لقد ارتبط النحو العربي بالقرآن الكريم بوشائج متينة ، لأن اللغة مادة النحو وميدانه وأصوله وتربته التي نبتت فيها جذوره وتعمقت، ففرْض على الفقيه أن يكونَ عالما بلسان العرب، ليفهم عن الله- عز وجل- وعن النبي صلى الله عليه وسلم. وأن يكونَ عالما بالنحو الذي هو ترتيب العرب لكلامهم.وكما هو النص القرآني، وفن القول العربي، مادة النحو الأولى التي غذته ونمت فيها جذوره وبراعمه، فإنّ هذا النصَّ القرآني نفسَـه، وفنَّ القول العربي ذاتَـه مادة البلاغة العربية الأولى التي غذتها ونمت فيها جذورها وبراعمها أيضا. ذلك أنّ منعوامل نشأة البلاغة العربية فهم النص القرآني ومعرفة بيانه وإعجازه، من خلال البحث في ألفاظه وتراكيبه،ودراسةنظمه وأساليبه، واستجلاء معانيه وإدراك مقاصده ومراميه.
انطلاقاً من التقائهما عند المادة نفسها فإنّ ثمة صلة جلية لا سبيل إلى إنكارها بين النحو والبلاغة، فهما علمان يكمّل كل منهما الآخر. وهذا التكامل هو تكامل بين التراكيب ومعانيها. وهو على قدرٍ من القوة والضرورة بحيث لا غِـنًى لأحدهما عن الآخر . وإذا كان هذا التواشج بين النحو والبلاغة يبدو جلياًّ في آثار القدماء، فإنّ من المحدثين من فصل بينهما، وجعل لكل علم مجاله وموضوعاته.. فما هي مواطن الالتقاء بين العلميْن ؟ وما خلاصة مذاهب القدماء والمحدثين في هذا الشأن؟ ذلك ما سنتناوله في هذا المقال بالإيضاح والتفصيل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/02/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - عبد العليم بوفاتح
المصدر : التعليمية Volume 6, Numéro 2, Pages 34-44 2016-12-01