ولم يركبوا موجة الأحداث على حساب تبني موقف عقلاني ومنطقي من هذه المتغيرات والأحداث؟
كلها أسئلة وجب طرحها والإفصاح عنها ولا نملك نحن الإجابة عنها أو بناء أحكام مُسْبَقة وإعتباطية قد تظلم أشخاصهم وتسيؤ فهم مرادهم الحقيقي وموقفهم الذاتي من المسائل التي طرحتها فيديوهاتهم كما أنّ هذه الإجابات المنتظرة ذاتيةٌ وتخصّ أصحاب هذه المواد الإلكترونية لا غيرهم وهي ملزمة لهم وحدهم لأنهم هم من خطط لها ولعب فيها الدور الأساسي والبطولي ونقَلَ من خلالها رسالة معينة أحسن تمريرها حتى صار الشباب الجزائري مؤمنا ومقتنعا بها أيّما إقتناع لدرجة أنه يأبى مناقشتك فيها أو تبني موقف على خلافِ موقف أصحاب هذه الرسالة كصورة مؤسفة لغياب الثقافة النقدية في مفهومها الإيجابي لدى أفراد المجتمع خاصة فئة الشباب منهم.
لا ننكر الدور الهام والحقيقي الذي تلعبه هذه المنصات الإلكترونية واليوتوب من أبرزها في تمرير كمّ هائل من الرسائل الإجتماعية والسياسية بل وحتى الدينية لفئة منعزلة عن المصادر الحقيقية لهذه الرسالات في ميادينها المختلفة كالمجتمع العميق والحياة السياسية الحقيقية والنضالُ في حزب ما كنموذج أو الخوض في مسائل دينية وإختلافات وتبني موقف صريح منها...إلخ إلّا أنّ المشكل يكمن في الطَّوية المضمرة من وراء هذه الرسائل وعدم مصارحة الجمهور المتلقي لها إن كانت لا تعبر عن رأي صاحبها أو أنّها لا تستهدفه كإنسان يجب توعيته وإعتباره رقم مشاهدة يزيد في نسبة العوائد المالية فهنا بالتحديد ينعكس الوجه الجميل والعفوي لهاته المواد إلى صور إستغلال مقيتة لنزق الشباب خاصة بغية تحقيق مآرب شخصية أو جماعية وعليه فالحذر الحذر من الإنصياع والإقتياد عاطفيا لا عقلانيا وراء هذه المواد وليحاول متلقيها أن يتمحص في فحواها وأن يحللها بعقل لا يقصي الموقف النقيض لها بل يدخله في دراسة مقارِنة بينه وبين الموقف الممثل لتلك المادة ليبني قناعة علمية وموقفا مشرفا يخصه هو لا رعانته وغوغائية من يتعاطى الأمور بعاطفة وصبيانية كما كان حريا بأصحاب الفيديوهات أن لا يتلونوا كل مرة بلون البراغماتية والمصلحة المادية وأن لا يجعلوا من إبداعاتهم رهنا لتوجهات قد لا تعكس حقيقة نظرتهم للقضايا فالأولى والأجدر أن يَخدِموا أفكارهم لا أفكار غيرهم واليوتوب ليس موردا إقتصاديا دائما يعلق عليه حبال المستقبل وعليه فالمواقف الحقيقية تبقى ولا تتفسخ أمّا الباقي فآيِلٌ إلى الزوال لا محالة وما يَفلح غير مول النية!.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)