الجزائر

المفاجأة الصادمة


المفاجأة الصادمة
المفروض والمنطقي والمعقول والمنتظر، هو أن تعطي تشريعيات نهاية الأسبوع الأخير أريحية واستقرارا شاملا للجزائر، ولو لمدة سنة على الأقل. فماذا لو شاهدنا الأسبوع القادم، أو الذي يليه، إضرابات في هذا الحي، وغلقا للطرق بهذه المدينة أو تلك، وحرق شاب أو شبان لأنفسهم بهذه الجهة أو تلك؟
المؤكد أن أجواء الاضطرابات ستبقى ميزة حياة الجزائر والجزائريين، لأنه لا شيء ولا معطى يوحي بأن مشاكل الناس في طريقها إلى الحل، بل العكس تماما هو المنتظر. وعليه فإن تفاؤل السلطة بنتائج التشريعيات لا يعني سوى مجرد انفعال عاطفي لا يربطه بالواقع رابط.
ونعود إلى الانتخابات الأخيرة، ونقول جازمين بأن نتائجها فاجأت بلخادم، الذي لم يكن هو وكل قيادات حزبه ينتظرون أن تحصد جبهتهم كل المقاعد التي حصدتها.. بل وأين نحن من حديث وزير الداخلية من أن البرلمان القادم سيكون فسيفساء.. من الطبيعي ألا يعرف وزير الداخلية دقائق التفاصيل، لكن أن تأتي النتائج مناقضة لكل توقعاته فتلك هي الغرابة، ومن الطبيعي أن يحلم بلخادم بالفوز، لكن أن يفتح فاه مستغربا حجم فوزه، فتلك هي المصيبة.. يبدو أن هناك خللا ما قد حصل، وإلا ما معنى أن يصل فارق عدد المقاعد بين جبهة بلخادم وتجمع أويحيى إلى 251 مقعد، وبينها وبين تكتل الجزائر الخضراء إلى 271 مقعدا.. لنتذكر الفرق الذي كان بين عدد مقاعد جبهة الإنقاذ المحلة وشريكيها في المجلس التشريعي الذي لم ير النور عام واحد وتسعين، وهما جبهتا التحرير والقوى الاشتراكية.. بالأمس مثل اليوم، كان هناك خلل لا يمكن أن يكون أو يعود بالخير على الجزائر، والخلل لا يمكن أن يكون علامة صحية، وإنما حالة مرضية، فهل نحن منتبهون؟
صحيح أن السلطة جندت لتشريعيات الخميس الأخير أربع قنوات تلفزيونية حكومية وقناتين خاصتين، وقرابة الخمسين محطة إذاعية وطنية ومحلية، وما يزيد عن الثمانين جريدة يومية، وأربع خطب رئاسية، وقد كان هدفها دفع المواطنين للتصويت، تجنبا للعزوف الذي كان واردا عند الجميع، وليس لتحقيق هذه النتيجة الضارة المشوهة للديمقراطية والمسيئة للتعددية.. يبدو أن السلطة قد أخطأت كعادتها الحساب، ونتمنى أن لا تخطىء القراءة، وإن كان تجاهلها لمقاطعة أكثر من سبع وخمسين بالمائة من الناخبين للموعد، وتصويت ما يزيد عن المليون ونصف المليون ناخب بورقة بيضاء، مؤشرا على أنها سلطة غير واعية وفاقدة للإحساس. وللتنبيه فقط نقول بأن النتائج المعلنة قد قبرت تعهد الرئيس بوتفليقة بالتغيير، ودفنت خطاب ''جيلي طاب جنانو''، أما إذا كان يعتقد أن التجديد ممكن بمثل بلخادم، فإن المصيبة ستكون أعظم.
أخيرا.. ننبه فقط إلى أن عدد المصوتين في تشريعيات الخميس الأخير كان في حدود التسعة ملايين مواطن، أما المقاطعين فقد تجاوز اثنا عشر مليون مواطن، فهل يعقل أن تعالج السلطة كل هذا الخلل، وكل هذا الاختلال بالقول إن نسبة المشاركة مقبولة بالمقاييس العالمية؟!
larbizouak@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)