الجزائر

النبش في‮ ‬المحظور‮!‬



النبش في‮ ‬المحظور‮!‬
الاتحاد الأوروبي‮ ‬قرّر لقاء قيادات حزبية وسياسية في‮ ‬الجزائر،‮ ‬من أجل الاستفسار عن‮ ‬"‬الوضع العام‮" ‬في‮ ‬البلاد،‮ ‬وهذه خطوة ليست بدون شك الأولى ولن تكون الأخيرة،‮ ‬فهي‮ ‬تتطابق مع سلسلة اللقاءات التي‮ ‬يُجريها بعض السفراء الأجانب مع شخصيات وسياسيين وممثلين عن المجتمع المدني‮!‬قانونيا ودبلوماسيا،‮ ‬لا مشكل ولا عقاب ولا ضرر ولا ضرار،‮ ‬في‮ ‬مثل هذه اللقاءات‮ "‬الدافئة‮"‬،‮ ‬فمن حقّ‮ ‬أيّ‮ ‬سفير أو قنصل لأي‮ ‬بلد في‮ ‬العالم،‮ ‬أن‮ ‬ينشط ويتحرّك ويصول ويجول وفق التقاليد والأعراف المتفق عليها،‮ ‬وهو أيضا مطالب بإبلاغ‮ ‬الجهات المعنية في‮ ‬الدولة التي‮ ‬اعتمدت أوراقه واستقبلته،‮ ‬عندما‮ ‬يتعلق الحال بتنقّل إلى ولاية خارج العاصمة للقيام بأيّ‮ ‬نشاط مسموح به‮.‬ليس‮ ‬غريبا لو قال أيّ‮ ‬عاقل،‮ ‬أن لمثل هذه الجلسات والنشاطات،‮ ‬حدود وخطوط حمراء،‮ ‬فلا‮ ‬يُمكن مثلا لسفيرنا في‮ ‬الولايات المتحدة الأمريكية،‮ ‬أن‮ ‬ينبش في‮ "‬العلبة السوداء‮" ‬للهنود الحمر‮ ‬"‬الغاضبين‮" ‬في‮ ‬منطقة نيو مكسيكو،‮ ‬مثلما لا‮ ‬يجوز لسفيرنا في‮ ‬ألمانيا أن‮ ‬ينبش في‮ ‬حقائق‮ ‬"‬النازية‮"!‬كذلك،‮ ‬وفي‮ ‬إطار‮ "‬التعامل بالمثل‮"‬،‮ ‬ليس من المعقول لسفراء أجانب معتمدين في‮ ‬الجزائر أن‮ ‬ينبشوا في‮ ‬ملفات ليست من اختصاصهم ولا من صلاحياتهم حتى وإن كان ذلك من باب‮ "‬اللهو والزهو‮" ‬واستنطاق أو مساءلة الآخر‮!‬إن منطق البحث عن‮ "‬القمل في‮ ‬راس الفرطاس‮"‬،‮ ‬لن‮ ‬يُجدي‮ ‬نفعا،‮ ‬في‮ ‬إطلاق الكذبة ثم تصديقها عملا بالقرحة المعدية التي‮ ‬أصابت‮ "‬جحا‮"‬،‮ ‬وهذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن السفير أو القنصل الأجنبي‮ ‬عليه أن‮ ‬يبقى مسجونا في‮ ‬مقر السفارة أو القنصلية أو الإقامة،‮ ‬لكن عكس هذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أيضا‮ "‬التخابر والتجسّس‮"!‬المشكلة،‮ ‬في‮ ‬أغلب الأحيان،‮ ‬عليها أن تُعالج بردّ‮ ‬سؤال هؤلاء الأجانب بأسئلة من نفس الجنس والهدف من طرف الضيوف المحليين،‮ ‬وبهذه الطريقة الذكية والدبلوماسية،‮ ‬سيصمت‮ ‬"‬المحقّق‮" ‬لأنه‮ ‬يُريد أن‮ ‬يسأل وأنت تجيب‮!‬تأثرت كثيرا،‮ ‬وأعجبني‮ ‬أكثر،‮ ‬أحد الشعراء العرب،‮ ‬عندما رفض الردّ‮ ‬على أسئلة الصحفيين‮ -‬عندما كان في‮ ‬زيارة للجزائر‮- ‬بشأن كلّ‮ ‬ما تعلّق بالوضع في‮ ‬بلاده،‮ ‬أو ما رآه أنه إساءة لمؤسساتها وشعبها،‮ ‬وقال إنه لن‮ ‬يسقط في‮ ‬الفخّ‮ ‬ولن‮ ‬"‬يهاجم‮" ‬بلده،‮ ‬وإن هاجمها أو انتقدها،‮ ‬فإنه لن‮ ‬يفعل ذلك إلاّ‮ ‬فوق ترابها‮!‬هذه هي‮ ‬الدبلوماسية،‮ ‬وهذا هو النقد البناء وهجوم الشجعان،‮ ‬أمّا أن‮ ‬ينخرط هذا أو ذاك،‮ ‬في‮ ‬تمزيق‮ "‬أمور داخلية‮" ‬وينشر الغسيل على مشجب سفراء وحتى شعراء أجانب،‮ ‬فهذا ما لا‮ ‬يختلف فيه اثنان ولن تتناطح حوله عنزتان‮! ‬




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)