الجزائر

الميركاتو سيدي السعيد لنجدة.. الكالتشيو


لا أعرف إن كان كبير النقابيين، عبد المجيد سيدي السعيد، عاشقا للكرة. وإذا كان كذلك، فهل تجذبه الكرة الإيطالية، أم تسحره الإسبانية، أم أنّه من أنصار المنتوج المحلّي (..). ولكن، ما علاقة هذا كلّه بما يشير إليه عنوان المقال؟ لفت انتباهي هذه الأيام ما شهدته الليغا الإسبانية، وما يعرفه الكالتشيو الإيطالي. فإذا اعتدنا سماع أخبار إضرابات المزارعين والطيران ومعامل صناعة السيارات، فإنّ العدوى انتقلت هذه المرة لملاعب الجلد المنفوخ.. إذ طالبت نقابات اللاعبين المحترفين في البلدين إعادة النظر في بنود الاتفاقية الجماعية، التي تشكل الإطار الضامن لحقوق اللاعبين والأندية على حدّ سواء.. فإذا كان الإسبان وصلوا إلى اتفاق يقضي بدفع المستحقّات المتأخّرة لمائتي لاعب محترف، قدّرت بخمسين مليون أورو، بالرغم من بلوغ الأندية الخطوط الحمراء.. وسقف الإفلاس، وأنشأوا صندوقا لدعم الأندية العاجزة عن الدفع (..) ولا حاجة لنا للتذكير بما تعرفه إسبانيا من أزمة اقتصادية ومالية حادّة، تبيّن أنّها لم تستثن أندية الكرة التي لا تتوقف عن عقد صفقات خيالية لجلب لاعبين يمثلون استثمارا في سوق البيع والشراء.. فالإسبان أنهوا إضرابهم ودخلوا الملاعب منتصرين.. أما الطليان، فإنهم لم يصلوا إلى اتفاق يخرجهم من أزمة اتفاقية جماعية تجاوز عمرها الثلاثين عاما، أي تذكّرنا بزوف وروسي وتارديلي وباريزي.. نقابة اللاعبين الإيطاليين بقيادة اللاعب السابق تاسوتي، تصرّ على أنّ الأندية مطالبة بمراجعة المادتين 4 و7 من الاتفاقية الجماعية، والقبول بمبدأ ''التضامن'' مع اللاعبين الذين لا فرق يلعبون لها أو أنهم في نزاع مع فرقهم، فتدفع لهم أجورا إلى حين توقيعهم لفرق أخرى (..) وينظرون إلى أنّ مطلبا كهذا يحمي اللاعبين المحترفين في الدرجة الأولى ولا يتركهم عرضة للبطالة، شأنهم في ذلك شأن عمال الموانئ والمطارات.. ولكن رؤساء الأندية الذين يتفهّمون الحاجة إلى مراجعة الاتفاقية، لا يملكون الحلول المالية لذلك، ولو كان بينهم.. بيرلسكوني (..) ولا شك أنّهم يعضّون أصابع النّدم بعد أن اختفى الساعدي القذافي. ولأنّ الانسداد يبقى قائما، رغم التفاؤل بإمكانية تجاوز ذلك، فإنّ حالة القلق كبيرة في الشارع الإيطالي الذي لا يمكن له أن يتنفس هواء غير الذي يصدر عن.. الجلد المنفوخ. هذا ما دفعني في مستهل المقال لذكر عبد المجيد سيدي السعيد، الذي أدار عشرات الاتفاقيات الجماعية، في ظل النزاعات الاجتماعية التي شهدتها قطاعات اقتصادية ومهنية في السنوات العشر الأخيرة، فخبرة الرجل واسعة في هذا المجال، وانطلاقا من حرصنا على أن يعالج لاعبو الكالتشيو مطالبهم ويفرجوا عن الكرة التي احتجزوها داخل اتفاقية جماعية مهترئة (..) ننصحهم بالاستفادة من خبرة مجيد، فهو يملك المفاتيح للاتفاقيات المغلقة!! هذه صورة واضحة للأزمة التي تشهدها أقوى البطولات المحترفة في العالم، اللّيغا والكالتشيو، فهل سيكون وضع بطولتينا المحترفتين أفضل حالا، وهما في سنتهما الأولى؟  أعرف أنّ الأمر لا يقاس بتجربة موسم واحد، ولكنّ بعد أن تتكرّس الممارسة الاحترافية لدى الأندية واللاعبين على حدّ سواء. وهو ما يتطلب انتشارا للشفافية في التسيير، والقرار بالذمة المالية، والتخلي عن أساليب الإدارة الغامضة التي سادت طويلا، ولم تعد أيّ هيئة رقابة مالية أو إدارية قادرة على تحديد ما إذا كان تسيير الفرق، حتى لا أقول الأندية، سليما أو تشوبه اختلالات..  وأعتقدُ أنّ ضبط أمور الكرة لدينا يبدأ من أوّل موسم، لا أن يترك هكذا آخذا في التراكم، فيصبح كرة ثلج، يصعب حينئذ تفكيكها أو تذويبها. ثم إنّ العبء لا يقع على روراوة أو قرباج أو الوزارة، ولكن على رؤساء الأندية واللاعبين ولجان الأنصار والمستثمرين أن يشعروا بمسؤوليتهم في إنجاح التجربة، قبل أن يقع الفأس على الرأس، وتولد نقابة للاعبين في قصر أوّل ماي. وأرى أنّ إنشاء لجنة من خبراء في القانون والمالية لتقييم الأندية التي تبنّت الاحتراف مسألة حيوية، حتى لا نجد أنفسنا أمام تجربة فاشلة، تتحمّل عبئها الدولة لاحقا.. فالاحتراف ذهنيّة وإدارة وجيب ممتلئ.. لن نختلف في أنّ الكرة اليوم صارت مؤشّرا على الوضع العام لأيّ بلد، وكما قال كاتبٌ مختص في علم اجتماع الكرة (..) في مقال له قبل سنوات ''إنّ سيادة الدولة لا تكمن في وجود إقليم وشعب وجيش وعلم ودستور ونشيد.. ولكن في منتخب لكرة القدم''. لهذا، فإنّ ما شهدته إسبانيا في الأسابيع الأخيرة حرّك السياسيين، الذين لم يفكّروا في حلّ أزمة البلد الاقتصادية قدر تفكيرهم في حل أزمة انطلاق الليغا، لينعموا بكلاسيكو قادم.. والصورة نفسها في إيطاليا، إذ أنّ ما يحدث في ليبيا من تفاعلات، لم تجعل بيرلسكوني خارج الصورة، لأنّ الشارع قد يخرج احتفاء بسقوط العقيد، لكنّه قد يدمّر كلّ شيء إذا استمرّ إضراب الكالتشيو.. فما رأي سيدي السعيد عشية العيد؟ 
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)