تألّق أداء الدبلوماسية الجزائرية.. خلال مرحلة ما بعد المأساة الوطنية يعود الفضل فيه إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي تعهّد منذ الوهلة الأولى لاستلام مهامه الرسمية بضرورة تبوء الجزائر مكانة محترمة ولائقة في هذا العالم واحتلالها الصفوف الأولى ضمن الأحداث الدولية الكبرى كبلد له كلمته وحتى تأثيره في سيرورة المستجدات بشتى تنوعها السياسية والأمنية والاقتصادية.وهذا التوجه العملي هو الذي ساد هذه المرحلة بذل فيها رئيس الجمهورية جهودا مضنية من أجل تغيير تلك الآراء والأحكام المسبقة من خلال مشاركته في كافة المواعيد «الكونية» خاصة بين الكبار في إطار مجموعة ال20 أو على مستوى الأمم المتحدة في دورات سبتمبر.. وكذلك الملتقيات التي كان لها حضور قوي لرجال الأعمال والشركات الذائعة الصيت والنقاشات المعمّقة حول قضايا الساعة.ولم يكن أي خيار أمام الجزائر إلا باتباع هذا النهج الذي تطلّب وقتا طويلا من أجل إقناع الآخر، بأن هذا البلد مقبل على مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها اختلافا جذريا ولابد في هذا الصدد من إحداث ذلك التكامل في مسارات هذه النقلة تبدأ بالجانب الأمني ثم التنموي ولابد هنا من توفر شرط جوهري وهو التفهم الخارجي لما يحدث في الجزائر حتى تكون هذه «الجبهة» هادئة لا تشوش على ما ينجز.وبالفعل.. فإنه سجل تجاوبا واسعا مع هذا المسعى الداخلي وهذا بفضل إدراك المجموعة الدولية بأن هناك عملا ضخما وواسع النطاق في هذا البلد، كما أن هناك إرادة قوية من قبل الرئيس بوتفليقة في الانتقال إلى آفاق واعدة على أكثر من صعيد.والمؤشرات الأولى لهذا الانشغال التوافد الكبير للرؤساء والملوك ورؤساء الحكومات على الجزائر من أجل التعبير عن مدى تضامنهم ومساندتهم لكل الجهود الصادقة التي يقوم بها الرئيس بوتفليقة.كما انتقل رئيس الجمهورية بدوره إلى العواصم الكبرى سواء الأوروبية أو الآسيوية أو في امريكا الشمالية والجنوبية وهذا كله من أجل التحادث مع قادة هذه البلدان عن العلاقات الثنائية وفرص التعاون في كافة الميادين وبالأخص اطلاع هؤلاء على قرار الجزائر في الذهاب إلى مرحلة حاسمة في مسيرتها الوطنية وهذا بالعمل على استتباب الأمن وترقية الاقتصاد والحضور على الصعيد الدولي.ولابد من التأكيد هنا، بأن المنهجية الديبلوماسية التي اعتمدها الرئيس بوتفليقة كانت فعّالة.. قوتها في الحضور الشخصي والتحادث المباشر مع كل قادة العالم والمسؤولين، وهذا يعني عدم ترك «الكرسي شاغرا» هذه الطريقة أتت بثمارها لأنها تجاوزت ما كان سائدا من قبل عندما ذهب البعض إلى صيغة إعادة الانتشار.. هذا التصور طغى عليه الجانب النظري البحث الذي قلّص من حظوظ الاستفاد مما تقرّر.والواقعية في العمل الديبلوماسي المبنية على قوة إقناع الآخر هي التي حقّقت الأهداف المرجوة في زمن قياسي، واستطاعت أن تقلب أطراف المعادلة بشكل استثنائي وتزيح من أذهان الكثير ما كان يروّج له الاعلام الغربي زورا وبهتانا ضد الجزائر.وهكذا، فإن هذا التحوّل الجذري في المواقف سمح بأن تصبح الجزائر شريكا استراتيجيا للكثير من هذه الدول التي عزمت على مرافقة بلادنا في مسعاها التنموي من خلال تعزيز التعاون الثنائي في قطاعات هامة جدا هي الآن تعتبر نموذجا يقتدى به وهذا كله بفضل القناعة العميقة التي برزت منذ بداية سنوات الألفين من أجل إرجاع الجزائر سابق عهدها في رسالتها الديبلوماسية القائمة على حسن الجوار، والحوار، وعدم التدخل في شؤون الغير وحل الأزمات بالطرق السلمية والحفاظ على استقرار الشعوب ورفض استعمال القوة في النزاعات واحترام الشرعية الدولية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/10/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : جمال أوكيلي
المصدر : www.ech-chaab.net