الجزائر - A la une

الهدنة الإنسانية ترفع الستار عن فظاعة الجريمة



الهدنة الإنسانية ترفع الستار عن فظاعة الجريمة
«إنه زلزال مدمر" ليرد آخر إنها "قنبلة ذرية".. هي أوصاف أطلقها فلسطينيون عادوا أمس، إلى أحيائهم لوصف حجم الكارثة والدمار الذي لحق منازلهم جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ عشرين يوما.ولم يصمد شيخ طاعن أمام هول ما رأى أمام منزله المدمر ليغمى عليه، وسيدة في عقدها الخامس تنهار لهول الكارثة التي وقفت عليها ولم تتمكن من معرفة مكان منزلها، وأخرى تصرخ متضرعة إلى الله أن يكون وكيلا على كل من تسبب في ما حدث.هي صورة لا تعبّر بالضرورة عن الواقع وحجم الدمار الذي لحق بمدن قطاع غزة، عندما استغل سكان غزة "الهدنة الإنسانية المؤقتة" لتفقد منازلهم أو بالأحرى ما تبقى منها علّهم يجدون شيئا يحفظونه للذكرى.ولكنهم بعد ست ساعات من البحث ورفع الأنقاض عادوا إلى ملاجئهم خوفا من تجدد عمليات القصف وخاصة وأن إسرائيل أكدت أنها لن تمدد الهدنة، وأنها ستضرب متى رأت ضرورة لذلك وفي وقت كانت فيه الطائرات بدون طيار تحلق فوق رؤوسهم.إنها الفظاعة بعينها تلك التي وقف عليها سكان مختلف مدن قطاع غزة الذين عادوا إلى أحيائهم، وقد ارتسمت مشاهد لصور الكارثة بمجرد أن وطئت أقدامهم ما تبقى من منازلهم أو أحيائهم، واكتشفوا من خلالها درجة الحقد الإسرائيلي من خلال منازلهم المنهارة وجثث شهداء بقوا في العراء وقد تعفنت جثثهم، وأشلاء مترامية هنا وهناك بعضها تفحم وسط بقع الدم المراق وأخرى بقيت تحت أنقاض مسجد ومدرسة ومنزل بعد أن استحال على رجال الإسعاف الوصول إليهم بسبب القصف المتواصل.وكان المشهد كارثيا وفظيعا من حي الشجاعية إلى خزاعة ومن بيت حانون إلى بيت لاهيا، ووصولا إلى خان يونس وحي الزيتون والتفاح ومخيمات اللاجئين في البريج ودير البلح والنصيرات وصولا إلى رفح في أقصى جنوب قطاع غزة.مشهد واحد لأن المجرم واحد، حيث وقف الفلسطينيون العائدون إلى منازلهم على حجم المصيبة التي ألمت بهم وخاصة جثث ذويهم التي بدا التعفن ينخر أحشاءها وقد غطاها غبار عمليات الدك الإسرائيلية بمختلف الأسلحة الفتاكة، أو أعضاء من بقايا أجساد اختفت تحت سلاسل دبابات إسرائيلية مجرمة.وكم كانت الفاجعة كبيرة أمس، عندما تم انتشال جثث أكثر من 100 فلسطيني طمروا تحت الأنقاض واستحال استخراجها في مشاهد لا يمكن لأي مخرج فذ في أفلام الرعب تصويرها.وعاد الغزاويون إلى بقايا منازلهم مستغلين "هدنة ال12 ساعة" التي تم التوصل إليها بعد اتصالات دبلوماسية مكثفة لإقناع حكومة الاحتلال وحركة حماس بقبول وقف المواجهات لإيصال المساعدات وانتشال الضحايا الذين بقوا تحت الأنقاض، وإنقاذ مئات العائلات في مختلف الأحياء الذين أصبحوا يعيشون ظروفا إنسانية كارثية بسبب نقص المواد الغذائية الأساسية والأدوية والماء الصالح للشرب.ولكن لغة الرعب تواصلت إذا أخذنا بتحذيرات أمنية فلسطينية باتجاه حوالي 200 ألف فلسطيني ممن فروا من منازلهم من مخاطر العودة إليها مخافة وجود عبوات ناسفة أو قنابل إسرائيلية لم تنفجر أو ألغام تم إلقاؤها لقتل من نجا من عمليات القصف المرعبة التي توالت على الأحياء السكينة طيلة ثلاثة أسابيع كاملة.ولكن النداءات وقعت في آذان صماء فكيف لأبن يرى جثة والدته ولا ينتشلها أو شقيق أو صديق أو رضيع بقى محاصرا تحت الأنقاض منذ أيام بعد أن تعمدت إسرائيل تبني سياسة الأرض المحروقة ضد المدنيين الفلسطينيين، وبدرجة حقد لا يمكن تصورها.فقد تعمدت مقاتلات إسرائيلية في آخر عملية قصف جوي قبل سريان الهدنة استهداف منزل في خان يونس إلى الجنوب من قطاع غزة مما أودى بحياة عشرين فلسطينيا غالبيتهم العظمى من عائلة واحدة وكان بينهم 11 طفلا.وكان من الطبيعي أن تقفز حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي من 800 شهيد مساء الجمعة، إلى أكثر من ألف شهيد بعد أن تم العثور على جثامين ضحايا بقوا في قائمة المفقودين دون التمكن من تحديد أماكن تواجدهم، وما إذا كانوا أحياء أم في عداد الشهداء.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)