الجزائر

اليابانيون يحتفلون على طريقتهمزاوية حرة



اليابانيون يحتفلون على طريقتهمزاوية حرة
الغريب في أمر اليابانيين أنهم قد تربعوا على عرش ذهبي من حيث التفوق التكنولوجي والإنجازات الاقتصادية الهائلة التي جعلت منهم الدولة الأكثر منافسة لأمريكا وبقية الدول الصناعية العظمى، ويقول العارفون أن الدولة كلما تعزز اقتصادها كلما تعززت استقلاليتها وتوسعت حريتها في امتلاك التحكم بقراراتها، ومن هنا نبدأ حيث يبدأ اللغز المحير الذي يقودني إلى الاعتقاد بأن بيننا نحن العرب وبين اليابانيين صلة قرابة عرقية أو نسب مصاهرة، فالعرب كلما تضخمت ثرواتهم النفطية وكلما تمادت أمريكا بتحديهم بالوقوف إلى جانب من نحسبهم أعداءنا أي الصهاينة كلما ازددنا ولاء وخضوعا لأمريكا، واليابان اليوم وقد بلغت ما بلغته مما أشرنا إليه تحتفل هذه الأيام بذكرى مرور 67 عاما على ضرب ناكازاكي وهيروشيما بالقنبلة الذرية الأمريكية بحيث حقق التطور النووي الأمريكي أول مجزرة في التاريخ بسلاحه الذي دشنه باليابانيين الذين يتذكرون اليوم ضحاياهم وهم بالملايين، وبدل أن تكون اليابان معادية لأمريكا وتكون على خط الخصم التقليدي أو المنافس التقليدي لأمريكا أو الموازي لها، وهو الثنائي الصيني الروسي بحيث لا يكون لها لقاء مع الخط الأمريكي، نجدها أكثر التصاقا بأمريكا وقربا منها وخضوعا لها ولإرادتها، وبدل أن نراها متحالفة مع إيران والمقاومة الفلسطينية نجدها تقترب أكثر من إسرائيل وتفتح معها أبواب التعاون وتبادل الخبرات، ومن هنا جاء الشبه بيننا وبينها وإذا كنا عندما نحتفل في الجزائر بذكرى شهدائنا ونستعرض ثقافتنا الشعبية المعادية لفرنسا ونحتفل بذكرى النكبة الفلسطينية ونستعرض ثقافتنا الثورية والثأرية وإن كانت باردة ببرودة أجواء السياسية إلا أننا نتذكر ولو بقراءة الفاتحة عن أرواح شهدائنا وضحايانا، ولكن السؤال المطروح هنا هو ماذا عسى أن يفعل اليابانيون بتلك المناسبة ؟ وماذا يقولون ؟ هل يكتفون بتقديم ونشر باقات الورود أمام التماثيل المنصوبة تخليدا لهذه الذكرى الأليمة وتنظيم الاحتفالات الاستعراضية التقليدية وبالطبع دون قراءة الفاتحة ؟ هذه التساؤلات تبقى مطروحة بشكل عفوي تلقائي، وهل يكفي تبادل المنافع الاقتصادية لمحو آثار جرائم العدوان التي لا يمكن لها أن تمسح من ذاكرة الأجيال القادمة ؟ بالطبع فإننا عندما نتحدث عن ذلك فإننا نكون كمن يتحدث عن المستحيلات في بحر من ظلمات التاريخ، وعزاؤنا نحن العرب أن هناك وعلى الضفة المقابلة لنا على أطراف آسيا الشرقية من يشبهنا من جهة ولاء الذل لقاتل أبنائنا وآبائنا وأجدادنا، ولكن دون مبرر، فمتى تستفيق الشعوب من غفلتها وتنهض من كبوتها وتنتفض على واقعها المرير ؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)