دخلت الحرب في اليمن عامها الخامس سنة 2018، لكن هذه المرة في ظل ظهور بوادر انفراج الوضع، على ضوء اتفاق السلام المتوصل إليه في السويد، تحت إشراف المبعوث الاممي، مارتان عريفيتس،و دخول وقف القتال حيز التنفيذ، بين القوات الحكومية و مجموعات حركة أنصار الله (الحوثيون)، إذ ينتظر إن يتم الانطلاق في مسار تسوية جدي مع مطلع 2019.
و ان كان اليمنيون رحبوا بهذا التطور الجديد الا انهم مازالوا يتذكرون تعقد الوضع في البلاد و ما تحملوه من ويلات المعارك العسكرية و فشل المبادرات السياسية، في وقت ضربوا فيه بكارثة انسانية،
حيث انتشرت الأوبئة و المجاعة بين ملايين الناس، على خلفية انهيار كلي لاقتصاد البلاد، أمام أنظار المجموعة الدولية التي واصلت مساعيها من أجل حل للنزاع و انقاذ الشعب اليمني من ويلاته.
ازدادت الأوضاع السياسية صعوبة وتعقيدا في ظل غياب دولة المؤسسات و ظهور كيانات سياسية وعسكرية جديدة أصبحت تمثل “أمرا واقعا” نتيجة لدورها الفعال في الحياة السياسية والعسكرية في اليمن لا سيما منها حزب “الاصلاح” و “المؤتمر الشعبي العام” أو “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي بات يشكل أقوى التكوينات في الجنوب، والذي يرى المراقبون أنه يهدد مستقبل ووحدة البلاد.
أما الوضع العسكري، فقد بقي هو الآخر “ضبابي ومتعثر”، و بقيت الكثير من الجبهات العسكرية مفتوحة بين الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس،
عبد ربه منصور هادي، المدعم من طرف “التحالف العربي” الذي تدخل في البداية بتسع دول ليقتصر اليوم على السعودية والامارات العربية،
من جهة، وأنصار الله الحوثي، من جهة أخرى، اللذين وعلى الرغم من الخسائر والأضرار المسجلة من كلا الجانبين، رفض كل طرف تقديم تنازلات لصالح السلام، وهذا بالرغم من أن حصيلة الخسائر البشرية بلغت أكثر من 10 آلاف قتيل و50 ألف جريح، منذ اندلاع الصراع في 2015.
وعليه بدت الحرب في اليمن معقدة، فالاطراف المتصارعة متعددة ومناطق السيطرة تتداخل بين القوى على الارض،
حيث تسيطر القوات الشرعية بالكامل على محافظتين هما “ابين” جنوب شرق البلاد و”المهرة” شرقي البلاد وبشكل جزئي على محافظة “لحج” اضافة الى محافظة “شبوة “جنوبا،
ومعظم مديريات “الجوف” شمالا في وقت تبسط قوات الحوثي سيطرتها على الجهة الغربية من البلاد حيث تضع يدها على مركز صنع القرار العاصمة صنعاء، يضاف اليها محافظة “الحديدة” ذات الاهمية الاستراتيجية غرب البلاد.
وبعد أربع سنوات الاقتتال الدامي الذي أتى على الأخضر واليابس، في هذا البلد، استقر وعي دولي بأن لا حل للنزاع الا بالضغط على الأطراف الحقيقية في هذا الصراع.
بوادر جديدة لحلحلة الأزمة اليمنية
وقد كللت الجهود الدولية لحل الصراع سنة 2018 بإعادة كسر الجليد بين المتناحرين في اليمن من خلال إعادة بعث مفاوضات سلام جديدة برعاية أممية بعد جمود دام عامين من الزمن وبالرغم من أن كل المحاولات السابقة في سويسرا او الكويت او عمان باءت بالفشل وإن تمكنت في بعض الأحيان من وقف الإقتتال لبضع الساعات أو أيام معدودة تحت الضغوط الأممية أو الدولية ليس إلا لإيصال بعض المساعدات والإعانات الإنسانية لضحايا الماساة.
وجاءت الدعوة الأممية لعقد مفاوضات جديدة في جنيف 6 سبتمبر 2018 ، لتحيي الأمل من جديد لدى اليمنيين غير أنها سرعان ما باءت بالفشل بعد أن عجزت الامم المتحدة في تأمين مغادرة الوفد الوطني الحكومي الذي يضم قيادات انصار الله وقوى يمنية أخرى “لظروف لوجستية” حالت دون ذلك.
غير أنه مع تدهور الاوضاع الإنسانية في اليمن وفي ظل التطورات الجيواستراتيجية في المنطقة العربية ومع الضغوط الدولية لا سيما بعد تبني مجلس الشيوخ الامريكي مشروع قانون لإنهاء الدعم العسكري للتحالف العربي في اليمن شكلت كلها أرضية خصبة،
اغتنمها المبعوث الأممي لاعادة تنظيم جولة جديدة من المحادثات في السويد في الفترة من 6 الى 14 ديسمبر، أثمرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة الحديدة ذات الاهمة الاستراتيجية، الى جانب اتفاق آخر لتبادل اطلاق آلاف الأسرى والمعتقلين واللذين شكلا أهم نجاح حققته المشاورات، لاسيما و ان بعثة أممية عسكرية توجد بعين المكان لمراقبة وقف اطلاق النار و احترام ترتيباته.
مأساة إنسانية تتحدى الضمائر… في ظل انهيار وشيك للاقتصاد في البلد
تحمل المدنيون في اليمن العبء الأكبر في القتال و صاروا ضحايا لما يصفه ناشطون ب”إنتهاكات جسيمة للقانون الدولي” من قبل كل أطراف الصراع، والى غاية مطلع أكتوبر الماضي قتل 4125 شخصا من المدنيين وجرح 7207 في اليمن، حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
ومنذ مارس 2015، قتل اكثر 6800 شخص وأُصيب 35 ألف شخص آخر، وقد قتل أغلبهم جراء القصف الجوي للتحالف الذي تقوده السعودية لدعم الرئيس اليمني.
ولم يكن الموت بكل أنواع أسلحة الدمار الشامل السلاح الوحيد للقتل إنما زاد الوضع سوءا بانتشار الامراض والاوبئة التي باتت تهدد حياة الملايين من الأشخاص،
حيث أكد مسؤولون أمميون أن الهيئة تخسر الحرب ضد المجاعة في اليمن في ظل وضع قاتم جدا يتفاقم تدريجيا الى ان بات يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم وبات يقترب من نقطة اللاعودة، ويستحيل بعدها تجنب خسائر جديدة في الارواح.
وتسببت الكوليرا في قتل أكثر من 2000 شخص وحوالي مليون شخص يعانون من حالات الإسهال الشديد، في مختلف المحافظات حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.
وحسب آخر الإحصاءات الأممية فإن أكثر من 22 مليون شخصا بحاجة الى مساعدات إنسانية في اليمن منهم 18 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي وأكثر من 8 ملايين يعيشون حالة المجاعة.
وفي ظل هذا التدهور، يواجه الاقتصاد اليمني ومعه عملة البلاد الريال “خطر الانهيار الوشيك” من جراء الحرب ويدفع في هذا الاتجاه تهاوي إيرادات البلاد من النقد الأجنبي ومعه يتهاوى احتياطي البنك المركزي،
حيث دعا مجلس الأمن الدولي إلى ضرورة “اتخاذ إجراءات فورية لتحقيق استقرار اقتصادي في البلاد، و الذي بات تحقيقه في غاية الصعوبة”.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 30/12/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : المسار العربي
المصدر : www.elmassar-ar.com