يشكل الفن الإسلامي قاعدة كبيرة من ثقافة شعوب متعددة ومختلفة مابين بيئة اجتماعية وجغرافيا وديانات ولغات و سمات وهي الاختلافات نفسها التي كانت ولا تزال تشكل باعثا كبيرا وفاعلا في ديمومة الفن الإسلامي وتطوره خلال أكثر من ألف وأربعمائة عام، وهو الفن المعبر عن فكرة التوحيد الإلهي، والنابع من منهج القران الكريم الذي تتحقق من خلاله غاية الحقيقة وغاية الاتزان،وهما مبعث منظومة الإيقاع في الفن الإسلامي الذي ارتبط بالدين ورسالته بشكل موضوعي بعيدا عن الشخصية الذاتية للفنان ورؤيته الفردية.
فإسهامات المعارف والعلوم والفلسفة ومفاهيمها المتنوعة في بلورة فنون الإسلام وعلومها التي ارتقت بتلك الفنون المحلية إلى مصاف الفنون العالمية ، وكانت علوم الرياضيات والفيزياء والهندسة(القياسات،النسب،الأبعاد،الأشكال) التي ورثوها عن أسلافهم إحدى أهم الدعامات التي أرست معالم بنية المنظومة الإيقاعية في الفنون الإسلامية بشكل عام.
فالقيمة الجوهرية الكامنة في الفن الإسلامي تتبلور ضمن مفهوم إيقاعه وتجريده وما يصاحب ذلك من إحساس موسيقي رائع لا يجاريه في ذلك أي شكل من الأشكال الثقافية الأخرى،فالفن الإسلامي انشغل بإظهار ما هو غير مرئي ،ومحاولة الإحساس بقوانين هذا الوجود.مشكلا الإيقاع نقطة الالتقاء المضيئة بين الفنون والعامل المشترك الذي يكون اللحمة النسيجية فيها، و يأخذ مفهومه الجمالي من عناصر التكوين الفني، في التماثل و التشابه والتكرار والتنوع والتطابق ضمن مكونات كل منجز فني إبداعي. و يستمد الفن عناصر الإيقاع من مكوّنات الحياة و أنساقها ،بدءا من الزمن ونبضه وصولا إلى القلب ودقاته ليتبلور ويبدوا في أبهى صوره من خلال التجانس والتوافق الذي يحيل المنجز الإبداعي إلى صورة من صور الخلق الفني التي تشع بتأثيراتها وجماليتها على مجمل الحياة.
وبطبيعة الحال فإن الإيقاع يعكس شخصية الفنان المحقق للمنجز الفني الإبداعي، مثلما يلتصق نبض الإيقاع بالإنسان بشكل عام، فهو البصمة التي لا تنفك عن مكوّنات الشخصية والهوية المجسدة لوقائعها ودلالاتها، وهو المعبّر عن كل ما يحمله الفنان المحرك للخطاب الفني الصانع للمنجز الإبداعي الفني . فنلتمس من وصفه مفهوما جماليا يشد نسيج العمل الفني ويقرب من نقاط الالتقاء بينه وبين المتلقي للوصول إلي الهدف الفن في اللوحة.
وسعيا منا هذه السنة إلى معالجة موضوع الإيقاع في الفن (المنمنمات والزخرفة الإسلامية) ودوره في تمييز المنجز الإبداعي نقترحه كشعار الطبعة الثالثة عشرا للمهرجان:
أصل كلمة الإيقاع مشتق من اليونانية(RHUTHMOS)بمعنى الجريان أو التدفق ، والمقصود بالإيقاع عامة هو التواتر المتتابع بين حالتي الصوت والصمت أو النور والظلام أو الحركة والسكون وغيرها من المتناقضات ، فهو يمثل العلاقة بين الجزء والجزء الأخر ،وبين الجزء وكل الأجزاء الأخرى للأثر الفني. تتجلى ظاهرة الإيقاع في المنمنمات والزخرفة من خلال التنميق والتلوين وتستبد بأغلب فضاء الحكايات ، وتضطلع بتوجيه مساراتها وبث أحداثها ، فتنطلق من التشكيل اللوني و وتحويل الحركات المفصلية فيها إلى مزيج صبغيّ ، تتداخل فيه الألوان و أنماط الرسوم، وتغدو معه الأشكال أجساما حيّة نابضة بالدفء والألفة ،استحال معها الحرف واللون أشكالا معبّرة ، وغدا الفضاء مشرعا لتلقف المضامين على وفق التخطيط اللّوني، فينعكس في صورها ألق الإيقاع المبهج بجمالها وإشعاعها
المحاور
فلسفةالفنون الإسالمية
كيفية بناء اللوحة الفنية
تحليل اللوحة الفنية
النقد الفني للوحة الفنية
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/08/2023
مضاف من طرف : patrimoinealgerie