الجزائر

المغامر الصهيوني ليفي يحلم بربيع الأعراب في الجزائر في الوقت الذي ترحل فرنسا من شمال إفريقيا وجنوب الصحراء



المغامر الصهيوني ليفي يحلم بربيع الأعراب في الجزائر                                    في الوقت الذي ترحل فرنسا من شمال إفريقيا وجنوب الصحراء
عراب ربيع الأعراب الصهيوني برنارد ليفي يحلم، ويأسف لتأخر وصول الربيع العربي للجزائر في خرجة إعلامية على قناة دبي يراد لها أن تلوح بتهديد قد يمنح الرئيس الفرنسي ورقة تفاض وهو يستعد لزيارة الجزائر بحثا عن متنفس لفرنسا التي يرجلها حليفها الأمريكي من عموم شمال لإفريقيا وجنوب الصحراء.
في تصريح له لقناة دبي، هو الأول الذي يقترب فيه من الجزائر، قال اليهودي الصهيوني، عراب الربيع العربي، أنه يريد ربيعا عربيا في الجزائر، وفي الحد الأدنى يتمناه، لأنه كما قال: يعرف هذا البلد، ويعرف شبابه المتطلع للحربية أكثر من غيره، وكانت الصحفية التي حاورته قد نسبت له تصريحا آخر قال فيه: ''أن الجزائر ليست بلدا عربيا بل يهوديا'' ومع ما ظهر عليه من إحراج، فإنه ادعى أنه يجهل أن يكون قد أدلى بمثل هذا التصريح، وقفز عليه قفزة اللئام على مأدبة الكرام، ليلتقط السؤال الأهم في اعتقاده المتصل بتأخر الربيع العربي عن الجزائر.
السؤال على ما يبدو كان مرتبا بين الصحفية من قناة دبي، والمغامر الصهيوني برنارد ليفي الذي حاول أن يلعب، في ما سمي بالربيع العربي، دورا شبيها بدور سلفه لورانس العرب. ولأن العراب الصهيوني لربيع الأعراب كان منقطعا على ما يبدوا عن الواقع الجزائري، ولا يملك قنوات اتصال، لا مع أفرقاء المشهد السياسي، ولا مع مكونات المجتمع المدني الجزائري، فإنه اكتفى بالتعبير عن أمل يراوده، وحلم يدغدغه بنشوء ظروف يتمناها، تساعد على توطين حراك شبيه بما حصل في تونس أو مصر، وإن أمكن قريبا مما حصل في ليبيا ويحصل الآن في سورية، دون أن يجازف بتكهن أو استشراف، يعلم يقينا أنه بعيد المنال في الحالة الجزائرية.
التصريح مع ذلك، ينبغي أن يحملنا على اليقظة حين يتعلق الأمر بهذا المغامر الصهيوني، المقرب من قصر الإيليزي، ومن دوائر صناعة القرار في المؤسسة الحاكمة في فرنسا قبل وبعد رحيل ساركوزي وذلك لعدة أسباب.
فمن الواضح أن قصر الإيليزي غير مرتاح لحصة فرنسا من عوائد الربيع العربي، قياسا مع الجهد السياسي والعسكري والدبلوماسي الضخم الذي أنفقته فرسنا دعما لربيع الأعراب، حيث اكتشفت مؤسسة الحكم الفرنسية أن الربيع العربي لم يرحل فقط أنظمة عميلة للولايات المتحدة، كانت قد انتهت مدة صلاحيتها، واستبدلتها بأنظمة تعرض نفس الولاء، وربما بكفاءة أعلى، لكن الربيع العربي قد رحل في نفس الوقت نفسه فرنسا من فضاء نفوذها التقليدي في شمال إفريقيا، ففقدت تونس، ومصالح كبيرة في ليبيا ومصر، وتتابع بحيرة ذلك التقارب الإستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة، كما تتابع بحيرة أكبر عملية الترحيل الجارية للنفوذ الفرنسي من دول جنوب الصحراء، وتحديدا في مالي والنيجر، ثم أنها تكون قد أصيبت بصدمة كبيرة من حصول تقاطع بين الموقف الجزائري والموقف الأمريكي حول تفضيل الحل السياسي لأزمة شمال مالي، بدل الاندفاع نحو ترتيب تدخل عسكري دولي، تريد فرنسا أن تلعب فيه دورا آخر كقوة إسناد جوية، قد يحفظ لها موقعها ونفوذها في مالي والنيجر، وربما تكون قد صدمت أكثر من الزيارة الأخيرة لقائد قوة الأفريكوم للجزائر، وما صدر عنه من تصريحات تدعم وتتقاطع مع الموقف الجزائري الرسمي الداعي إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية بما يمنع تمريره على مستوى مجلس الأمن أو حتى عرضه على المجلس.
والحال ليس من الصعب فهم دواعي خرجة الصهيوني برنارد ليفي خارج السياق، في الوقت الذي يلفظ فيه ربيع الأعراب أنفاسه في سورية، وتتكشف عوراته في تونس وليبيا ومصر واليمن, ولابد أنه يكون قد تابع بحسرة كبيرة القدرة التي أظهرتها الدولة الجزائرية في إبعاد شبح الفوضى الخلاقة عن البلد، وكيف تعاملت بذكاء، سواء مع الأزمة الليبية، أو الآن مع الأزمة على حدودها الجنوبية في شمال مالي، حتى أن الإعلام الفرنسي الموجه لم يتردد في الترويج لفرضية ضلوع الجزائر في ما يشهده شمال مالي,
ثم إن هذا المغامر الصهيوني، المرتبط بدوائر صناعة القرار في الدولة الفرنسية العميقة، وتحديدا مع الاستخبارات الفرنسية، ربما يكون قد لوح بهذه الورقة كنوع من التهديد المبطن للجزائر عشية الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي للجزائر، وهو خاوي الوفاض، ليس بين يديه من أوراق الضغط والتفاوض إلا القليل، مع بلد استطاع أن يستعيد استقلالية القرار بعد التحرر من تبعات المديونية، واستناده إلى مخزون محترم من العملة الصعبة، وانفتاحه على أكثر من شريك أجنبي بديل، تسيل لعابه لما توفره السوق الجزائرية من فرص، كما هو حال الصينيين والكوريين,
بقي أن نذكر هذا المغامر أن للشعب الجزائري حسابا تاريخيا لم يصفي بعد لا مع المنظومة الاستعمارية التي ينتسب إليها ولا مع اليهود الذي تواطئوا مع المحتل الفرنسي، ولا مع الكيان الصهيوني الذي يدنس واحدا من أهم مقدسات المسلمين، وأنه إذا كانت الجزائر دولة وشعبا قد منعت اليهودي الفرنسي من الأقدام السود أونريكو ماسياس من مجرد زيارة لمسقط رأسه بقسنطينة، فإن هذا البلد محرم إلى يوم الدين على مغامر قد جمع في شخصه كل ما يمقته الجزائريون بجميع أطيافهم ومشاربهم إلا إذا كان يريد أن يسحل قبل خروجه من مطار هواري بومدين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)