يهتم أهل تلمسان نساءا ورجالا بمظهر الملبس، والمأكل والتأنق فيهما بحيث كانوا يلبسون أحسن الثياب، في مختلف فصول السنة، ويفضلون لبس اللون الأبيض، والخفيف من الثياب في فصل الصيف، ويعتنون بالهيئة والهندام، حتى الفقهاء والصالحين والعلماء كانوا يرتدون الملاثم والأحارم التونسية المستوردة المشهورة(51)، وتخضع درجة الأناقة إلى الحالة الاجتماعية والمادية والثقافية لكل أسرة في تلمسان، فقد تميز سكان المدن بصفة عامة بالألبسة الأنيقة الرفيعة والجميلة، بينما يلبس أهل البوادي الألبسة الخشنة والبسيطة من الصوف والكتان، حسب طبيعتهم وذوقهم ودرجة تحضرهم، ويلبس الأعيان والأغنياء ألبسة من القطن والحرير والكتان والصوف الرفيع التي تشتهر به المدينة(52) وكانوا يلبسون أثوابا مستوردة من الأندلس وافريقية، لأن تجار هذه الأخيرة كانوا يصدرون الكتان التونسي إلى تلمسان، ويأخذون منها أحمالا من الصوف الرفيع، (53) كما كانت أحمال البز السبتي تجد طريقها إلى أسواق مدينة تلمسان في كل المناسبات(54). أما سلاطين المغرب وتونس، فقد كانوا يستحسنون الملابس التلمسانية وما يصنع بها من أقمشة، ولاسيما منها أقمشة الصوف الرفيع(55). والدليل على ذلك أن أحد سلاطين تونس أراد أن يتباهى بدقة صناعة الأحارم وخفتها، فأرسل إلى أمين الحياكة بتلمسان، وصاحب صناعة الصوف الرفيعة أبي زيد النجار بعض الأحارم التونسية، تزن الواحدة منها خمسة أواقي، فرد عليه أبو زيد بأحارم تلمسانية، من صنع ورشاته تزيد عنها طولا وعرضا، وتنقص عنها وزنا بأوقية ونصف أوقية(56).
وكان السلطان أبو الحسن المريني، يكثر من إهداء الأثواب المصنوعة بمدينة تلمسان، إلى أعوانه وجلسائه(57)، وكانت ملابس الطبقة الخاصة فاخرة من الحرير والديباج والقطن والصوف الرفيع، وتخضع في لونها وخفتها وخشونتها إلى فصول السنة(58)، ويشتهر التجار التلمسانيون بلباسهم الجميل وبأناقتهم الفائقة(59). ويتميزون بسخائهم المفرط في هذا المجال(60)، ويرتدي الصناع لباسا قصيرا ويتعمم القليل منهم ويضع البعض الآخر قلانس على رؤوسهم بدون ثنايا، وينتعلون نعالا تعلو إلى نصف الساق وهم أناس بسطاء يتحلون بالأدب، ويتقنون عملهم بمهارة ويصنعون أقمصة وزرابي ناضرة، ومعاطف صغيرة وكبيرة تزن الواحدة منها نحو عشر أواقي(61)، واشتهروا بصناعة الأغطية المزركشة، والألبسة والفضلات الكبيرة من القماش(62).
ويلبس جند تلمسان، لباسا أقل جودة، يضعون على ظهورهم قمصانا من القماش واسعة وعريضة الأكمام يغطونه بكساء كبير، يرتدونه في فصل الشتاء والصيف يصنع من قماش القطن، ويضيفون إليه سترة من الجلد في الشتاء، لتقيهم من شدة البرد والأمطار التي يتميز بها فصل الشتاء في تلمسان، وهذه السترة تشبه القميص(63).
أما الضباط السامون فيضعون فوق القميص كساءا آخر من الجوخ (الملف)، ويجعلون فوقه معطفا، على نمط المعاطف التي كانت تستعمل قديما في إيطاليا، به شاشية يغطون بها رؤوسهم عند نزول المطر(64). ويتميز الأساتذة والقضاة والأئمة وغيرهم من الموظفين بلباسهم الجميل والحسن، يتناسب ثياب الطلبة مع وضعيتهم المادية والاجتماعية، فالجبلي بلباسه الجبلي والأعرابي بلباسه الأعرابي حسب تعبير حسن الوزان(65).
شكرا لكم على هذا
meriem gasmi - طالبة - stife - الجزائر
28/03/2012 - 29659
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/10/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : www.almasalik.com