الجزائر

الوقوف خلف الصفوف



 عجيب أمر السياسيين في الجزائر، فإذا كانت السلطة تمشي بالمقلوب فإن المعارضة لا تجد حتى طريقا تمشي عليه. وقد تأكدت من هذا الطرح منذ أن اشتعل الشارع غضبا جراء غلاء المعيشة. ولمدة خمسة أيام كانت النار تلتهب في باب الوادي ووهران وتبسة وغيرها من ولايات الوطن. لم نر صورة واحدة لزعيم سياسي ولا نقابي ولا جموعي قاد الحركة أو أطرها في أي حي من أحياء الجزائر. وكدت أجزم أننا مازلنا نعيش في عهد الحزب الواحد. ولكن ما إن تفرق الجمع وانطفأت النار حتى خرج قوم سياسي، كدنا ننسى حتى أسماء الأحزاب والمنظمات التي ينتمي إليها، نظرا لهجرها الساحة منذ زمن بعين، وهاهم اليوم يحاولون ركوب الموجة وتأطيرها عن بعد بالبيانات والاجتماعات والمسيرات. ولكن العجيب أن الشارع لم يعد يولي لها الاهتمام، بل أكثـر من ذلك فإنه أصبح يتهكم على ''الزعماء'' من خلال وسيلة العصر ''الفايسبوك''.
ظاهرة الوقوف السياسي خلف الصفوف ليست جديدة في بلادنا وتعود إلى عهد الحركة الوطنية. فبعد أن قررت مجموعة من الشباب خيار الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، لم تجد، رغم المساعي الكثيرة، أي إطار أو حزب سياسي أو شخصية نافذة تحتضن الثورة من الناحية السياسية بغرض إعطائها البعد الدولي الضروري، الأمر الذي فرض التفكير في تأسيس جبهة التحرير الوطني لتكون سندا لجيش التحرير الوطني، الذي قدم الاستقلال فوق طبق من ذهب للسياسيين الذين أوصلونا إلى ما نحن عليه اليوم. الظاهرة تكررت في أحداث 5 أكتوبر 88 وهي الحركة التي ولدتها أزقة الشوارع ودفع ثمنها المواطن البسيط الذي لم يكن يعي حتى معنى الحزب السياسي، ولكن الموجة ركبتها العديد من الأحزاب دون أن تطلق كلمة معارضة واحدة، ومرة ثانية قدم الشارع ''الديمقراطية''، ولو كانت عرجاء، فوق طبق من ذهب، لسياسيين عاثوا فيها فسادا مرة أخرى وأوصلونا إلى المأزق الذي نتخبط فيه. فلماذا لا يفكر الساسة في النزول وحدهم، هذه المرة، إلى الشارع ويقدمون لنا الديمقراطية الحقيقية، مرة واحدة فوق طبق حتى ولو كان من ''قزدير''.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)