احتضن نادي "امحمد بن قطاف" بالمسرح الوطني الجزائري، أوّل أمس، أولى الندوات الفكرية المنظّمة في إطار الدورة السادسة عشر للمهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي تدوم فعالياته الى غاية 31 ديسمبر الجاري وهذا بعنوان "من الثورة الجزائرية إلى نصرة الأقصى".بالمناسبة، قال المسرحي أحميدة العياشي إنّ الأديب كاتب ياسين تنبأ بما يحدث في غزة حاليا من خلال نصّ مسرحيته الشهيرة "فلسطين المغدورة"، التي عُدت من بين كتاباته حول المقاومة الإنسانية. وتابع أنّه كتب أيضا عن الهنود الحمر وكذا عن مقاومات أخرى لأنّه كان يؤمن بأنّ المقاومة إنسانية وغير محلية، وبالتالي تجاوز الحدود المحلية بشكل كبير.
واعتبر العياشي، أنّ كاتب ولد مع تراجيديا مظاهرات 8 ماي 1945، ليربطها بما يحدث اليوم في غزة، فقد انتفض الجزائريون ضدّ المحتلّ الفرنسي، واتّهم التيار الوطني الجزائري بدفع الجزائريين إلى المقاومة ليتعرّضوا إلى الإبادة من طرف المستوطنين والإدارة الاستعمارية، وهو نفس الاتهام الذي وجّه لكتائب القسام بعد ثورتها التي انطلقت بشكل مغاير في السابع أكتوبر الماضي. كما شبّه المتدخّل ما حدث في السابع أكتوبر 2023 أيضا بما حدث في الجزائر في 20 أوت 1955 في هجوم الشمال القسنطيني.
وذكر العياشي، تأثّر كاتب ياسين بما حدث لوالدته التي أصيبت بالجنون بسبب مجازر 8 ماي 1945، ليتطرّق إلى كتاباته التي في غالبها متقطعة، وتعود جذورها إلى حنينه للأسلاف، أما بعد الاستقلال فتوجّه إلى الكتابة المسرحية بعد عودته للجزائر من باريس، وكتب حينها عدّة أعمال ومن بينها مسرحية "فلسطين المخدوعة" التي تنبأ فيها بما يحدث اليوم في غزة، كما ضمّت خطابا مسرحيا غير منمّق وعلى حوار مختصر جدا تأثيره كالرصاص.
وكشف احميدة العياشي عن ميل كاتب ياسين للكتابة عن المقاومة والتعامل مع المقاومين، مثل مراسلاته مع نلسون مانديلا، وكتابته عن الهنود الحمر بعد زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أنّ كاتب الذي سجن وهو في عمر 15 سنة، قال إنّه اكتشف في السجن الشعر والثورة.
أما الأستاذ عبد الحليم بوشراكي، فدعا في مداخلته إلى ضرورة ميلاد مشهد مسرحي جديد جرّاء ما حدث في السابع أكتوبر الماضي بغزة، مؤكّدا أنّ المسرح لا غير هو الذي يمكن له تناول هذا الحدث الكبير بشكل فني ومعمّق. وعاد إلى نشأة المسرح عند الإغريق والذي ارتبط دائما بالمقاومة ومحاكمة الظالمين، إذ أنّ الإنسان بحاجة إلى مكان يجري فيه محاكمات خاصة، ويتعامل فيه بتلقائية، وهكذا خشبة المسرح هي الفضاء الذي يحاكم فيه الإنسان أخطاءه.
واعتبر المتحدّث أنّنا نعيش اليوم صراعا جديدا ضدّ مارك صاحب الفايسبوك وماسك صاحب "إيكس" (تويتر سابقا)، في زمن يشهد فيه الصراع الإنساني مع الآخر استمرارية. وأضاف أنّ أمريكا أرادت فرض بعض المفاهيم مثل إلصاق صفة "الإرهابي" على كلّ من يحمل لحية، لكنّنا نعيش اليوم واقعا فريدا من نوعه، فالعالم كلّه يشاهد بدون تحرّك عمليات تقتيل لا تتوقف.
في هذا السياق، أكّد بوشراكي مجددا أنّ الفنان وحده من يمكن أن يفهم هذه المعطيات الجديدة التي ظهرت بعد أحداث السابع أكتوبر 2023، وبالتالي تقديم مشهدية جديدة حسب واقعنا الحالي تتجاوز كل المدارس المسرحية السابقة.
من جهته، تحدّث الأستاذ الجامعي محمد كريم أصوان عن المسرحي الثوري محمد بودية، الذي اغتاله الموساد، فقال إنّ بودية كان في الأوّل مقاوما المحتل الفرنسي لينتقل إلى المقاومة ضدّ الكيان الصهيوني بعد استقلال الجزائر، تحديدا عام 1964، حينما كان مسؤولا بالمسرح الوطني الجزائري، ثم بعد مغادرته الجزائر إلى تونس ففرنسا، حيث تواصل مع المناضل السوري كمال خير بك الذي كان أيضا عضوا نشطا في المقاومة الفلسطينية، ثم زار لبنان والتقى بغسان الكنفاني قبل اغتياله، وتعامل مباشرة مع رئيس تحرير "الهدف" بسام أبو شريف.
وأشار أصوان إلى العلاقة الوثيقة بين المسرح والمقاومة عند بودية، وقد جعل من مسرح بباريس الذي كان مسؤولا إداريا به إلى فضاء يلتقي فيه المقاومون من أجل فلسطين، كما استطاع جذب أوروبيين لأجل هذه القضية من خلال حركة أسّسها وضمت جزائريين وبعدها توانسة ومغربيون وغيرهم.
وأكّد أصوان إيمان بودية بالمقاومة ومساندة حركات التحرّر العالمية، وأنّ أفكاره تطبّق حاليا داخل غرفة عمليات المقاومة الفلسطينية بغزة، مثلما كان عليه الأمر باليمن، حينما كانت عدن المقر التاريخي للمقاوم وديع حديد الذي كان بودية قريبا منه.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : لطيفة داريب
المصدر : www.el-massa.com