الجزائر

المقاطعة الوجه الآخر للحراك



تتواصل يوميات الحراك الشعبي على إيقاع تطورات المشهد السياسي الذي يصنعه الشعب بكل فئاته منذ أكثر من ثمانية أسابيع اهتزت خلالها شوارع الجزائر في كل المناطق بمسيرات شعبية رافضة لرموز الفساد، مطالبة باحترام سيادة الشعب في اختيار مستقبله وممثليه وحكومته و العبور إلى مرحلة سياسية جديدة تحقق طموحات وتطلعات الجزائريين إلى حياة أفضل يسترجع فيها الشعب حقوقه المهضومة.فمن مسيرات سلمية حاشدة شهدتها الجمعات الثامنة الماضية طالبت برحيل وجوه سياسية فرضت فرضا على الشعب من سدة الحكم، عرف الحراك الشعبي خلال الأيام الأخيرة منعطفا جديدا هو المقاطعة هذا السلاح الذي اضطر الشارع وهيئآت أخرى من المجتمع إلى استخدامه من أجل مواجهة الأمر الواقع المفروض على الشعب الجزائري، ومن مظاهر هذه المقاطعة قرار القضاة عدم الإشراف على الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها يوم 4 جويلية المقبل، وكذا رفض رؤساء للبلديات المشاركة في عملية مراجعة القوائم الانتخابية التي عادة ما تسبق أي موعد انتخابي، ويضاف إلى هذا الإضراب المفتوح الذي دخل فيه طلبة الجامعات عبر الوطن معبرين بهذا رفضهم المطلق لعدم الاستجابة إلى مطالبهم الشرعية مفضلين السنة البيضاء.
وأمام هذا المنحى الخطير الذي يشهده المشهد السياسي و الشارع على حد سواء يزداد تأزم الوضع وحالة الانسداد الذي وصل إليه التصعيد والتعنت بين شارع يرفض بقاء الباءات الأربعة، وكل ما ينجر عن بقائهم في السلطة بما في مقاطعة ورفض الشعب لزيارات وزراء حكومة نور الدين بدوي لولايات الوطن، ونظام قائم لا يزال يراوح مكانه بفرض- إملاءات- و خارطة طريق تحيد عن مطالب الشارع.
وبين هذا وذاك تضاف إلى يوميات الجزائريين تداعيات و إفرازات أخرى ذات صلة بالحراك ومطالبه، من أخبار الساحة الإعلامية التي تخص الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد وممارسات سابقة قد تسببت في تدهوره، ناهيك عن تأثيرات التسيير السابق على حياة المواطن في مختلف النواحي، ولهذا فإن سلاح المقاطعة يمثل مؤشرا لدرجة التصعيد والانسداد الخطيرة التي أصبحت تميز المشهد السياسي –الاجتماعي وتطورات الحراك خاصة أن المقاطعة بدأت بقطاع القضاء وهو أحد ركائز السلطة التي تحتاج إلى الاستقلالية، مرورا بالبلديات التي رفضت المشاركة في مراجعة القوائم الانتخابية، كما تشمل الطلبة الذين فضلوا الحراك على مواصلة الدراسة وإن كلفهم ذلك سنة دراسية بيضاء.
وأمام هذا التصلب في المواقف و التصعيد للوضع السياسي يبقى المطلوب حاليا الإسراع في تخفيف كل العوامل والأسباب التي تعمل على تأجيج المشهد السياسي وتحول دون انفراج الأزمة، وتجنب الإصرار على سياسة التعنت وتجاهل الحراك الشعبي على حساب حق سيادة الشعب في التعبير عن مطالبه وتطلعاته، مع أن المفروض هو بذل كل الجهود باتجاه الاقتراب أكثر من متطلبات الشعب من أجل إقلاع سياسي واقتصادي جديدين للجزائر والعبور إلى مرحلة تستجيب فيها الممارسة السياسية، والتسيير الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد إلى ما تطمح إليه فئات واسعة من الشعب لا تملك إلا الجزائر وطنا ومستقبلا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)