الوسيط الفرنسي.. وجلسة الملوك :

هل هناك من انتبه إلى حالة الأريحية التي ظهر بها جون بيار رافاران، الوزير الأول الفرنسي السابق، وهو يجلس إلى ستة وزراء جزائريين، خلال هذا الأسبوع، تحضيرا لزيارة رئيس بلاده فرانسوا هولاند؟
لقد وصلت أريحية رافاران إلى أن وضع رجلا فوق رجل، بينما كان مضيّفوه من وزرائنا، بعضهم طبعا، جالسين وكأنهم تلاميذ بين يدي أستاذهم.. ولمن يريد البحث والتأكد ما عليه سوى مراجعة نشرة الثامنة..
ما يهمنا في القصة كلها، هو حالة الاهتمام الشديد بزيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، وكثرة زيارات ''الوسيط'' جون بيار رافاران بين الجزائر وباريس، حيث يقال إن زيارة رافاران التي التقى فيها بعدد من الوزراء والمسؤولين هي آخر زيارة قبل قدوم هولاند، ما يعني أن ''الوسيط'' الفرنسي سيأخذ معه قائمة الصفقات التي وافقت عليها الجزائر وسيأخذ معه أيضا طلبات السلطة الجزائرية.
وفي هذا المستوى، يدور حديث عن وجود ملف رئاسيات 2014 ضمن ملفات النقاش، من منطلق أن ''الوسيط'' الفرنسي يريد أن يطمئن على مصالح بلاده، مهما يكن الوافد الجديد إلى قصر المرادية.
وطبعا هذا أمر يهم جهات عليا في السلطة الجزائرية، لكن ما يهم عامة الشعب هو كيف ستنعكس زيارة هولاند وحتى جولات ''الوسيط'' رافاران، على يومياته.
ما يهم المواطن كثيرا هو أن يعرف الحدود التي تقف عندها المناورة بالمال الجزائري مقابل الحصول على مواقف فرنسية داعمة لهذا الجناح أو ذاك، وما يهم المواطن فعلا هو أن يتأكد بأن من يسيّرون البلد باسمه لا يفاوضون القوى الكبرى، خصوصا فرنسا وأمريكا، من أجل تحقيق مكاسب شخصية ضيقة، تحت شعار كبير هو الحفاظ على مصلحة البلد.
وكجزائري، أتفهم، بل أدعم، أن تكون للجزائر إستراتيجية تحافظ من خلالها على أمنها القومي، في ضوء ما يجري على حدودنا من كل جانب، خصوصا جبهة مالي. ولتحقيق هذا الأمن القومي من الطبيعي أن تصرف الجزائر الأموال لدعم الاستقرار في دولة مالي، مثلا، لكن هذا الأمر لا يمنح الحق إطلاقا لمن يحكمون الجزائر بأن يسرقوا المال العام، عبر صفقات مشبوهة، باسم حماية أمن البلاد.