الجزائر

المعرفة والخردة



أصبح الحاسوب وتجهيزات الإعلام الآلي الأخرى هوسا حقيقيا عندنا، في المجتمع، وفي المؤسسات والهيئات العمومية. ولعل أهم قطاع يأخذ المسألة بطريقة بالغة الجدية والحزم، هو قطاع التربية. فالمدارس تتسابق إلى اقتناء الحواسيب، وتتباهى بإعداد قاعات مجهزة بالإعلام الآلي، تعتقد بذلك، أنها دخلت عصر المعلوماتية، وأصبحت رائدة في تكنولوجيا الإعلام والاتصال. الواقع أن ما يقوم به مديرو المدارس والثانويات، برعاية وزارة التربية، إنما هو تجميع للخردة ليس إلا. فلا هم دخلوا عصر المعلوماتية ولا استخدموا تكنولوجيا الإعلام والاتصال، التي تحدث ثورة حقيقية في التربية والتعليم عبر العالم.. المتحضر طبعا. ما تقوم به المدارس عندنا هو مجرد تأثيث للهياكل المدرسية، لأن التكنولوجيا ليست في الجهاز، وإنما في استعمالاته، وفي البرمجية ليس في العدة. بمعنى أن امتلاك حاسوب وتشغيله في الاستعمالات المكتبية، أو حتى في الربط بالأنترنت، لا علاقة له مطلقا، بتكنولوجيا الإعلام والاتصال المطلوبة في قطاع التربية والتعليم. وكذلك ظاهرة إقبال الأطفال والشباب على مقاهي الأنترنت، بتشجيع ومباركة الأولياء ظنا منهم أن ذلك فتح تكنولوجي عظيم، سيجعل من أبنائهم عباقرة ونابغين في الدراسة، إنما غفلة، وجري وراء الأوهام.تكنولوجيا الإعلام والاتصال هي البرمجيات وليست الأجهزة، التي ليست إلا ''خردة'' ما لم تستخدم البرامج والتقنيات الأخرى، التي تشغلها وفق متطلبات تكنولوجيا الإعلام والاتصال. المدارس عندنا تقتني حواسيب وتضعها في قاعة مغلقة طوال السنة، لتفتح عند زيارة المسؤولين أمام الكاميرا، ليقال في نشرة الأخبار أن المدرسة مجهزة بالإعلام الآلي، وهو كذب وافتراء. أما المدارس في العالم المتحضر فتستعمل تكنولوجيا الإعلام الاتصال في تقديم الدروس اليومية للتلاميذ، ويتعامل التلاميذ في قاعات الدرس، وليس في القاعة المغلقة، مع البرمجيات التعليمية، وليس مع أجهزة مكتبية، تزود في أحسن الأحوال بأقراص مضغوطة للألعاب والتسلية. هذا ما يجده الأطفال والشباب في مقاهي الأنترنت، وهم يدخلون الشبكة العنكبوتية. فعندما يجتهد الآخرون في اكتساب المعرفة بوسائل التكنولوجيا المتطورة، نلهو نحن بالخردة التي نشتريها دون فقه استعمالاتها وطرائق استخداماتها مثلما صممها أهلها، ومثلما يتطلبه عصر المعلومة. rouaba@hotmail.com نسخة للطباعة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)