الجزائر

المعذبون على طرقات بجاية: “بركات.. كرهنا.. أين السلطات؟!”



عجائز يحملن أغراضا ثقيلة ويسرن بخطوات متثاقلة.. مرضى حرموا من الراحة فواصلوا الطريق على عكازين.. شيوخ منهكون.. طلبة وعمال حائرون.. سائقون يغامرون على مسالك خطيرة.. شاحنات مصطفة وأصحابها بلا مأكل ولا مشرب.. مسؤولون غائبون وآخرون يتجولون.تلك هي أهم مشاهد العناء التي يتكبدها المواطن في بلاد العزة والكرامة، والتي يندى لها الجبين بعد ما عادت بكل قوة ظاهرة غلق الطرقات إلى الواجهة بولاية بجاية، هذه الأخيرة التي أضحت تصر على ما يبدو، من أجل المحافظة على لقبها في تحطيم الرقم القياسي في غلق الطرقات، وذلك بعد تراجعها الطفيف خلال الصائفة الفارطة.
وقد عاشت الولاية منذ بداية الأسبوع حصارا حقيقيا بعد ما امتدت الحركات الاحتجاجية لتشمل أغلب الطرقات الوطنية التي تمر على هذه الولاية بداية من الطريق الوطني رقم 9 الذي يربط عاصمة غلق الطرقات بالهضاب العليا والذي تم غلقه من طرف تلاميذ مطلبهم الوحيد توفير حافلات تقلهم إلى مدارسهم، وكذا الطريق الوطني رقم 12 الذي يربط بجاية بجبال جرجرة مرورا بغلق الطريق الوطني رقم 26 الذي يربط عاصمة غلق الطرقات بالجزائر العاصمة.
ولأن غلق الطرقات أصبح على ما يبدو، اللغة الوحيدة التي يفهمها المسؤولون بهذه الولاية، فقد أقدم أمس بعض المواطنين على غلق الطريق الوطني رقم 75 الذي يربط عاصمة الحماديين بولاية سطيف مرورا ببوعنداس، للمطالبة بتحسين ظروف معيشتهم.
كما أقدم أولياء تلاميذ مدرسة بوربعطاش بفناية على غلق الطريق الوطني رقم 12 الذي يربط بجاية بولاية تيزي وزو وذلك في مقطعه الرابط بين القصر وأدكار، للمطالبة باستخلاف معلمين لم يلتحقا بمناصبهما منذ الدخول المدرسي الحالي، الأمر الذي حرم أبناءهم من الدراسة كباقي التلاميذ.
ورغم شرعية المطالب المرفوعة من طرف المحتجين، إلا أن الطريقة التي رفعت بها هذه المطالب قد حولت يوميات مستعملي طرقات الولاية إلى جحيم جراء المعاناة الكبيرة التي يتكبدونها في كل مرة، وهي الوضعية التي بدأت ترهق العديد منهم، حيث صرح أحد المواطنين في هذا الصدد أنه على مسؤولي الولاية التحرك من أجل انهاء مسلسل غلق الطرقات بهذه الولاية جراء كثرة فصوله، وهي الفصول التي أثّرت سلبا على المواطنين الأبرياء الذي أضحوا يدفعون فاتورة تقاعس ولامبالاة المسؤولين.
فأين كانت مصالح مديرية التربية، وتلاميذ مدرسة بوربعطاش لم يستهلوا بعد دراستهم؟ أو إننا نتساءل أين السلطات الولائية وحتى المجلس الشعبي الولائي وثمة تلاميذ يضطرون إلى غلق الطريق للمطالبة بالنقل المدرسي حبا منهم للعلم؟ أو أننا نتساءل أين كان المسؤولون حينما أغلق مواطنون الطريق الوطني رقم 26 طوال يومين، مطالبين بوضع ممهلات على الطريق المذكور حماية لأرواح أبنائهم المتمدرسين؟ ولو طالبوا بممر علوي فكيف سيكون رد المسؤولين؟
وعبر العديد من المعذبين على طرقات بجاية عن نفاد صبرهم بالقول: “بركات، صايي كرهنا”، متسائلين في نفس الوقت “أين هي السلطات؟”.
نعم، أين هي السلطات التي من المفترض أن تحمي حقوق المواطنين، من بينها حق التنقل المكفول بموجب الدستور، نعم أين هي سلطات الولاية وقوانينها من مادتها ال112 إلى 118 تتحدث عن ضرورة سهر الوالي أثناء ممارسة مهامه وفي حدود اختصاصاته على حماية حقوق المواطنين وحرياتهم، كما يسهر الوالي على تنفيذ القوانين والتنظيمات وعلى احترام رموز الدولة وشعاراتها على إقليم الولاية، ويسهر الوالي على المحافظة على النظام والأمن والسلامة والسكينة العمومية، حيث يمكن للوالي، عندما تقتضي الظروف الاستثنائية أن يطلب تدخل قوات الشرطة والدرك الوطني المتواجدة على إقليم الولاية، عن طريق التسخير، والسؤال الذي يبقى مطروحا: كيف وصلت هذه الولاية إلى هذه الوضعية؟
هل يعرف الوالي بجاية جيدا؟
طالب والي بجاية، خلال اجتماعه أمس الأول، من المديرين التنفيذيين ورؤساء الدوائر والبلديات، بفتح قلوبهم للمواطن والعمل من أجل راحته.
لكن على ما يبدو أن الوالي الجديد للولاية لا يعرف الولاية جيدا، خاصة ما تعلق بالعقليات، وإلا كيف سيفتح رئيس بلدية أو دائرة ما قلبه للمواطن وهو الذي لم يفتح حتى باب مكتبه لاستقبال المواطنين أو حتى النزول إليهم للاطمئنان عليهم كما فعلها خلال الحملة الانتخابية.
من جهة أخرى، فقد خرج أمس والي الولاية من مكتبه، ليس من أجل التحاور مع المحتجين، ولكن باتجاه ورشة الطريق السريع الذي يربط بجاية بالطريق السيار، الأمر الذي أثار الاستياء لدى المواطنين الذين يتعذبون أمام مرآى السلطات.
والأكيد أن صبر المواطن قد وصل إلى حده، وذلك من دون لف ولا دوران، ما يتطلب تدخل الحكومة من أجل “إرغام” المسؤولين على المستوى المحلي بأداء عملهم الذي يتقاضون مقابله راتبا من الصنف الأعلى، وبالتالي الزامية متابعة المشاريع ومحاسبة المتقاعسين والمتلاعبين بمشاعر المواطن.
يغلقون طريقا وطنيا ليلا ونهارا من أجل “ممهل”
أقدم بعض المواطنين على غلق طريق بجاية – العاصمة على مدار يومين ليلا ونهارا، وذلك إلى غاية تنصيب ممهلات على الطريق المار بالمنطقة، ورغم أن الممهلات تعد من بين مطالب السكان، الا أن الطريق قد تم فتحه بمجرد الانتهاء من وضعها، والأغرب من ذلك أن تلك الممهلات قد وضعت على عجالة وبطريقة عشوائية، ما يعني أن معاناة مستعملي الطريق المذكور ستتواصل بشكل يومي وعلى مدار كامل أيام السنة، فأين ذهبت ثقافة الممرات العلوية والسفلية؟ يتساءل المواطنون.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)