الجزائر


 لم يتطرق نواب مجلس الأمة، لا من بعيد ولا من قريب، لحياة وخصال الرئيس الراحل هواري بومدين، ولا لعلاقته بالرئيس الحالي بوتفليقة، ولا لعلاقة الأخير بأويحيى، إلا أن الوزير الأول فضل أن يختتم رده على مداخلات وتساؤلات أعضاء مجلس بن صالح، بعد مناقشتهم لبيان السياسة العامة، بالحديث عن عمق تجربة من سماه بعملاق السياسة، وكان يقصد بوتفليقة، وعلاقته بالرئيس الراحل بومدين، ثم تطرق لاستفادته الشخصية من تجربة الرئيس الحالي المستمدة من تجربة الرئيس الراحل.شخصيا لم أفهم سر ولا مغزى ولا معنى ولا مبررات هذه الإثارة ولا هذا الربط، وإن كان التفسير الوحيد لما ذهب إليه أويحيى هو أن سي أحمد أراد أن يقول لمستمعيه ومن ورائهم للرأي العام الجزائري، أنه وارث ووريث سياسة الرجلين، وبالتالي فهو الشخصية الثالثة من حيث الأهمية والتأثير، في تاريخ الجزائر المستقلة. لكن لماذا اختيار هذا الظرف بالذات لهذا الإقحام الغريب غرابة هذه الأيام.للإشارة وللتذكير، سبق للمترشح المستقل لرئاسيات عام تسع تسعين وتسعمائة وألف، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أن قال: ''...كنت الرجل الثاني في الدولة...'' وهذا ردا على استفزاز من الزميل الصحفي حميدة العياشي الذي سأله يومها عن هوية قتلة كل من خيضر وكريم بلقاسم... باستثناء هذه الإشارة، فإن ثقافة الجزائريين عموما والساسة بشكل خاص، خالية، بالأمس واليوم، من ترتيبات الرجال في سلم درجات المسؤولية، دون أن نسقط بطبيعة الحال الترتيبات البروتوكولية التي لا علاقة لها لا بحجم الشخصية ولا بتأثيرها، فالقول اليوم مثلا إن عبد القادر بن صالح هو الرجل الثاني في الدولة لا يعني أكثـر من اصطفافه في أول الصف عند استقبال بوتفليقة لأحد الضيوف الرسميين، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل الثالث زياري ثم أويحيى ففنايزية، إن لم أكن مخطئا في هذا الترتيب الذي تعلمته من الصور التي تبثها نشرات التلفزيون.السؤال المطروح هو إن كانت خرجة أويحيى نابعة من حسابات دقيقة ومضبوطة، أم أنها مجرد نشوة حماسية ولدتها تدخلات نواب الغرفتين، خاصة نواب الغرفة الأولى الذين نسوا مناقشة محتوى الورقة التي قدمها لهم الوزير الأول، وتصدوا للرد على نواب ''الأرسيدي'' مع ما ترتب عن ذلك من إطراء لعبقرية الحكومة ورأسها، فبدوا كأنهم هم أويحيى أو وزراء في حكومته، وليسوا نوابا للشعب وعن الشعب... مهما يكن من أمر، فلا صدف في السياسة، أو هذا ما يفترض على الأقل، وسواء كان أويحيى دقيقا في حساباته أو أخطأ الحساب، فإن الحسابات لموعد ألفين وأربعة عشر قد بدأت بالفعل.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)