الجزائر

"النفوذ التقليدي لدول الجوار يتزايد بسبب الفراغ الأمني والسياسي"




* القبول بالاتفاق هو القرار الصائب والخيار الوحيد لمنع ليبيا من التقسيم والصوملة* معرقلو الحوار السياسي هم المستفيدون من الفوضى والمتعايشون عليها من الليبيين ودول إقليمية * الأغلب في رأيي أن المجتمع الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة سيتدخل في ليبيا بقوات حفظ السلام توقع المستشار الإعلامي بالمندوبية الليبية بجامعة الدول العربية، الباحث والمحلل السياسي الليبي، إدريس الطيب الأمين، في حوار مع ”الفجر” توكيل المجتمع الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة، دول الجوار بإعادة الاستقرار الأمني والسياسي إلى ليبيا، وحذّر من ”النفوذ التقليدي لبعض دول الجوار الذي تتزايد قواته بسبب الفراغ الأمني والسياسي”.ما تشخيصك لوضع ليبيا ما بعد 20 أكتوبر، فالخطر كبير وفق تعبير بيان 12 دولة بعد رفض مجلس النواب التوقيع على الاتفاق السياسي؟لا يمكن لأي مراقب أن يتجاهل حقيقة أن الوضع الليبي منذ أكثر من عام على الأقل، خطير ويتزايد خطورة، بسبب التطورات المتلاحقة والمعقدة في المشهد السياسي والأمني، وبذلك فبيان الدول الاثني عشر لم يكن أكثر من إشارة تنبيه لليبيين إلى خطورة الأوضاع التي يعانونها، والتحذير من تدهور الوضع إلى ما هو أسوأ مع تزايد تمدد قوى الإرهاب المتمثلة في داعش وأنصار الشريعة والقاعدة والمتحالفين معها.لكن أهمية 20 أكتوبر، تكمن في أنه الموعد الذى ينتهى فيه التفويض الانتخابي للبرلمان المعترف به دوليا، وهو ما يمكن أن يفقده أهم ورقة كان يلعب بها في سياق مفاوضات الحوار السياسي خلال الفترة الماضية، بحيث يمكن أن يصبح الطرفان، البرلمان والمؤتمر الوطني العام، متساويين في انتهاء صلاحية التفويض الانتخابي، وعليه فإن أهمية التنبيه على البرلمان بضرورة إقرار الاتفاق السياسي ضمن سياق مدة تفويضه، ليست مجرد مسألة شكلية، إذا يترتب عليها أحقية البرلمان بأن يكون، بناء على نص مسودة الاتفاق السياسي، حاصلا على تمديد لتفويضه لمدة عام آخر أو عامين على الأكثر، وبذلك تكون له أحقية منح الثقة لحكومة التوافق.لكن هذا للأسف لم يحصل، وقد فوّت البرلمان على نفسه هذه الفرصة، وبذلك فتح الباب واسعا أمام احتمالات متعددة.لوحظ غياب عدد من دول الجوار الليبي عن التوقيع على بيان مشترك يضم 12 دولة، وأهم من تغيب مصر والسودان، لماذا حسب رأيكم؟بيان الدول ال12 الأخير يلاحظ غياب بعض دول الجوار عن التوقيع عليه، وهو ما يفتح الباب مستقبلا لتطورات لاحقة.ولماذا تعرض الاتفاق إلى انتكاسة بعد تعدد مسارات وجولات الحوار؟سبب تعرض الاتفاق السياسي إلى انتكاسة بعد تعدد مسارات الحوار، والتي كانت في الأساس استراتيجية من الأمم المتحدة لتفكيك تحالف الانقلابيين المسيطرين على العاصمة، والتعامل مباشرة مع مكوناته الأساسية، هو أن الأمم المتحدة كانت تتجنب طوال الوقت حلا لا يشمل الجميع، ولا تريد اللجوء إلى حل بدون أي طرف إلا في الحالة الاضطرارية، وبذلك فقد تعاملت مع المؤتمر الوطني العام في شكل كتلة منشقة عن قيادته التي تسيطر عليها المجموعة المتطرفة المكونة بالإضافة إلى رئيس المؤتمر، من بقايا الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة المفتي السابق الصادق الغرياني، وترتب عن هذا إدراج مرشحهم ضمن نواب رئيس الحكومة، وهو أحمد امعيتيق، الأمر الذى قوبل في المنطقة الشرقية ومن برلمان طبرق بالرفض باعتبار امعيتيق من مصراته، وهى المدينة التي كانت إلى وقت قريب وربما حتى الآن، ترسل جرافات تحمل الأسلحة والمقاتلين إلى مجلس شورى ثوار بنغازي المكون من أنصار الشريعة وبقايا القاعدة وداعش، الذين يقاتلهم الجيش في بنغازي بقيادة الفريق خليفة حفتر على أنهم إرهابيون، في حين تصنّفهم مصراته أو على وجه التحديد الجناح المتطرف فيها والمتحالف مع جماعة فجر ليبيا، على أنهم ثوار يقاتلون حفتر الانقلابي.إذن الأمم المتحدة كانت تبحث عن ترضيات جهوية؟لقد سبّب وجود أحمد امعيتيق في تشكيلة المجلس الرئاسي لحكومة التوافق، أزمة، ولم يتم التعامل معه على أساس أنه مرشح الطرف الثاني، أي المؤتمر في الشق السياسي للصراع، في مقابل فتحي المجبري، من البرلمان، بل تم التعامل معه على أساس أنه ترضية لمصراته، وبذلك تم إدخاله ضمن سياق الترضيات الجهوية في الصراع، وهو ما أدى إلى ارتفاع أصوات بضرورة إضافة نائب رابع في المجلس الرئاسي ممثلا عن برقة، لتحقيق التوازن، الأمر الذى لم يكن ممكنا بسبب إصرار الأمم المتحدة على عدم فتح الباب أمام أية تعديلات إضافية، لأنه لو يتم أن فتح الباب فلن يكون من السهل أبدا إغلاقه.لماذا ونحن نعرف أن رفض الاتفاق سيؤدي إلى ”صوملة” ليبيا مع عودة خيار التدخل العسكري؟إن بدا الاعتراض من قبل البرلمان متعلقا بأسباب مبدئية أو سياسية أو غيرها، فالواقع هو الاعتراض على تشكيلة الحكومة التي يعتقد البرلمان والكثير من المحللين وأنا منهم، أنها غير متوازنة، لكن الاختلاف بين البرلمان وبعض المحللين وأنا منهم، أنه إذا كان الخيار بين قبول الحكومة بدون تعديل أو رفضها، فإن قبولها على ما هي عليه هو القرار الصائب، لأنه ببساطة، الخيار الوحيد لمنع تدهور البلاد إلى هاوية التقسيم والصوملة.وهل هناك أطراف دولية لها مصلحة في عرقلة الحل السياسي؟فيما يخص معرقلي الحوار السياسي، فأعتقد إضافة إلى المستفيدين من الفوضى والمتعايشين عليها من الليبيين، هناك دول إقليمية ومن دول الجوار، فالواقع أن البعد الخارجي قد لعب دورا كبيرا في تأجيج الصراع في ليبيا منذ 2011، وعملت بعض الدول على تعزيز نفوذها السياسي بل والعسكري بانحيازها إلى أحد أطراف الصراع، وهو ما زاد الأمر تعقيدا، وأعطى وهما للمتقاتلين بإمكانية حسم أحدهم المعركة لصالحه، وهو الأمر غير الممكن.لكن التدخل الإقليمي قد تم الحد منه مؤخرا عبر اتصالات المجتمع الدولي بهذه الدول، وحثها على وقف تدخلها في الشأن الليبي، ولم يتبق سوى النفوذ التقليدي لبعض دول الجوار الذى تتزايد قوته بسبب الفراغ الأمني والسياسي، والذى قد يتحول الى وصاية.ما هي السيناريوهات المتوقعة للمرحلة المقبلة سياسيا وأمنيا؟السيناريوهات القادمة عديدة، وهي كلها لابد أن تؤدي على الأقل، إلى السيطرة على الأوضاع في ليبيا وعدم تركها للفوضى والإرهاب، وذلك بحكم أهميتها الاستراتيجية وقربها من الجار الشمالي، ولذلك فسيكون على رأسها: أما أن يقوم المجتمع الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة بالتدخل بقوات حفظ سلام تعيد ترتيب الأمور بما يؤدى إلى الاستقرار وهو الأغلب في رأيي، وأما أن توكل تلك المهمة إلى دول الجوار للقيام بتنفيذ ذلك العقد من الباطن، ولكني أعتقد بصعوبة تنفيذ هذا السيناريو بسبب تورط دول الجوار جميعها تقريبا، في الصراع، من خلال مناصرة طرف على آخر.الاحتمال الضئيل هو أن تتمكن الأطراف المتصارعة من استعادة ما تبقى لها من عقل، والتوصل إلى اتفاق ينهي ما تبقى من المرحلة الانتقالية، ويضع البلاد على طريق الاستقرار والنمو مرة أخرى.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)