نترقب استدعاء الهيئة الانتخابية هذا الأسبوع. المناسبة، هي رئاسيات أفريل، والتي ستحمل معها قائمة الطامحين في حكم الجزائر.لا أدري إن كانت حسابات السلطة تم جمعها ورهنها على “مرشح” واحد. لا يبدو عليها الوضوح. فهي في العادة غامضة، تفضل الخفاء، وتتواصل عبر الإشاعة أو الدعاية، أو الاثنين معا. لكن ما يميزها هذه المرة، أنها متعددة الرؤوس. أو هكذا يبدو لي الأمر. فهناك سجال في القمة بين الداعي إلى “فض” الدستور، ثم تعديله في يوم. وبين من يرى التأجيل وعدم التعجل، ربما لتقديره بأن احتمالات العهدة الرابعة للرئيس أمر مشكوك في تحقيقه.إن السجال الدستوري هو الورقة الحاجبة للرؤية. فكلما اهتممنا بالموضوع، صار اقترابنا منه أكبر. وكلما اقتربنا أكثر، صارت الورقة الصغيرة، أكبر مما تراه العين، حاجبة عنها ما يحدث خلفها.نتحدث عن المستقبل، وعما تعد به الرئاسيات. لكن تركيزنا ملقى على سطح الورقة، حيث يدور نطاح قانوني على نص يعتبر الإعلاميين مشروع مرتزقة، وجب الحذر من “خدشهم”. ويصنف الرأي العام في خانة القاصر، الذي هو بحاجة إلى توجيه، وجبت حمايته من الدعاية “المغرضة” التي مصدرها غير السلطة. يوجد دق قوي على طبول، توهم بوجود خلافات دستورية في هرم السلطة، وتوهم بأنه من ذلك النوع من الخلافات في الرؤية التي يسعى أصحابها إلى بناء دولة المؤسسات. توجد منافسات، ويوجد صراع تنافسي حول الحكم.. ولا أظنه حول شكل أو طبيعة الدولة.هذا ما تريد “الورقة” حجبه عنا.ما كان “السمعي البصري”، أو التعديل الدستوري ليصنعا وحدهما الأمل. عشنا فيما مضى تجارب حملت معها بريق وعد. ونعيش اليوم شيئا من “الكوابيس”، تضاف إلى رفوف الذاكرة الشعبية.فلا الوزير، ولا الحكومة، ولا مجلس التشريع يحملون صفات أفكار “الغد”. هم هنا، لأن هناك إرادة قالت لهم كونوا، فكانوا. إرادة فوق “الشخص”، وفوق المنصب. إرادة نحتتها التجربة في ممارسة الحكم. وهو ما يفسر جزئيا، لماذا يتم تعديل الموازين بين الحين والآخر، مع الاحتفاظ بنفس المعادلات.لو نبقي تركيزنا على ما يسبق الانتخابات من هرج قانوني، سنكون كمن سقط في فخ يعرفه مسبقا. وما هو متوفر حاليا، هي أفكار يتم تنفيذها لتبقى عقارب الساعة تدور في فراغ زمني.كذلك الذي ينهض صباحا، ينتظر الليل لينام ثانية.نسينا مع الوقت، أن عهدة رئيس تحمل أوصاف سنوات يعد بها مشروع سياسي. وأنها حاملة علامات تتميز بها عما سبقها من زمن. نسينا بأن البرامج ليست كلمات ووعودا.. لكن، ماذا سيحدث لو تجري الانتخابات وفق معايير النزاهة والنظافة؟بغض النظر عن الرئيس الفائز بفضل إرادة الشعب، والمنتصر بشرعية الانتخاب، ستكون الجزائر هي من يفوز باسترجاع الثقة بين الجزائريين. لدينا فائض في المال والغاز، ولدينا عجز مضني في الثقة. فكيف يسترجع الجزائري ثقته في نفسه؟ هو الإشكال وهو التحدي.. من 22 عاما بالتمام والكمال، قدم استقالته الرئيس الشاذلي بن جديد، رحمه الله. وبرر موقفه، آنذاك، بتفادي وقوع صدام بين الجزائريين. وللسماح لقوى الخير ببناء مستقبل جديد للجزائر.. وقبله ب30 عاما من ذلك التاريخ، كتب المرحوم بوضياف كتابه “الجزائر إلى أين؟”.استمرار دوران عقارب الساعة دون أهداف ومن دون رفع سقف التحديات، تركنا تائهين، نعيد أسئلة وانشغالات عمرها من عمر الجزائر المستقلة. “الجزائر، إلى أين؟”.لقد أصبح المسؤول أكثر ابتعادا عن المواطن. بينهما جدار بروتوكولي، وأمني وبيروقراطي، يمكن ملاحظته في الزيارات الميدانية لممثلي مؤسسات الدولة. [email protected]
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/01/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عبد الحكيم بلبطي
المصدر : www.elkhabar.com